أسامة مهدي: ضجت الاوساط الدينية والسياسية والاجتماعية العراقية اليوم رفضاً لرفع بعثة الاتحاد الأوروبي في العراق علم المثليين على مقرها وسط بغداد، وسط دعوات لطردها من البلاد واستدعاء سفرائها وعقد جلسة برلمانية طارئة لمناقشة "هذا التجاوز" على الدين الاسلامي والاعراف والتقاليد الاجتماعية.
فقد رفعت سفارة الاتحاد الأوروبي في العراق رسميا الأحد علم المثليين في مقر البعثة في بغداد لمناسبة اليوم العالمي لمناهضة رهاب المثلية في اجراء هو الاول من نوعه الذي يشهده العراق متجاهلا موقف الدين الاسلامي وعادات وتقاليد البلاد من هذه الظاهرة، الامر الذي اثار حملة رفض وادانة واسعتين عبرت عنها هيئات دينية واجتماعية وسياسية في بيانات وتصريحات تابعتها "إيلاف" اليوم.
وقالت بعثة الاتحاد في بغداد في تغريدة على حسابها بشبكة التواصل الاجتماعي أرفقت بصورة العلم "بالاشتراك مع السفارة الكندية والسفارة البريطانية في العراق ننضم اليوم في بغداد مع بعثات الاتحاد الاوروبي حول العالم في رفع علم قوس قزح للاحتفال باليوم العالمي لمناهضة رهاب المثلية والتحول الجنسي وتسليط الضوء على حقوق المثليين/ات ومتحولي/ات الجنس ومزدوجي/ات الجنس".
الحكيم يرفض
من جانبه، دان رئيس تيار الحكمة الوطني عمار الحكيم رفع بعثة الاتحاد الأوروبي في بغداد رفع علم المثليين بمقر بعثتها.
وقال الحكيم ان "قيام بعض السفارات في العراق برفع علم المثليين فضلا عن انه يمثل تجاوزاً سافراً على اعراف وتقاليد الشعب العراقي وعدم احترام هويته فإنه ازدراء وانتهاك لحرمة شهر رمضان المبارك الذي تكن له كل الاديان الاحترام".
وطالب السفارات التي شاركت في رفع العلم باحترام السياقات الدبلوماسية المتبعة بين الدول وعدم الخروج عن اللياقات والبروتوكولات المتفق عليها وخاصة تلك التي تمثل مساسا بمعتقدات واعراف البلدان المضيفة للبعثات".
اما زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر فقد دعا في تغريدة له الحكومة العراقية والبرلمان الى العمل الحثيث ومعاقبة المسؤولين عن التعدي على قوانين العراق وأعرافه وأديانه مطالبا بالرد الحازم تجاه ذلك.
ووصف الصدر تصرب يعثة الأوروبي "تصديرا للمعصية والالحاد والفاحشة والعادات السيئة من المجتمعات الغربية الماجنة الى مجتمعاتنا الاسلامية المحافظة". وقال "اننا نرى انهم عبارة عن مرضى نفسيين يحتاجون الى العلاج والهداية واننا لن نسمح بالتعدي على أسس الاديان السماوية كافة وليس الدين الاسلامي فحسب".
واضاف "لقد نهى أنبياء الله موسى وعيسى ومحمد صلوات الله عليهم أجمعين عن ذلك ونحن من السائرين على نهجهم ولن نسمح بأن تشيع الفواحش في مجتمعاتنا".. منوها "اننا ننتظر ما تقوم به الحكومة العراقية ازاء التعدي الصارخ على قوانين العراق واعرافه واديانه ونطالبها بالرد الحازم". وطالب البرلمان بالعمل الحثيث على معاقبة الفاعلين والسعي لاعتذارهم بأسرع وقت ممكن والحيلولة دون القيام به مجدداً".
وناشد الصدر سفارات العراق في الدول التي تبنت رفع علم المثليين في بغداد الى "رفع راية محمد رسول الله وعيسى روح الله وموسى كليم الله فوق السفارات والقنصليات هناك".
كما وجه ممثله الحوزوي والسياسي الى ارسال مذكرة احتجاج شديدة اللهجة الى ممثل الاتحاد الأوروبي في بغداد فوراً. وحذرالصدر قائلا "اذا سكتنا عن ذلك فسيكون الوباء جزاء يسيرا من البلاء فاتقوا الله ولا تفضحون".
رفض برلماني ودعوة الى جلسة طارئة
وعلى الفور رفض نائب رئيس مجلس النواب بشير الحداد ما قامت به بعثة الإتحاد الأوروبي في العراق من تصرف اكد انه غير مسؤول برفع علم المثليين والشواذ وبشكل رسمي في بغداد.
وطالب الحداد البعثات في البلاد الى احترام سيادة البلاد وقال"إن هذا التصرف تجاوز مرفوض للحدود وينافي قيمنا الدينية وأعرافنا الاجتماعية".
وشدد على عدم السماح "برفع علم الشواذ والمثليين على أرضنا، وندعو وزارة الخارجية والجهات المعنية لمتابعة القضية كما وجهنا لجنة العلاقات الخارجية والأوقاف واللجان المعنية باتخاذ الاجراءات اللازمة ضد هذا التصرف والذي هو استفزاز واضح لمشاعر الشعب العراقي وعلى البعثة إنزال العلم فوراً وتقديم إعتذار عن فعلتهم وعدم رفعه مرة أخرى".
كما دعت اللجنة البرلمانية للاوقاف والشؤون الدينية رئاسة مجلس النواب بعقد جلسة طارئة للرد على رفع علم المثليين بمقر بعثة الاتحاد الأوروبي.
