قال الرئيس العراقي أمام الأمم المتحدة إن العراق مستمر في محاربة الإرهاب والفساد، ودعا إلى تأليف تحالف دولي لمحاربة الفساد في العالم، والمساهمة في إبعاد كأس الإرهاب المرة عن بلاده.

إيلاف من لندن: دعا الرئيس العراقي برهم صالح الأربعاء، في كلمة أمام جلسة افتراضية للجمعية العامة للامم المتحدة، إلى تحالف دولي لمحاربة الفساد واسترجاع الاموال المنهوبة.

أشار إلى أن الحرب ضد الارهاب والتطرف ما زالت مستمرة، وشدد على أن بلاده لا تريد أن تكون ساحةً للصراعات ولتصفية حسابات الاخرين منوها إلى أن مواطنيه يتطلعون إلى عقدٍ سياسي جديد يعالج خلل منظومةِ الحكم ما بعد 2003 ويضمن لهم حكمًا رشيدًا.

وشدد صالح على ضرورة التخطيطِ المُبكر لضمانِ العدالة في توزيعِ اللقاح ضد كورونا حين يُتاح، ومراعاةِ تخفيف الطبيعةِ التجارية في تسويقِه بما يُساعد الدول الأشدَّ فقرًا على التمكنِ من الحصولِ عليه لجميعِ مواطنِيها.

وباء آخر

أشار صالح إلى أن بلاده واجهت قبل ظهور الوباء وبعدَه وباءً لا يقلُ فَتكًا وخَطَرًا على العالم، "ألا وهو الإرهابُ والفساد لكنه نجح فعلًا في دحرِ الإرهاب عسكريًا وتحريرِ مُدنه"، واستدرك بالقول: "لكن الحربَ ما زالت مستمرةً مع الإرهابِ والتطرفِ المتحرك عِبر الحُدود والكامن في خلايا نائمةٍ هنا وهناك في صَحارى بلدِنا".

أضاف: "لا يمكننا أن نستخفَّ بخطورةِ الارهاب وخطورةِ عودتِه وإعادةِ تنظيمِه لفلولِه اذ نعتقد أن أيَّ تراخٍ أو تهاون او الانشغالَ بصراعاتٍ في المنطقة سيكون متنفسًا لعودةِ تلك المجاميعِ الظلامية".

وبين أن التهاونَ في مكافحة الفسادِ المستشري "والتدخلات التي تمسُّ السيادةَ الوطنية لبلدانِنا من شأنِه أيضا أن يعرقلَ جهودَ مكافحةِ الإرهابِ والتطرف"، داعيًا المجتمع الدولي إلى دعم العراق للكشف عن الأموال المهربة والفاسدين الذين يقومون بتهريب هذه الأموال لتمويلِ المجاميعِ الخارجة عن القانون والمتطرفة.

وقال: "الفسادُ آفة تعانيها كثيرٌ من البلدان، ولقد خطف الفسادُ من العراقيين التمتعَ بنِعمِ بلادِهم بل ساهم في تدميرِها لسنواتٍ طويلة حيث يشعر العراقيون ازاء اثرِها في دولتهم بالكثير من المرارةِ والغضب".

الحراك الشعبي والاصلاح

دعا صالح إلى تشكيل تَحالُفٍ دولي لمحاربةِ الفساد واسترجاعِ الاموالِ المنهوبة، على غِرارِ التحالفِ الدولي ضد الإرهاب.

أضاف الرئيس العراقي انه قد مرّ قَرابةَ عامٍ مُنذ أن شَهِدَ العراق حراكًا شعبيًا نابعًا من الرغبةِ بإحداثِ تغييرٍ في البلاد يُناسب طُموحات العراقيين جميعا وهو حِراك يشمل نقاشًا حيًا حول أُسسِ الدولة وكيفيةِ ادارتِها وحقوقِ شعبها.

قال: "انطلقَ مسارُ الاصلاحِ في البلاد لكنهُ يحتاج إلى وقتٍ والى جهودٍ حَثيثة ليِجلب النتائجَ المرجوة. الخطواتُ التي اتخذناها في هذا المسار تُشير إلى امكانيةِ احداثِ التغيير السلمي والدستوري بعيدًا عن العُنفِ وهذا ما يُريده العراقيون".

وبين انه في غمرة هذه الظروف، تشكلت خلال هذا العام حكومةٌ جديدة برئاسة مصطفى الكاظمي وذلك استجابةً للحِراك الشعبي الكبير المُطالب بالإصلاح.

أضاف: "استطيعُ القول، وفي ضوء تجربة ما بعد الاستبداد، أن هُناك اقرارًا متناميًا باستحالة استمرارِ الوضعِ القائم، العراقيون يتطلعون إلى عقدٍ سياسي جديد يعالج الخللَ البنيوي الكامنَ في منظومةِ الحكم ما بعد 2003، ويضمن لهم حكمًا رشيدًا".

