باريس: تواجه الحكومات الغربية معضلة بشأن كيفية تأمين الافراج عن رعاياها او حاملي جنسية مزدوجة الموقوفين في ايران، حيث يتهم ناشطون طهران باعتماد ما يشبه "دبلوماسية رهائن" في سعيها لتحقيق تبادل معتقلين.

احتجزت ايران في السنوات الماضية أجانب وأشخاصا مزدوجي الجنسية بشكل متكرر بتهم يقول نشطاء وحكومات إنها بدون أساس، ولم يطلق سراح السجناء إلا بعد أشهر وأحيانا سنوات من المفاوضات الصعبة.

عمليات الافراج الاخيرة البارزة عن سجناء اجانب في ايران شملت الأميركيين شيوي وانغ في كانون الاول/ديسمبر 2019 ومايكل وايت في آذار/مارس 2020 والفرنسي رولان مارشال في آذار/مارس أيضا، وكلها ترافقت مع الافراج عن ايرانيين كانوا موقوفين في الخارج بتهم مخالفة العقوبات.

لكن القلق حول هذا التكتيك تزايد الشهر الماضي مع الافراج عن الباحثة الاسترالية البريطانية كايلي مور-غيلبرت التي أُطلق سراحها في إطار ما بدا انه عملية تبادل شملت ثلاثة ايرانيين كانوا محكومين في قضية مخطط تفجير في تايلاند عام 2012 كانت اسرائيل ربطته بهجمات ضد مصالحها.

وبينما عبر ناشطون عن فرحهم بالافراج عن مور غيلبرت، أبدوا تخوفهم من انه عبر الموافقة على مثل هذه التبادلات انما تقوم حكومات اجنبية بتشجيع ايران على احتجاز المزيد من الاجانب والسعي للحصول على ثمن أعلى مقابل الافراج عنهم.

وقال هادي غيمي المدير التنفيذي لمركز حقوق الإنسان في إيران ومقره نيويورك إنه "على مدى السنوات الماضية ، كان من الواضح لنا أن ما نشهده ليس سوى احتجاز رهائن".

وأضاف لوكالة فرانس برس "هذا النوع من المفاوضات انما يشجع ويقوي احتجاز رهائن من قبل الحكومة الايرانية".

ترفض ايران بشدة مقولة ان رعايا اجانب محتجزون كرهائن مشددة على انهم سجنوا بناء على عملية قانونية قام بها القضاء ولا تدخل للحكومة فيها.

لكن الاسبوع الماضي قال وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف ان ايران منفتحة على تبادل سجناء موضحا انه اذا تم الافراج عن سجناء ايرانيين في الخارج فان "ايران مستعدة للقيام بخطوة مماثلة".

وأضاف خلال مؤتمر الحوار المتوسطي "يمكننا القيام بذلك غدا ويمكن القيام به اليوم".

الإفراج عن السجناء

لكن هذا يضع الحكومات الأجنبية في موقف صعب في سعيها للإفراج عن السجناء.

وبينهم الاميركي الايراني سياماك نمازي المعتقل منذ اكثر من خمس سنوات، والبريطانية الايرانية نازانين زغاري راتكليف المسجونة في عام 2016 وهي الآن قيد الإقامة الجبرية وفاريبا عادلخاه الفرنسية الإيرانية التي اعتقلت في حزيران/يونيو 2019 وهي الان قيد الاقامة الجبرية أيضا.

آخر مواطن مزدوج الجنسية يعرف انه اعتقل هي امرأة ألمانية إيرانية تدعى ناهد تقوي (66 عاما) والتي وفقا لابنتها مريم كلارين اعتقلت في شقتها في طهران في منتصف تشرين الاول/اكتوبر وهي الآن محتجزة في الحبس الانفرادي في سجن ايوين بدون الكشف عن سبب احتجازها.

وقالت كلارين لوكالة فرانس برس "أعرف انه سيكون مثل ماراتون وليس ركضا سريعا" مضيفة "لا أتوقع أنها ستعود بحلول عيد الميلاد".

وأشارت الى قيام دبلوماسيين ألمان بالمساعدة في إيصال أدوية الى والدتها عبر سلطات السجن لكنها أضافت ان برلين "يجب ان تقوم بالمزيد".

وأضافت "لا يمكن لبرلين تجاهل هذا الانتهاك لحقوق الإنسان وعليها التدخل".

ولدى سؤالها عن مشاعرها بشأن تبادل الأسرى، قالت كلارين، "بالاحوال العادية، اعتقد انها صفقة سيئة أن يتم تبادل أبرياء بأشخاص مسجونين. لكن بما انني ابنة ناهد تقوي، انا اوافق في حالتها".

ويبقى هناك قلق كبير ايضا بالنسبة لقضية أحمد رضا جلالي الباحث الإيراني السويدي الذي حكم عليه بالإعدام بتهمة التجسس.

وتخشى أسرته أن يبقى جلالي عرضة لخطر الإعدام الوشيك.

"ليس هناك من رد سهل"

وقالت رويا بوروماند المؤسسة المشاركة لمركز عبد الرحمن بوروماند ومقره واشنطن والذي يناضل من أجل حقوق الإنسان في إيران "نحن نواجه معضلة، ليس هناك من رد سهل".

وأضافت أنه بينما لا يمكن للحكومات الأجنبية السماح لمواطنين أبرياء بان يقبعوا في السجون الايرانية فهناك "شخص لم يرتكب جريمة يجري مبادلته بشخص ارتكب جريمة".

بعد الإفراج عن مور غيلبرت، اتهمت وزارة الخارجية الأميركية طهران باعتماد "دبلوماسية الرهائن" بينما حض وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو إيران الشهر الماضي على وقف "حملة الرهائن البشعة هذه".

يقول ناشطون ان هذا التكتيك قد ترسخ في الفكر السياسي للجمهورية الإسلامية منذ انشائها تقريبا، بعد عملية احتجاز الموظفين كرهائن في السفارة الأميركية في طهران لمدة 444 يوما من تشرين الثاني/نوفمبر 1979 حتى كانون الثاني/يناير 1981.

في عام 2009 ، وبعد إطلاق سراح الطالبة الفرنسية كلوتيلد ريس التي كانت مسجونة بتهم تجسس تم الافراج في فرنسا عن علي وكيلي راد الذي كان أدين بتهمة ارتكاب جريمة قتل آخر رئيس وزراء في حكم الشاه شابور بختيار في عام 1991 خارج باريس. ونفت باريس وجود أي صلة بين إطلاق سراحهما.

بالنسبة لبوروماند، فإن الخطوة المعقولة الوحيدة هي أن تحذر الحكومات الأجنبية المواطنين ومزدوجي الجنسية من السفر إلى إيران وبالتالي منع تعرض المزيد من الأشخاص للاعتقال. وقال غيمي "لا أرى أي خيار آخر".

وأضاف أن الدول الغربية يجب ان تظهر "جبهة موحدة وتسمي ذلك على ما هو عليه: احتجاز رهائن".

وتابع أنه فيما تأمل أوروبا بان ينضم الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن مجددا الى اتفاق 2015 بشأن برنامج طهران النووي، "لا يمكننا العودة والحديث فقط عن الاتفاق النووي. يجب أن تكون حقوق الإنسان قضية رئيسية".