هل كان حادثا أم عملا تخريبيا قام به إسرائيل؟ تسببت حادثة غامضة وقعت في أولى ساعات الثاني من يوليو بأضرار بالغة في أحد مباني مجمّع نطنز النووي في إيران وأثارت تكهّنات بشأن الأسباب.

وجاء الحادث في نهاية أسبوع شهد انفجارين في طهران، أحدهما قرب موقع عسكري. وقال مسؤولون إن الانفجارين كانا حادثين، لكن العديد من الإيرانيين يشتبهون بأنهما كانا نتيجة عمليتين إسرائيليتين سريّتين.

وتتهم إسرائيل والولايات المتحدة إيران بمحاولة تطوير قنبلة ذرية، وهو أمر لطالما نفته الجمهورية الإسلامية، وسبق أن استهدفتا منشآت نووية إيرانية في الماضي.

في ما يلي ملخّص لما نعرفه حتى الآن عن حادثة نطنز:

ما هي طبيعة المبنى؟

أعلنت منظمة الطاقة الذرية الإيرانية في بيان غامض صدر بعد ساعات أن "حادثة" تسببت بأضرار في مستودعات قيد الإنشاء في موقع نطنز (نحو 250 كلم جنوب طهران).

وأكد المتحدث باسم المنظمة بهروز كمالوندي للتلفزيون الرسمي عدم سقوط أي ضحايا وعدم وجود "مواد نووية (في الموقع) أو احتمال حدوث تلوث بيئي".

ونشرت المنظمة صورة تظهر المبنى المتضرر، وهو عبارة عن بناء من الطوب من طابق واحد فيه بعض الفتحات، ويظهر جزء من جداره الخارجي متفحّما جرّاء حريق وقسم من سقفه منهارا بينما تبدو الأبواب وكأنها انفجرت من الداخل.

وبثّ التلفزيون الرسمي عدة صور من خارج المبنى لكن دون أي لقطات من داخله.

ومساء الأحد، أقرّ كمالوندي لوكالة "إرنا" الرسمية أن الحادثة تسببت بـ"أضرار مادية جسيمة"، دون الكشف عن مزيد من التفاصيل.

لكنه أوضح أن المبنى المتضرر كان مصمما لتصنيع "أجهزة طرد مركزي متطوّرة"، ملمحا إلى أن عملية تجميعها كانت بدأت قبل "الحادث".

ما هو مجمّع نطنز النووي؟

يعد المجمّع أساسيا بالنسبة لبرنامج إيران النووي ويخضع لإجراءات أمنية مشددة.

وبموجب بنود اتفاقها الذي أبرمته عام 2015 مع القوى الكبرى، وافقت طهران على وضع سقف لعمليات تخصيب اليورانيوم التي تقوم بها -- والتي تقاس بوجود نظير اليورانيوم المشع (يورانيوم-235) -- عند 3,67 في المئة.

كما حدد الاتفاق النووي عدد أجهزة الطرد المركزي من الجيل الأول لتخصيب اليورانيوم عند 5060.

لكن بعد عام على انسحاب واشنطن بشكل أحادي من الاتفاق وإعادة فرضها عقوبات قاسية على طهران، بدأت الجمهورية الإسلامية التخلي تدريجيا عن التزاماتها.

ومنذ منتصف العام 2019، رفعت إنتاجها من اليورانيوم المخصّب إلى 4,5 بالمئة -- وهي نسبة تستخدم في المفاعلات لكنها أقل بكثير من المستوى الضروري للاستخدامات العسكرية وقدره 90 في المئة.

كما أعلنت طهران أنها تعمل على تطوير أجهزة طرد مركزي أكثر فعالية ودون حدود.

حادث أم عمل تخريبي؟

والجمعة، أعلن المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني أنه تم تحديد "أسباب الحادث" في نطنز "بدقة". لكنه امتنع عن نشر تفاصيل "لأسباب أمنية".

ويذكر أن "إرنا" نشرت مقالا مساء الثاني من يوليو حذّرت فيه خصوم إيران من القيام بأعمال معادية، مشيرة إلى أن حسابات إسرائيلية على مواقع التواصل الاجتماعي ذكرت أن الدولة العبرية تقف خلف الحادثة.

وحذّر المقال إسرائيل والولايات المتحدة من أي هجوم على "أمن" و"مصالح" إيران.

وجاء في حساب على تويتر مرتبط بمحلل إسرائيلي بتاريخ 1 يوليو أن إسرائيل هاجمت محطة إيرانية لتخصيب اليورانيوم.

وذكرت خدمة شبكة "بي بي سي" الفارسية، والتي تعتبرها السلطات الإيرانية معادية، أنها تلقّت بيانا "قبل ساعات" على الحادثة من مجموعة تطلق على نفسها "الفهود الوطنية" أعلنت مسؤوليتها عن الحادث.

وعرّفت الجماعة عن نفسها بأنها مجموعة من "المعارضين ضمن أجهزة الأمن الإيرانية" وذكرت أنه تم استهداف الموقع نظرا لأنه ليس "تحت الأرض" وبالتالي لا يمكن للجمهورية الإسلامية نفي وقوع الهجوم المفترض.

وقال رئيس منظمة الدفاع المدني الإيرانية العميد غلام رضا جلالي للتلفزيون الرسمي ليل الخميس أن أي هجوم إلكتروني يتم إثباته ضد إيران سيقابل "برد".

بدوره، بدا وزير الدفاع ورئيس الوزراء الإسرائيلي بالإنابة بيني غانتس غامضا حيال الأحداث.

وقال الأحد إن "إيران تهدف (لتطوير أسلحة) نووية، لا يمكننا تركها تحقق ذلك". لكنه أضاف "ليس بالضرورة أن يكون كل حدث يجري في إيران مرتبط بنا".