مسؤوليات كبيرة

قال صالح إنه استجابةً للإرادةِ الشعبية فإن أمام الحكومة مسؤولياتٍ كبيرةً تتمثل في جَانبِها الأساس بإجراء الإصلاحاتِ الهيكلية السياسية والاقتصادية والإدارية، وهذا ما يتطلب مكافحةَ الفسادِ والمفسدين، الذين يُشكلون الوجهَ الاخرَ للإرهاب.

أضاف أنه ِمن المَهام الأساسية للحكومة أيضًا، العملُ على إجراء انتخاباتٍ مبكرة في العام القادم، نزيهةٍ وشفافة وفق قانونٍ جديد وبتمثيلٍ أعدل واشمل، "وذلك إيفاءً للحراكِ الشعبيِ الوطني الساعي لترسيخِ الديمقراطيةِ وتحقيقِ التطلعِ المشروع للعراقيين في حياةٍ حرةٍ وكريمة، ولكي تكون لهم في بَلدِهم السُلطةُ والكلمة العليا، وتكون الحكومة مُنبثقةً منهم وترعى مصالحَهم وتسعى الى تحقيقِ طموحاتِهم".

السلاح بيد الدولة

اوضح أن الحكومةُ العراقية تجد الان أنها مطالبة أيضًا بموجب هذا، بعملٍ آخرَ لا يقل أهميةً، وهو حصرُ السلاحِ بيد الدولة ومنعِ حيازتِه أو استخدامِه خارج إطارِ القانون ومؤسساتِ الدولة، وكذلك التحقيق في جرائم قتلِ المتظاهرين وأفرادِ القوات الأمنية.

وبين أن مواجهة الجماعاتِ الخارجة عن القانون وضبط السلاح المنفلت، هو صراعُ الدولة مع قوى الفوضى والتطرف، ويقينًا ليس بالمهّمةِ اليسيرة، لكنه واجبُ التحقيق، اذا اردنا السلمَ المجتمعي لبلدِنا واذا اردنا أن يكونَ العراقُ سيدَ نفسهِ.

وعبّر عن تطلع العراق إلى مساعدةِ الامُم المتحدة للتنسيق مع مفوضية الانتخابات وتوفيرِ الدعم الفني والرقابي، لضمانِ نزاهةِ الانتخاباتِ ومَنعِ التلاعبِ والتزوير والابتزازِ والتأثيرِ على حريةِ الفرد واختيارِه الانتخابي.

لسنا ساحة صراع

اوضح صالح أن مشروع العراق الوطني هو ترسيخُ الدولة المقتدرة والقادرة على فرضِ القانون والمتمكنة من الإيفاءِ بحقوق مواطنيها، "ولا نريد أن يكونَ العراقُ ساحةً للصراعات ولتصفية حسابات الاخرين على ارضِه. العراقُ المُستقل ذات السيادة سيكون نقطةَ التقاء المصالحِ المشتركة للشعوب وبلدانِ المنطقة ومنطلقًا لمنظومةٍ اقليمية قائمة على اساسِ التعاون الاقتصادي والامنِ المشترك في مواجهةِ الارهاب والتطرف".

أضاف: "نتطلعُ إلى دعمٍ فاعلٍ من جيرانِنا ومن المجتمعِ الدولي لهذا المشروعِ الوطني، والذي ستكون لهُ تَبعاتٌ كبيرة ومؤثرة على مُستقبل العراق والمنطقةِ بل والعالم"، مشيرًا إلى أن امام الامم المتحدة تحديات عابرةً للحدودِ الرسمية للدول، مثل مكافحةِ الأوبئة، التغييرِ المناخي، وضرورة ضمانِ الأمن الغذائي والتعامل مع ملفِ الهجرة واللاجئين، كلُ ذلك يُمكن معالجتُه من خلال الأمم المتحدة وميثاقها.

وختم الرئيس العراقي بأن النظامَ الدولي اخفقَ مراتٍ خلال الاعوام الخمسة والسبعين الماضية، "فهناك تجارب مَريرة نستذكُرها مثل مجازر رواندا وما مر على العراق من ويلات وحرب ابادة ومجازر بحق العراقيين، إضافة إلى الازمة المستمرة في سوريا وليبيا، وعلينا التعلمُ من دروس الماضي، لكن في الوقتِ نفسهِ يجب تطويرُ الاهداف الانمائية المستدامة والعمل بجدية على أجندةِ إصلاحٍ للأمم المتحدة من اجل الارتقاءِ بتَطلُعاتِ شعُوبِ العالم".