ايلاف من لندن: طغت شعارات التظاهرات العراقية وصور ضحاياها من الشباب وكلمات المجالس الحسينية ضد الطبقة السياسية الفاسدة على مراسيم احياء يوم عاشوراء في البلاد الاحد، والتي غاب عنها السياسيون وسط اجواء انتشار جائحة كورونا.
وشهدت مدينة كربلاء (110 كم جنوب بغداد) اليوم الاخير من ايام العشرة الاولى من محرم احياء الاف العراقيين ليوم عاشوراء ذكرى مقتل الامام الحسين بن علي بن ابي طالب في غياب ملايين المشاركين من المسلمين الشيعة من دول اخرى خاصة ايران وافغانستان وبعض دول الخليج بسبب جائحة كورونا التي الزمت المشاركين العراقيين هذا العام بإجراءات صحية حذرة والتباعد في ما بينهم.. فيما لم يشهد عاشوراء العام الحالي اي خروقات امنية او تفجيرات تستهدف المشاركين فيه كما حصل خلال الاعوام الماضية.

فيديو موكب عزاء ثوار تشرين في عاشوراء كربلاء:

وعلى امتداد الايام العشرة الاولى من المراسيم التي بلغت ذروتها الاحد فقد كانت مسيرات متظاهري "ثورة تشرين" ظاهرة في عواصم المحافظات العراقية التي تجمعت في كربلاء أخيرا حيث مرقد الامام الحسين وهي تحمل مطالب المتظاهرين وصور ضحاياهم الذين ذهبوا ضحية رصاص المليشيات الموالية لايران، كما اشارت بعض يافطات المشاركين.
كما شهدت المراسيم هتافات المشاركين ضد "سلطة الاحزاب الفاسد" وكذلك الانتقادات الواسعة للاحزاب ومليشياتها والتعبير عن مختلف الأوضاع السياسية والأمنية والاقتصادية الصعبة التي يمر بها العراق وكذلك المطالب بحل أزمة البطالة وسوء الخدمات وانتشار الفساد في مؤسسات الدولة وغيرها.
وقد لاحظت "ايلاف" غياب السياسيين والبرلمانيين عن مراسيم العام الحالي، حيث اعتادوا المشاركة فيها خلال الاعوام السابقة في محاولة لدغدغة مشاعر العراقيين الناقمين عليهم .. لكن المراسيم تميزت بمشاركة المئات من أبناء منطقة الاعظمية السنية في بغداد بعزاء عاشوراء مع الشيعة في منطقة الكاظمية المقابلة لها عبر نهر دجلة.
وكانت احتجاجات شعبية مليونية قد تفجرت في العراق في الاول من اكتوبر عام 2019 ضد فساد الطبقة السياسية وفقدان الخدمات العامة الضرورية وللمطالبة بفرص عمل ورفض الهيمنة الايرانية على شؤون العراق وادت الى مصرع 560 متظاهرا واصابة اكثر من 20 الفا آخرين، بحسب ارقام رسمية .

تحولات حساسة وخطيرة
وليلة عاشوراء مساء السبت حضر رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي مجلس عزاء عاشوراء في مكتب رئيس تيار الحكمة في بغداد عمار الحكيم .
وقبل ذلك اكد ان حكومته قد شرعت بالفعل في أولى خطوات ردّ الخروقات في حقوق الإنسان التي شهدتها تظاهرات تشرين وذلك بإجراء حصر دقيق للضحايا من الشهداء والمصابين، كما انها ماضية في الإجراءات القانونية في هذا المجال.
واضاف خلال اجتماعه مع رئيس المفوضية العليا لحقوق الإنسان وأعضاء مجلسها
إن المفوضية الى جانب المؤسسات التشريعية والتنفيذية الأخرى مدعوّة الى تشكيل لجنة لتقصّي الحقائق للوقوف بكل استقلالية على ما حصل في تلك الأحداث.
واعتبر أن أي تراجع في مكاسب حقوق الإنسان في العراق هو إشارة خطيرة.. وقال إن الحكومة تعمل على استدامة التوصيف الدستوري لحقوق الإنسان و تحقيقه، كما تعد هذا الأمر من صميم واجباتها والتزاماتها تجاه الشعب. وزاد "إننا ننظر بحزن وغضب لأي تجاوز قد يحدث هنا أو هناك تجاه حقوق الإنسان العراقي وإن الواجب الأول لأي حكومة هو الدفاع عن حقوق المواطن وكرامته".
ومن جانبه، وجه الرئيس العراقي برهم صالح مساء السبت كلمة عزاء للمسلمين في العراق والعالم في هذه المناسبة وقال إن الإمام الحسين كان وما زال وسيظَل خالداً بمشروعه الإصلاحي وإنسانيته.. مشيرا الى انه رمز للتحرر والتعايش السلمي والتصالح مع الذات فهو جامع الجميع ولا يقف عند مذهب أو طائفة أو قومية وقد تحولَ من شخصية ثائرة إلى شاخص لكل الثوار، ومن إنسان مؤمن إلى رمزٍ للإيمان ومن رجل مصلح إلى رمز للإصلاح.
واضاف أن العراق اليوم يعيش مرحلة تحولات حساسة وخطيرة، فالعراقيون بعد معاناة طويلة وحرمان مديد يتطلعون إلى العدالة وسيادة القانون وإنهاء الفساد وتأمين الحياة الحرة الكريمة ويتطلعون إلى ترسيخ مرجعية الدولة المقتدرة ذات السيادة الكاملة وغير المنقوصة والمحتكمة إلى الدستور والقانون.
وشدد على ضرورة تلبية الاستحقاق الوطني في الإصلاح، وذلك من خلال الاحتكام إلى الشعب في انتخابات مبكرة قال انها يجب أن تكون في أجواء تسودُها الثقة بعيداً عن التلاعب والتزوير، وهو ما يتطلب توفير المستلزمات الفنية والقانونية لتطمين العراقيين بنزاهتها وصدقها، و تمکینهم من ممارسة حقهم الدستوري في تقرير مصير بلدهم و انتخاب نوابهم وحكومتهم بعيداً عن كل قيمومة أو تدخل أو تلاعب.
يشار الى انه في العاشر من محرم وقعت مأساة الطف، حيث قتل جيش الخليفة الاموي يزيد بن معاوية الامام الحسين مع عشرات من افراد عائلته عام 61 للهجرة المصادف 680 ميلادية في اكثر الاحداث مأساوية في تاريخ المسلمين. ولذلك تعد زيارة كربلاء خلال عاشوراء من ابرز المناسبات الدينية حيث يصل الى العراق ملايين المسلمين الشيعة للمشاركة في مراسيم الزيارة التي تجري في مدينة كربلاء حيث مرقد الامام اضافة الى مشاركة ملايين العراقيين الذين يصلون الى المدينة سيرا على الاقدام قادمين من مختلف مناطق البلاد وهو ما لم تشهده مناسبة العام الحالي بسبب وباء كورونا الذي اصاب 220 الف عراقي، وادى الى وفيات تقترب من السبعة الاف حالة.