يوصي العديد من اليهود حول العالم، وبالرغم من انتشار فيروس كورونا المستجد، بدفنهم في الدولة العبرية، ويدفعون مبالغ باهظة لنقلهم ودفنهم في القدس، معتقدين أن ذلك يقلل من احتمالات تدنيس قبورهم.

توفي سيرج بوكوبساز (70 عاما) قبل بضعة أسابيع في إحدى ضواحي العاصمة الفرنسية باريس متأثرا بإصابته بفيروس كورونا، ولم ترغب عائلته في دفنه في أي مكان سوى القدس.

ونقلت العائلة جثمانه من فرنسا وسط صعوبات عدة قبل أن يوارى في مقبرة على جبل الزيتون المطل على البلدة القديمة في القدس التي تعتبر أقدس المواقع وفق العقيدة اليهودية.

وهيمنت على مراسم الجنازة تفاصيل زمن الفيروس المستجد، إذ لم يسمح إلا لشخص واحد بحضور تلك المراسم هو الحاخام شراغا دهان الذي يعيش في إسرائيل، والذي رافق حفاري القبور الذين ارتدوا ملابس معقمة وكمامات واقية.

يقول الحاخام دهان لوكالة فرانس برس "قمت بالمراسم عبر مكالمة فيديو ليتمكن الجميع من متابعة الدفن مباشرة".

ويضيف "كان الأمر غريبا جدا، شاهد البث مئات الأشخاص لكن على الأرض كنا نحو عشرة بمن فيهم طاقم الجنازة".

وفرغت اجواء إسرائيل التي أغلقت حدودها، من الطائرات باستثناء بعض الرحلات الجوية التجارية، ويمكن مشاهدة عدد من الطائرات على مدرج مطار "بن غوريون" بعضها يحمل نعوش اليهود الذي أوصوا بدفنهم في إسرائيل أو القدس.

وتدفع بعض العائلات مبالغ كبيرة مقابل نقل تلك الجثامين خلال الجائحة، وهو ما يؤكده مؤسس منظمة "زاكا" يهودا ميشي زهاف، المتخصصة في تسهيل اقامة الجنازات في إسرائيل.

يقول زهاف "اضطرت بعض العائلات إلى استئجار طائرات خاصة لجلب جثث أحبائها من الخارج ودفع مبالغ ضخمة".

ووفقا لزهاف، فإن عائلة يهودية دفعت مؤخرا 250 ألف دولار أميركي لنقل جثمان.

ويقول مؤسس المنظمة إن نحو 250 يهوديا أجنبيا نقلوا إلى إسرائيل منذ بدء انتشار الوباء سواء قضوا بسببه أو لا، وأنهم عادة ما ينقلون سنويا 1500 جثمان.

خطر التدنيس

تبلغ كلفة شراء قبر في مواقع القدس الرئيسية نحو 100 ألف شيكل ( 29 ألف دولار أميركي)، ويجب على اليهود المقيمين في الخارج حجز تلك المساحة.

ويرغب العديد من اليهود في أن يدفنوا في اسرائيل إذ يعتقدون أن قبورهم أقل عرضة للتدنيس على يد معادي السامية.

ويتخوف هؤلاء من خطر نقل رفاتهم بعد عقود بسبب نقص المساحة إذا ما دفنوا في مقبرة بلدية في بلدهم الأصلي.

ويضمن لهم الدفن في إسرائيل احترام الطقوس الجنائزية بشكل كامل خصوصا في مرحلة تفشي الفيروس.

وفي فرنسا، تم حظر غسل جثث الموتى موقتا لتجنب مخاطر التلوث المحتملة.

وهذا يعتبر أمرا غير ممكن بالنسبة لليهود المتدينين الذين يؤمنون بوجوب غسل جثثهم قبل لفها في الأكفان ودفنها.

وبحسب زهاف، تلقى المسؤولون والعاملون في خدمة الجنازات تدريبا خاصا يراعي القواعد الصحية.

ويوضح مسؤول الجنازات في فرنسا إيف سبورت أن الجثامين توضع في غطاءين صحيين لتجنب أي تلوث، بينما "يعتني منظمو الجنازات في إسرائيل بكل شي وفق القواعد الصحية المحلية".

سعر معقول

يقول سبورت لفرانس برس، إنه سهّل نقل نحو 50 جثمانا منذ بدء جائحة كوفيد -19 مقارنة بـ 150 جثمانا في الوضع الطبيعي.

وبحسب مسؤول الجنائز فإن كلفة العملية التي لم تتغير بسبب الجائحة، تبلغ 5000 يورو (نحو 5500 دولار).

ويشير سبورت إلى اضطرارهم لنقل الجثامين إلى بلجيكا قبل وضعها في طائرات الشحن، وذلك بسبب توقف حركة طيران شركة "العال" الإسرائيلية من المطارات الفرنسية المغلقة.

ويقتصر الطيران بين إسرائيل وبلجيكا على رحلتين أسبوعيا.

وأعلنت "العال" الأسبوع الماضي قرب استئناف مزيد من الرحلات المنتظمة ما سيسمح بدفن مزيد من الجثامين في إسرائيل.

وقالت الشرطة التي تتقاضى 3000 يورو لقاء عملية النقل، إنه من الضروري السماح "لأي عائلة ترغب في دفن شخص عزيز في إسرائيل بأن تفعل ذلك بطريقة محترمة وبسعر معقول".