معتوق وحسين بيطار

معتوق وحسين بيطار (BBC)

تبدو علائم الشيخوخة على الحاج (الزمزمي) معتوق وشقيقه حسين الذي يشاركه المهنة نفسها غير أن ذاكرتهما لا تزال شابة تحمل في طياتها الكثير والكثير من ذكريات هذه المهنة التي قال إنها "مهنة شرف وأمانة".

يقول معتوق وقد جلس على أريكة وحوله منمنمات وصور ونماذج من أدوات مهنة الزمزمة التي استخدمت لعقود طويلة قبل دخول شركات التعبئة الحديثة على خط توزيع ماء زمزم "ورثنا المهنة أباً عن جد ونحن حريصان على توريثها لأبنائنا وأحفادنا".

ويضيف في مقابلتهما مع بي بي سي عربي: "هي مهنة شرف لأن السقاية كانت موجودة منذ أيام قريش وأسندها الرسول للعباس بن عبدالمطلب حين كانت مكة شحيحة الماء، ومهنة أمانة لأننا نقدم أشرف ماء في الدنيا لضيوف الرحمن الذين يتهافتون على قطرة من ماء زمزم".

عمل معتوق وحسين في شبابها مطوفين بجانب الزمزمة وكان لكل منهما خلوة في الحرم كباقي الزمازمة.

ويقول حسين "الخلوة كان بها أزيار لحفظ ماء زمزم الذي كان ينقل إليها يوميا من بئر زمزم وكان يقدم للحجيج في دوارق مبخرة بالمستكاء ".

ويضيف "الزمزمي كان أيضا يقوم بتنظيم دخول المصلين والحجيج ويبدأ عمله من صلاة العصر وحتى صلاة العشاء ثم يعود إلى بيته بعد صلاة العشاء ثم يعود قبل صلاة الصبح ليأخذ الزوار الراغبين الى زيارة بئر زمزم."

الشقيقان ورثا مهنة سقاية الحجيج أباً عن جد

الشقيقان ورثا مهنة سقاية الحجيج أباً عن جد (BBC)

مكتب الزمازمة الموحد

تم انشاء المكتب الموحد للزمازمة قبل نحو 40 عاماً وأسندت سقاية الحجيج لشركات تقوم على النشاط داخل الحرم المكي بينما سمح للزمازمة التقليديين بالعمل خارج الحرم المكي في أماكن الإقامة ووسائل الانتقال والمشاعر الأخرى.

يقول حسين أن ذلك ساهم إلى حد كبير في تنظيم عملهم لاسيما أنه كان نشاطاً انفرادياً في السابق. وأضاف أن والدهما كان عضوا في أول مجلس إدارة في هذا المكتب الذي قام لاحقا بتكليف شركات بتعبئة ماء زمزم في عبوات مختلفة الأحجام ليتم توزيعها على الحجيج بدلا من دوارق وأكواب السقاية التقليدية.

يرى معتوق أن تعبئة ماء زمزم في عبوات ساهم كثيرا في تجنب أي تلوث للماء ومن ثم حافظ كثيرا على صحة الزوار.

متحف أدوات السقاية
يحتفظ معتوق وحسين في منزلهما بنماذج من أدوات السقاية التي استخدماها منذ بداية عملهما فيالمهنة.

المتحف المنزلي الصغير يحوى عدداً من الجِرار والدوارق والكؤوس والأحواض الفخارية ومنمنات الساقي باللباس التقليدي المكي وحامل خشبي لصحيفتين معدنيتين وطاسات معدنية للشرب مزركشة برسوم مميزة .

يحتفظ الشقيقان بنماذج من ادوات السقاية التي استخدماها منذ بداية عملهما

يحتفظ الشقيقان بنماذج من ادوات السقاية التي استخدماها منذ بداية عملهما (BBC)

يتذكر معتوق أن بيتهم في الماضي كان قريبا من الحرم المكي فكانت فرصة له ولأقرانه لمذاكرة دروسهم مع أداء الصلاة وكان ذلك طقسا يوميا خلال فترة الدراسة من العصر إلى ما بعد الفجر.

ويعتبر حسين حادثة جيهمان العتيبي واحتجازه للحجيج في الحرم المكي في موسم عام 1979 انتهاء بمقتل العديد من المهاجمين والحجاج الأكثر بشاعة.

يقول "كان حادثا بشعا ألا يرفع الأذان أو تقام الصلاة لمدة 19 يوما في الحرم المكي... بعد تطهير (القضاء على المهاجمين المسلحين) الحرم، شعرنا نحن المكيين أننا ولدنا من جديد".

توقف مؤقت في ظل كورونا
توقف حسين ومعتوق والزمازمة عن ممارسة عملهم التطوعي منذ مارس الماضي عندما قررت السلطات السعودية إغلاق المشاعر المقدسة لاسيما الحرم المكي والنبوي بسبب وباء كورونا قبل فتح جزئي للمشاعر والحرمين في يونيو.

ثم جاء قرار المملكة بقصر موسم الحج هذا العام على الداخل السعودي ليزيد من ألم الرجلين بالحرمان من تقديم ماء زمزم للحجيج مع زيادة اجراءات الوقاية وقصر توزيع ماء زمزم على العبوات المعبأة سلفا وعبر نظام صارم لضمان عدم انتقال العدوى.

يقول الشقيقان إنهما مع قرار السلطات تقليل عدد الحجيج هذا العام حماية للزوار ويأملون أن تزول "الغمة" قريبا ويعود للحجاج من الخارج والداخل للحرمين بأعداد كثيفة كما في السابق.

رغم مشاهد خلو الحرم المكي من المصلين إلا من عدد قليل، يقول معتوق إنه لا يرى الحرم خاليا "في إحساسي لا أرى الحرم فارغا، الأذان والصلاة لم تنقطعا، والملائكة تطوف حول البيت (الكعبة) دون توقف ليل نهار".

وقررت السلطات السعودية في يونيو الماضي تقليل عدد الحجيج هذا الموسم لأقل من 10 آلاف حاج وقصر أداء المناسك على حجاج الداخل السعودي من السعوديين والجنسيات الأخرى.

وجاء القرار السعودي في ظل إجراءات المملكة التي زارها مليونان ونصف المليون حاج في موسم الحج العام الماضي للوقاية من تفشي وباء كورونا.