دعا وزير الخارجية التركي مولود تشاوش أوغلو، خلال زيارة إلى باكو، دول العالم لدعم أذربيجان مقللًا من أهمية الحاجة إلى وقف لإطلاق النار، قائلًا وضع هذين البلدين على قدم المساواة يعني مكافأة المحتل.

ستيباناكرت: دعت تركيا دول العالم لدعم أذربيجان وقللت من أهمية الحاجة لوقف لإطلاق النار في وقت تواصلت المعارك بين القوات الأرمنية والأذربيجانية حول منطقة ناغورني قره باغ لليوم العاشر على التوالي.

وجاءت تصريحات وزير الخارجية التركي مولود تشاوش أوغلو خلال زيارة إلى أذربيجان، غداة دعوة من روسيا والولايات المتحدة وفرنسا الإثنين إلى وقف "غير مشروط" لإطلاق النار.

والمواجهات العنيفة التي اندلعت في 27 ايلول/سبتمبر بين انفصاليين مدعومين من أرمينيا والقوات الأذربيجانية حول إقليم ناغورني قره باغ المتنازع عليه، أودت بنحو300 شخص ولا يبدو فيها أي مؤشر الى خفض التصعيد فيما توعد الجانبان بمواصلة القتال.

وتحض الدول الغربية تركيا، الحليف القديم لأذربيجان، على استخدام نفوذها لدى باكو لاستعادة الهدوء، لكن تشاوش أوغلو قال إن على قادة العالم أن يرموا بثقلهم خلف باكو.

وقال تشاوش أوغلو إن "وضع هذين البلدين على قدم المساواة يعني مكافأة المحتل. على العالم أن يكون إلى جانب أصحاب الحق، وتحديدا إلى جانب أذربيجان".

في المقابل، دعت كندا وبريطانيا الثلاثاء الى حل للنزاع يستند الى المفاوضات، وقالتا في بيان مشترك انهما تضمان صوتهما الى الاتحاد الاوروبي "لوقف العمل العسكري في شكل عاجل".

واعتبر وزيرا الخارجية الكندي فرنسوا فيليب شامباني والبريطاني دومينيك راب ان "حلا كاملا للنزاع في قره باغ هو امر منتظر منذ وقت طويل، وهذا لا يمكن ان يتم الا عبر حل تفاوضي وليس عملا عسكريا".

ويعود الصراع على ناغورني قره باغ إلى التسعينات عندما انفصل الإقليم ذي الغالبية الأرمينية عن أذربيجان متسببا بحرب أوقعت 30 ألف قتيل.

ولا يبدي أي طرف رغبة في خفض التصعيد رغم سقوط العديد من الضحايا المدنيين. وقال تشاوش أوغلو إن الدعوة الأخيرة لوقف إطلاق النار "لا تختلف" عن سابقاتها مضيفا "إنهم يوجهون نفس النداء منذ قرابة 30 عاما".

قال وزير خارجية أذربيجان جيهون بيرموف للصحافيين بعد اجتماع مع تشاوش اوغلو إن ليس هناك أمل بوقف لإطلاق النار ما لم تنسحب القوات الأرمينية من قره باغ.

وقال "على القوات المسلحة الأرمينية أن تغادر أراضي أذربيجان المحتلة" مضيفا سنقاتل حتى الرمق الأخير".

وأكدت وزارة الدفاع الأذربيجانية ووزارة خارجية قره باغ استمرار المعارك على عدة جبهات صباح الثلاثاء.

ويؤكد كل من الجانبين تكبيد الآخر خسائر كبيرة في الأرواح والمعدات، ويتهم كل منهما الآخر باستهداف مناطق مدنية.

وتوسعت رقعة النزاع في الأيام الأخيرة بعد أن طال القصف مدنا كبرى من بينها عاصمة الإقليم ستيباناكرت، وغنجه ثاني أكبر مدن أذربيجان.

