أسامة مهدي: حسم رئيس حكومة تصريف الأعمال العراقية اليوم جدلاً وخلافات داخل هيئة الحشد الشعبي تفجرا إثر اختيار مليشيات موالية لإيران مؤخراً لاحد المقربين من قاسم سليماني رئيساً لأركان قوات الحشد من دون استشارة فصائل تشرف عليها المرجعية العليا للسيستاني والتي اعترضت على التعيين وعلى قضايا تنظيمية وادارية ومالية اخرى.

واليوم كشفت وثيقة موقعة من القائد العام للقوات المسلحة رئيس حكومة تصريف الاعمال عادل عبد المهدي وحصلت "إيلاف" على نسخة منها عن اصداره قرارا بفك ارتباط اربعة ألوية تابعة للمرجعية العليا لاية الله السيد علي السيستاني والتي يطلق عليها قوات العتبات من هيئة الحشد الشعبي وربطها بمكتب القائد العام اداريا وعملياتيا.

وجاء القرار لحسم الخلافات بين قيادات العتبات ورئاسة اركان الحشد التي اختير لها القيادي في "ابو فدك" المعروف بقربه من قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني الذي اغتالته طائرة مسيرة اميركية صحبة نائب رئيس هيئة الحشد ابو مهدي المهندس بصاروخ قرب مطار بغداد الدولي في الثالث من يناير الماضي أودى بحياتهما.

المحمداوي أبو فدك خلفا للمهندس رئيسا لاركان الحشد الشعبي في العراق

وعلمت "إيلاف" ان الألوية التي الحقها عبد المهدي بمكتب القائد العام للقوات المسلحة هي اللواء 2 (تشكيلات فرقة الإمام علي القتالية) واللواء 11 (العتبة الحسينية) واللواء 26 ( العتبة العباسية) ثم اللواء 44 (انصار المرجعية).

تصدع وخلافات

وجاء هذا القرار ليؤكد انه على الرغم من القوة التي تتمتع بها المليشيات الشيعية العراقية المسلحة المرتبطة بالحرس الثوري الإيراني والتي يطلق عليها "الفصائل الولائية" الا انها بدأت تعيش حالة من التصدع اثر هذا الانشقاق.

ومن الملاحظ ان نفوذ الفصائل الولائية كان قد تنامى وتوسع خلال فترة ترؤس عادل عبد المهدي للحكومة العراقية التي تولاها عام 2018 فأصبح لديها اعلام غير مقيد وجناح سياسي مشترك في البرلمان ومناصب حكومية هامة وتمويل ذاتي كبير بالإضافة إلى شبكة استثمارات داخلية وخارجية ولديها غطاء حكومي يوفر لها الحماية وعدم الملاحقة القضائية والأمنية.

لكن هذه المليشيات الولائية ومنها كتائب حزب الله وكتائب سيد الشهداء قد خسرت انسجامها مع القوى السياسية الشيعية بعد تكليف رئيس جهاز المخابرات مصطفى الكاظمي بتشكيل الحكومة الجديدة في التاسع من الشهر الحالي ما أدى إلى تفكك الإجماع السياسي الشيعي وكذلك شبه اجماع الفصائل الولائية على رفض قبول ترشيحه بسبب اتهامها له بالتواطؤ في قتل سليماني وهو أمر لم تتأكد صحته.

قرار عبد المهدي بفك ارتباط ألوية في الحشد بهيئتها والحاقها بمكتب لقائد العام للقوات المسلحة

كما انها خسرت انسجامها مع رئاسة هيئة الحشد الشعبي وقيادة قوات ألوية العتبات لمرجعية السيستاني وقيادة قوات سرايا السلام بقيادة مقتدى الصدر.

وأدى هذا الانقسام بين الفصائل المسلحة إلى خلق جبهتبن الاولى ولائية مرتبطة بإيران ومدفوعة من قبلها ترى الحل بالسلاح وانه ليس هناك المزيد من الوقت للسياسة او للدبلوماسية لإخراج القوات الاميركية.. والثانية التابعة للمرجعية ترى ان هناك وسائل دبلوماسية وقانونية يمكن اللجوء اليها للوصول إلى هذا الهدف قبل اتخاذ قرار الحرب واستخدام السلاح لإخراج.

وأدى هذا الانقسام إلى أنّ تقوم المليشيات الولائية مثل كتائب حزب الله العراق والنجباء وسيد الشهداء وجند الإمام والتي تتولى مهمات الاستخبارات والتحقيقات والإدارة والاشراف على مديرية إعلام الحشد بتحدي سلطة رئيس هيئة الحشد فالح الفياض وإختيار احد قادتها الذي كان مقربا من قاسم سليماني وهوعبد العزيز المحمداوي الملقب بأبو فدك القيادي في كتائب حزب الله العراقي بديلا لابو مهدي المهندس بالضد من اعتراض فصائل المرجعية الشيعية العليا حيث شاركت في اختياره مليشيات عصائب أهل الحق وكتائب حزب الله العراقية ومنظمة بدر ومستشارين من حزب الله اللبناني والحرس الثوري الإيراني.

تنامي المعارضة لأجندة إيران في العراق

وأدت هذه الخلافات إلى انّشقاق لواء أنصار المرجعية ولواء علي الأكبر وفرقة العباس القتالية وتشكيلات فرقة الإمام علي القتالية عن الحشد حيث تدير المرجعية الشيعية للسيستاني والعتبات الدينية لمراقد أئمة الشيعة هذه الفصائل بشكل مباشركما إنها جهزتها تسليحيا بشكل كامل وتستمر بدفع رواتب منتسبيها وتكاليف متطلباتها الاخرى.

وتعتقد مصادر عراقية تحدثت مع "إيلاف" ان فصل الالوية الاربعة التابعة للمرجعية عن الحشد يأتي في وقت حرج حيث التهديدات الاميركية متواصلة بضرب الفصائل الموالية لإيران والتي جاء خروج هذه الالوية من الحشد بمثابة اضعاف لقوته كما يؤكد تنامي المعارضة لاملاءات إيران واجندتها في العراق، والتي تمثل الحشود المليونية التي تخرج في شوارع العاصمة ومحافظات البلاد الشيعية منذ اكتوبر الماضي بمثابة استفتاء شعبي غير رسمي على رفض الهيمنة الإيرانية على العراق.