واكد رئيس اللجنة حسين اليساري ادانة رفع علم المثليين في بغداد وطالب رئاسة مجلس النواب يعقد جلسة طارئة "للرد على هذه التصرفات المشينة واستدعاء سفراء الاتحاد الأوروبي لتقديم الاعتذار إلى أبناء الشعب العراقي".
ووصف المسؤول البرلماني تصرف بعثة الأوروبي بأنه "خطوة استفزازية تجاوزت الأعراف والتقاليد العربية والإسلامية رافضا محاولات إدخال الثقافات الدخيلة على الشعب العراقي و المنافية للأخلاق والدين.
وطالب اليساري "رئاسة مجلس النواب بعقد جلسة طارئة للرد على هذه التصرفات المشينة".. كما دعا "رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي الى أستدعاء سفراء الاتحاد الأوروبي في مقر البعثة وتقديم الاعتذار الرسمي الى الشعب العراقي والحكومة العراقية وأنزال هذا العلم المشؤوم".
رفع العلم إعلان حرب
كما اعتبر ديوان الوقف الشيعي تصرف بعثة الاتحاد الاوروبي في العراق اهانة لمشاعر العراقيين واستخفاف بعقائدهم وأخلاقهم المستمدة من الأديان السماوية.
وأضاف أن "مثل هذه السفارات والممثليات لها دور خاص محدد في القوانين والاتفاقات الدولية وليس نشر الرذيلة وترويج الشذوذ الأخلاقي جزءا من ذلك الدور المفترض لكننا نلاحظ اصرار تلك الدول على الاستهانة باخلاق البلد ودينه وثوابته الروحية وفي شهر مقدس دينيا وهو شهر رمضان المبارك وتجاوزها لحدود وظائفها القانونية مما يؤكد النوايا المبيتة والفاسدة لتلك الممثليات في المضي في مشروع افساد الأخلاق وتحطيم المثل".
واعتبر الوقف الشيعي هذا التصرف بأنه "إعلان حرب على شعبنا في مبادئه وأخلاقه وهي حرب أخطر بأضعاف المرات من الحروب العسكرية والاقتصادية الأمر الذي يتطلب رداً عاجلاً من الحكومة العراقية يتناسب مع فداحة هذا الاعتداء السافر وخطورته على هوية البلد القائمة على الطهر والاستقامة والشرف المستمد من تعاليم الاسلام وكافة الأديان السماوية".
دعوة وزارة الخارجية لمنع تجاوزات البعثات الاجنبية
ومن جهتها عدت لجنة العلاقات الخارجية النيابية رفع علم المثلية الجنسية تجاوزاً على القيم والاعراف الاجتماعية والعقائد الدينية للشعب العراقي.
ودعت اللجنة وزارة الخارجية "للقيام بدورها في منع اي تجاوزات أخرى تحدث في المستقبل من قبل البعثات الدبلوماسية العاملة في العراق".
كما اعتبرت كتلة دولة القانون النيابية برئاسة نوري المالكي رفع علم المثليين تجاوزاً على القيم والأعراف الاجتماعية والعقيدة الاسلامية التي يؤمن بها اكثرية الشعب العراقي والعقائد الدينية الاخرى".. وشددت على وزارة الخارجية بضرورة "القيام بدورها لمنع اي تجاوز في المستقبل".
كما طالبت الكتلة البعثات الدبلوماسية العاملة في العراق إلى احترام قيم وعقائد الشعب العراقي والابتعاد عن اثارة هذه الامور مستقبلا وبعكسه يتم غلق اي بعثة لا تحترم عملها ومهمتها الدبلوماسية وقيم واديان الشعب والدستور العراقيين".
المثلية في العراق
يشار إلى أن ىعثات الاتحاد الأوروبي في أنحاء العالم قد قررت رفع علم قوس قزح لإحياء اليوم العالمي لمناهضة رهاب المثلية والتحول الجنسي والذي يصادف 17 أيار مايو من كل عام حيث يسلط فيه الضوء على حقوق المثليين ومتحولي الجنس ومزدوجي الجنس.
وفي مثل هذا اليوم من عام 1990 أعلنت منظمة الصحة العالمية حذف المثلية الجنسية من قائمة الأمراض النفسية منهية بذلك أكثر من قرن من الزمان تم فيه اعتبارها حالة مرضية ما جعل المجتمع الدولي يعتبر ذلك التاريخ من كل عام يوما عالميا لمناهضة رهاب المثلية الجنسية والتحوّل الجنسي.
يذكر أن الأشخاص من المثلييين ومزدوجي التوجه الجنسي والمتحولين جنسيا في العراق يواجهون تحديات قانونية واجتماعية لا يواجهها غيرهم من المغايرين جنسيا ولا يسمح للرجال المثليين بالخدمة بشكل علني في الجيش ويعتبر كل زواج المثليين والشراكات المنزلية غير قانونية مثل زواج المثليين والاتحادات المدنية والشراكات المنزلية غير قانونية ولا يتمتع الأشخاص المثليون بالحماية القانونية ضد التمييز وكثيراً ما يقعون ضحايا لجرائم عدوانية وجرائم الشرف.
وتشير احصاءات الى ان 31٪ من الانتهاكات ضد المثليين في العراق تقع من قبل الميليشيات المسلحة و27٪ من أفراد الأسرة و22٪ من قبل الحكومة و10٪من قبل تنظيم داعش و10%من قبل آخرين.
وتوضح أن ما يقرب من النصف من أعمال العنف ضد المثليين تحدث في مناطق وسط العراق و32 % في أقليم كردستان العراق و26 % في جنوب البلاد.
التعليقات