وبعد أيام من القصف العنيف خيم الهدوء على ستيباناكرت الثلاثاء بحسب مراسل لوكالة فرانس برس في المدينة التي كانت شوارعها شبه مقفرة.

ودوت صفارات الإنذار وتناثر الزجاج والركام في شوارع المدينة من جراء عمليات قصف سابقة لكن لم تسمع اصوات انفجارات حتى منتصف النهار.

صرح وزير الصحة الأرميني أرسين طوروسيان للصحافيين قرب الحدود إنه شاهد سقوط صاروخ على مسافة قريبة جدا من المستشفى الرئيسي في ستيباناكرت.

وقال "لا أستبعد أنهم يتعمدون استهداف منشآت طبية، وهذه جريمة حرب".

وقالت وزارة الدفاع الأذربيجانية الثلاثاء أنها كبدت الانفصاليين خسائر فادحة ما أجبرهم على التراجع.

وأكدت تدمير مخزن ذخيرة قرب ستيباناكرت، ومنصات صواريخ ومدفعية.

وأفاد الجانبان عن سقوط 286 منذ اندلاع القتال بينهم 46 مدنيا. لكن العدد الحقيقي قد يكون أعلى بكثير.

ومعظم الوفيات المؤكدة هي في الجانب الأرميني الذي أفاد عن سقوط 240 من المقاتلين الانفصاليين. ولا تعلن أذربيجان عن أي خسائر في صفوف قواتها.

وتنضوي أرمينيا ذات الغالبية المسيحية، في تحالف عسكري يضم دولا سوفياتية سابقة بقيادة روسيا التي لها قاعدة دائمة في أرمينيا لكنها لم تبد رغبة في تصعيد عسكري.

وتركيا حليف مقرب من اذربيجان التي تدين مثلها بالإسلام وتنطق بأحد فروع اللغة التركية. وتركيا متهمة بإرسال مرتزقة من سوريا وليبيا إلى منطقة المعارك.

ودانت موسكو وقادة في العديد من العواصم الغربية إرسال مقاتلين أجانب عن طريق تركيا، وحضوا القيادة التركية على العمل نحو التوصل لتسوية سياسية للقتال.

وتحدث مدير جهاز الاستخبارات الأجنبية الروسية سيرغي ناريشكين الثلاثاء عن مقاتلين من مجموعات إرهابية بينها جبهة النصرة "وهم مئات بل الاف من المتطرفين الذين يأملون جني المال في الحرب الجديدة في قره باغ".

وجمّدت المحادثات لحل نزاع قره باغ، الذي يعد من أسوأ النزاعات الناجمة عن انهيار الاتحاد السوفياتي العام 1991، منذ اتفاق لوقف إطلاق النار أبرم سنة 1994، مع حدوث مناوشات بين الحين والآخر.

وتعد المعارك، التي استؤنفت الشهر الماضي الأخطر منذ ذلك الحين.

وحذرت منظمة العفو الدولية من استخدام قنابل عنقودية في قره باغ داعية لحماية المدنيين الأكثر عرضة لمخاطر تلك الأسلحة.

وقالت المنظمة إن السلطات في ستيباناكرت نشرت في نهاية الأسبوع الماضي تسجيلات مصورة "تتطابق مع استخدام ذخائر عنقودية".

وقالت منظمة العفو إن خبراءها استنتجوا بأن موقع التصوير يعود إلى مناطق سكنية في ستيباناكرت وحددوا ذخائر عنقودية إسرائيلية الصنع طراز M095 DPICM ، مضيفة "يبدو أنها أطلقت من جانب القوات الأذربيجانية".

وتجاهلت يريفان وباكو حتى الآن الدعوات الدولية لوقف إطلاق النار، وخصوصا من روسيا، القوة الإقليمية التي تبذل جهودا في الوساطة إلى جانب فرنسا والولايات المتحدة منذ ما يقرب من 30 عامًا.