نيقوسيا: يواجه "الرئيس" المنتهية ولايته مصطفى أكينجي المرشح المدعوم من تركيا إرسين تتار في دورة ثانية من الانتخابات "الرئاسية" في جمهورية شمال قبرص التركية المعلنة من جانب واحد، في استحقاق تتنافس فيه رؤيتان للسلام مع الشطر الجنوبي للجزيرة المتوسطية والعلاقة مع أنقرة.

وحصل تتار القومي على نسبة 32,46% من الأصوات، متقدماً على أكينجي الذي حصل على نسبة 29,73%، وتورفان إرهورمان الذي حاز 21,62% وكلاهما اشتراكيان ديموقراطيان مؤيدان لتوحيد الجزيرة المقسمة على شكل دولة فدرالية، وذلك بعد فرز 723 صندوق اقتراع من 738.

ويتواجه بذلك أكينجي وتتار في الدورة الثانية التي ستجري في 18 تشرين الأول/أكتوبر، والتي من المتوقع أن يفوز بها أكينجي اذا تم تجيير الأصوات، بحسب محللين.

وجرت هذه الانتخابات وسط توتر شهده ملف التنقيب عن موارد الطاقة في شرق المتوسط خصوصا بين أنقرة وأثينا الحليفة الرئيسية لجمهورية قبرص التي تسيطر على ثلثي الجزيرة جنوباً والعضو في الاتحاد الأوروبي.

وبعد أكينجي حل توفان إرهورمان (مع 21,62 % من الأصوات)، وهو اشتراكي ديموقراطي كذلك ويدعو أيضا إلى إعادة توحيد قبرص على شكل دولة فدرالية.

ورأت ماين يوسيل، مديرة مركز "برولوغ كونسيلتين" لاستطلاعات الرأي أنه "من المحتمل أن يفوز أكينجي في الدورة الثانية بأكثر من 55 % من الأصوات" بسبب تجيير الأصوات، لا سيما تلك التي حصل عليها إرهورمان.

وامام مقر "الرئيس" المنتهية ولايته، تجمع بضع مئات من المؤيدين ورقصوا وهم يصفقون بأيديهم على وقع الأغاني المحلية، وكان بعضهم يهتف "لقد فزنا".

وقال اكينجي عقب إدلائه بصوته إنّ "هذه الانتخابات محورية لمصيرنا"، مضيفاً أنّ صحة القبارصة الأتراك تثير قلقه في ظل الازمة الوبائية القائمة ولكن أيضاً "الصحة السياسية" لجمهورية شمال قبرص.

وندد من يؤيد توحيد الجزيرة وتخفيف روابط الشمال مع أنقرة ب"التدخل التركي" في الانتخابات.

وتدعم تركيا القومي ارسين تتار (60 عاماً) الذي يشغل حالياً منصب رئيس الحكومة الممسكة بصلاحيات واسعة وفق قوانين شمال قبرص.

وقال الناشط كمال بيكالي مؤسس منظمة "لنوحد قبرص الآن" غير الحكومية، لفرانس برس "تكمن القضية الرئيسة للانتخابات في الطريقة التي سنعرّف من خلالها علاقتنا بتركيا في ما بعد".

وقال تتار بعد اقتراعه إنّ "جمهورية شمال قبرص التركية وشعبها يشكلان دولة (....) نستحق أن نعيش في ضوء سيادة متساوية"، ملمحاً في ذلك إلى دعمه لتقسيم الجزيرة بين دولتين نهائياً.

وتعثرت مفاوضات توحيد الجزيرة تكرارا، خصوصا بسبب مسألة انسحاب نحو 30 ألف جندي تركي ينتشرون في الشمال.

وأبدى عزت تولك، السبعيني المتقاعد، اعتقاده أنّ "هذه الانتخابات مهمة لأننا بصدد اختيار الرئيس الذي سيتفاوض مع القبارصة اليونانيين حول مستقبل قبرص".

وقال إرتان سينار، المصرفي المتقاعد الذي يبلغ 75 عامًا "نريد السلام ولكن الطرف الآخر لا يقبل بنا، يجب أن يعترفوا بحقوقنا إذا توجهنا إلى السلام".

وجرت هذه الانتخابات بعدما تم الخميس فتح شاطئ مدينة فاروشا في شرق الجزيرة، التي أمست مدينة مقفرة منذ انقسام الجزيرة وتطويقها من قبل الجيش التركي.

وكان ارسين تتار أعلن إعادة فتح هذه المدينة التي غادرها في 1974 سكانها القبارصة اليونانيون، عقب محادثات مع إردوغان في انقرة الثلاثاء.

وانتقد اكينجي هذه الخطوة، كما نددت بها جمهورية قبرص إلى جانب الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة التي تراقب المنطقة العازلة بين شطري الجزيرة.

وأشار يكتان تركيلماز الباحث في منتدى الدراسات الإقليمية "فوروم تراسريجيونال ستودن" في ألمانيا إلى أنّ العديد من القبارصة الأتراك شعروا "بأن الأمر مسّ شرفهم وهويتهم" بسبب ما يعتبرونه تدخلاً من أنقرة، وذلك رغم أنّ إعادة فتح المدينة لا تعدو كونها قرارا رمزيا.

كما جرت الانتخابات في أجواء أزمة اقتصادية تضخمت بسبب وباء كوفيد-19. وسجّلت شمال قبرص رسمياً أكثر من 800 إصابة بكوفيد-19 منذ بدء الأزمة، بينها اربع وفيات.