ايلاف من الرياض: عبد المحسن الضبعان مخرج وكاتب سعودي، بدأ حياته عضواً في مجموعة سينمائية لإنتاج الأفلام السعودية (مجموعة تلاشي)، التي خرجت العديد من صناع السينما السعوديين، على رأسهم فهد الاسطا وحسام الحلوة ومحمد الحمود.

أخرج الضبعان عددا ً من الأفلام القصيرة، وشارك في العديد من المهرجانات السينمائية، وقدم للتلفزيون مسلسله "42 يوم"، بعد ذلك قام بإخراج فيلمه الروائي الطويل الأول "آخر زيارة؛، الذي عُرِضَ في مهرجان "كارلوفي فاري" في تشيكيا كأول فيلم عربي يشارك بمسابقة شرق الغرب، ونافس في المسابقة الرسمية في الدورة 68 لمهرجان منهايم - هايدلبرغ الألماني الدولي السنوي والمتخصص بأفلام الآرت هاوس، إضافة لمشاركته في مهرجان مراكش الدولي وفوزه بجائزة لجنة التحكيم.

عرض الفيلم مؤخراً في مهرجان جيفوني السينمائي الدولي إضافة لمهرجان عمّان السينمائي، ولولا جائحة كورونا المستجد، لعرض الفيلم في العديد من المهرجانات السينمائية.

عن الفيلم وصناعة السينما التقت ايلاف بالمخرج الضبعان وكان هذا الحوار:

عرف عن بعض صناع الأفلام السعودية اختيار الطريق السهل واختيار المواضيع السعودية المعتاد طرحها، كقضايا المرأة أو الصحوة والتطرف الديني. لماذا قدمت موضوعا ً اجتماعيا ً بحتا؟

السينما التي أفهمها ذات طابع كوني عالمي انساني، لا تقتصر على تصوير واقع محدود أو تتناول قضية أو معضلة اجتماعية بحثا لها عن حلول. قد تكون هذه إحدى الوظائف التي يفضلها بعض الفنانين، ويحبون أن يوظفوها في أعمالهم، لكنها في الحقيقة لا تشغلني... أكثر ما يشغلني بطبيعة الحال هو مساءلة هذا الواقع لا تصويره أو نقله كما هو فقط، ولا يشغلني عملية إصلاحه أو انتقاده.

إنها التجربة الأولى لك في الفيلم الطويل ومع ذلك حصدت جائزة التحكيم في مهرجان مراكش. أكنت تشعر أثناء تصوير الفيلم أنه سيحقق نجاحاً معيناً؟

تكمن أهمية الجوائز في أنها تسلط الضوء على الفيلم اكثر من اي عامل اخر. شخصيا واثناء التصوير كان اكثر ما يشغلني أن أنقل الفيلم كما اريد، وكما اتصور، وكما خططت مع فريق العمل.

ما لذي جذبك في النص؟

لا يمكنني تحديد سبب معين، لكني أعتقد من خلال النقاشات مع الأصدقاء والكاتب فهد الاسطا، وهو من أعز أصدقائي، وهذه النقاشات تأخذ السينما والفنون الحيز الأكبر منها، تليها الأحاديث الخاصة، لا سيما موضوع علاقاتنا بالآخرين.

بداية وشرارة الفكرة كانت من خلال فهد، وتحديداً من خلال طرحه لسؤال: ماذا لو وجد فتى مراهق نفسه برحلة مع والده وهو لا يرغب بذلك، ومن لحظة الانطلاقة تلك بدأت رحلتنا في كتابة هذه الحكاية.

سبق أن قلت إن أكثر ما أسعدك من خلال عرض الفيلم في تشيكيا ومراكش الجدل الذي سببه الفيلم، وليس المديح أو الثناء. كيف تفسر ذلك؟

كل تجربة فيلمية هي عرضة للنقد او الثناء، او الاثنين معاً. لكن اكثر ما ينتظره أي صانع فيلم هي قدرة عمله على التأثير في المشاهدين. هذا التأثير بطبيعة الحال يخلق حالة جدل على تفاوتها احياناً، خصوصاً تلك الاعمال التي، وان كانت تعكس خصوصية مجتمع من المجتمعات، الا إن الاطار الإنساني هو الجوهري فيما يتعلق بمعالجة القضايا الاجتماعية. إن الفنان الذي لا ينطلق من هذا الإطار سيكون تناوله لقضايا مجتمعه فارغاً من المعنى الأهم للفن، وهو الانسان ووجوده في الحياة... هذا لا يعني محاكاة الحياة بشكل دقيق، لأنها أمر صعب جداً، فلا يوجد فن قادر على نقل تفاصيل حياتنا كما هي (ولا حتى الأفلام الوثائقية أو التسجيلية). إذن، الأمر يتطلب قدرة الفنان نفسه على قول ما يريد قوله من خلال موضوع فيلمه وزاوية النظر التي لا بد أن تحكم هذا الشيء هي القيم الإنسانية التي هي المشترك بيننا كبشر.

شارك الفيلم في مهرجانات مهمة كمهرجان كارلوفي فاري في عرض الأول. كيف تنظر إلى ذلك؟

أسعدتني هذه المشاركة جداً، وشعرت أننا حققنا إنجازاً يحسب للسينما السعودية، كونه اول فيلم عربي يشارك في مسابقة (شرق الغرب) المخصصة للاعمال الاولى للمخرجين والاصوات الجديدة في السينما. ولولا جائحة كورونا المستجد، لشارك الفيلم في العديد من المهرجانات في ألمانيا ومصر وفرنسا، وكان من بينها بكل تأكيد مهرجانين عزيزين علي، هما البحر الاحمر بجدة ومهرجان افلام السعودية بالدمام، لكن كارثة كورونا شلت العالم كله، وليس الحراك الفني والسينمائي فقط. والخبر الجيد أن هناك خطة لبدء عرضه قبل نهاية العام بشكل تجاري، ويهمني جداً مشاهدة انطباعات الجمهور حول هذا الفيلم.