موسكو: أكد رئيس بيلاروسيا ألكسندر لوكاشنكو الإثنين خلال لقائه نظيره الروسي فلاديمير بوتين أنه يعتزم تعديل دستور البلاد، وذلك في إطار اقتراح لحل الأزمة السياسية في بيلاروسيا، في حين وعد سيّد الكرملين الزعيم البيلاروسي بتقديم دعم اقتصادي لمينسك.

وكشف الكرملين أن تعديل الدستور الذي طرحه لوكاشنكو هو الاقتراح الوحيد الذي قدّمته مينسك لحل الأزمة السياسية، وقد جاء عقب لقاء ثنائي استمر أكثر من أربع ساعات جمعه مع بوتين في سوتشي في جنوب روسيا.

من جهته وعد بوتين نظيره البيلاروسي بدعمه اقتصاديا فيما تعهّد الأخير بتعزيز العلاقات مع موسكو.

وشكر لوكاشنكو لبوتين دعمه متعهّدا بتعزيز الروابط الوثيقة مع موسكو "الشقيق الأكبر"، وذلك خلال محادثات ثنائية أجراها مع الرئيس الروسي في مقر إقامته في سوتشي الواقعة على البحر الأسود.

وهذه هي الزيارة الخارجية الأولى التي يجريها الرئيس البيلاروسي منذ فوزه في انتخابات التاسع من آب/أغسطس الرئاسية المتنازع حول نتائجها، والتي دفعت معارضيه إلى تنظيم احتجاجات حاشدة ضد نظامه وآخرها في مينسك الأحد بمشاركة عشرات آلاف المتظاهرين.

وبدا بوتين داعما لمستقبل لوكاشنكو السياسي، وقد نوّه بمشاريع لتعديل الدستور طرحتها السلطات البيلاروسية لإرضاء المعارضة.

وقال الرئيس الروسي في مؤتمر متلفز مشترك مع نظيره البيلاروسي إنه "واثق نظرا لخبرتكم" أنه من شأن هذا الأمر أن "يتيح تطوير النظام السياسي للبلاد نحو آفاق جديدة".

كذلك عرض بوتين تقديم دعم اقتصادي قائلا إن روسيا ستمنح بيلاروسيا قرضاً حكومياً قدره 1,5 مليار دولار، داعيا إلى تعزيز التبادل التجاري بين البلدين.

وقال بوتين إنه يتعين على البيلاروسيين "أن يعالجوا الوضع بأنفسهم، بهدوء وبالحوار بين بعضهم البعض من دون تدخلات وضغوط من الخارج".

وكان بوتين قد أعلن الشهر الماضي أن روسيا شكّلت احتياطيا من قوات إنفاذ القانون للمساعدة في ضمان الأمن في بيلاروسيا، وقد كرر الإثنين أن موسكو "تلتزم الوفاء بكل واجباتها" المنصوص عليها في التحالف العسكري لدول الاتحاد السوفياتي السابق.

وشكر لوكاشنكو لبوتين "لياقته وإنسانيته الكبيرتين" وقال إن على بيلاروسيا "تعزيز التقارب مع شقيقنا الأكبر والتعاون في كل المسائل".

وبعدما أكد مرارا أن الأزمة التي تشهدها بلاده صنيعة لاعبين خارجيين، وجّه لوكاشنكو انتقادات للمناورات العسكرية في دول حلف شمال الأطلسي قرب حدود بلاده، وقال إن روسيا وبيلاروسيا ستجهزان جيشيهما لمقاومة أي تهديد.

ووصل لوكاشنكو إلى روسيا غداة تحرك احتجاجي جديد ضد نظامه اعتقلت خلاله الشرطة أكثر من 500 متظاهر في مينسك.

ودانت المعارضة البيلاروسية سفيتلانا تيخانوفسكايا التي أعلنت فوزها في الانتخابات الرئاسية تفاوض بوتين مع "لوكاشنكو الفاقد للشرعية".

وجاء في بيان أصدرته تيخانوفسكايا التي لجأت إلى ليتوانيا "يؤسفني حقا أنكم قرّرتم إجراء حوار مع مغتصب للسلطة وليس مع الشعب البيلاروسي".

والإثنين وصف لوكاشنكو الاحتجاجات في بيلاروسيا بأنها "درس خطير للغاية"، إلا أنه أمل أن يكون هذا الدرس قد "تم تخطيه".

وفي حين استدعى قمعه العنيف للمتظاهرين إدانات دولية وعقوبات، أبدت روسيا تمسّكها بحليفها.

وهنّأ بوتين نظيره البيلاروسي بعد الانتخابات وقد أجرى الرئيسان اتصالات متبادلة مع تفعيل روسيا في الأسابيع الأخيرة التواصل السياسي والعسكري.

ومع تراجع التأييد للوكاشنكو الذي يحكم بيلاروس منذ 26 عاما، دعت روسيا إلى تعزيز الاندماج علما أن أيا من الزعيمين لم يتحدّث عن خطوات ملموسة على هذا الصعيد.

ولطالما نادى بوتين بوحدة كاملة مع بيلاروسيا، وهو ما يستبعده لوكاشنكو إلى حد الآن.

وروسيا أكبر بأشواط من بيلاروسيا البالغ عدد سكانها نحو 9,5 ملايين نسمة، وهي تمدّها بالنفط بأسعار متهاودة. وتتمتع بيلاروسيا بموقع استراتيجي بالنسبة لروسيا وهي تعد بمثابة منطقة عازلة لها إذ يحدّها غربا الاتحاد الأوروبي ودول حلف شمال الأطلسي.

ويقيم البلدان علاقات وثيقة ضمن "دولة اتحادية" وروابط عسكرية واقتصادية وثيقة، وبقيت حدودهما مفتوحة إلى أن تفشى فيروس كورونا.

وعلى الرغم من تركيز احتجاجات المعارضة على القضايا الداخلية، إلا أن محتجين طالبوا لوكاشنكو الأحد في تظاهرة حاشدة بـ"عدم بيع البلاد".

وبلغ عدد الأشخاص الذين أوقفتهم الشرطة منذ انطلاق الحركة الاحتجاجية نحو سبعة آلاف، فيما قضى ثلاثة أشخاص في الشارع أو خلال وجودهم قيد التوقيف، وقد أبلغ موقوفون عن تعرّضهم للضرب والتعذيب.

والإثنين دعت مفوّضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان ميشيل باشليه إلى التحقيق في جميع التقارير الواردة عن سوء معاملة الموقوفين ومحاكمة مرتكبيها.