إيلاف من لندن: بعد ان راجت اتهامات ضد مكتب المرجع الشيعي الاعلى في العراق بالمسؤولية عن استدراج المعارض الايراني روح الله زم واختطافه في النجف وترحيله الى ايران لاعدامه هناك مطلع الاسبوع الحالي، اكد مكتب علي السيستاني عدم صلته بهذا الامر مشددا على عدم علمه بقدوم زم الى العراق.

ردا على اتهامات بأن الصحافي الايراني المعارض قد تم استدراجه الى مدينة النجف مقر المرجع الشيعي الاعلى في العراق آية الله السيد علي السيستاني برسالة تحمل اسم وختم المكتب فقد شدد مكتبه على انه "لم يكن لا على علم ولا على صلة بقدوم زم إلى العراق واعتقاله".

اشار المكتب في بيان صحافي تابعته "إيلاف" الجمعة الى انه "بعد انتشار الأنباء التي زعمت استغلال اسم سماحة السيد السيستاني لاستدراجه إلى العراق اتصلنا بكبار مسؤولي الجمهورية الإسلامية الإيرانية وطلبنا منهم أن يقدموا ما لديهم من توضيحات حول تلك الادعاءات وهذا الطلب قد أكدنا عليه مرارا".

لفت المكتب الى انه بناء على توجيهات السيستاني فقد اجتمع ممثله في إيران ومدير مكتبه بمدينة قم الايرانية جواد الشهرستاني برئيس السلطة القضائية إبراهيم رئيسي لمتابعة القضية وذلك بتاريخ 21 اكتوبر 2020.
واوضح انه في 20 من نوفمبر 2020 أبلغت السلطات الإيرانية المعنية ممثل السيستاني ثم مكتبه في النجف "بأنها تنفي وبشكل قاطع أي استغلال لاسم سماحة السيد السيستاني في قضية اعتقال السيد زم وبالتالي استبعدت إمكانية تدخل المرجعية في محاكمته وعقوبته".

انتقاد صمت مكتب السيستاني

تأتي هذه التوضيحات بعد ايام من اعدام السلطات الايرانية للمعارض زم في 12 من الشهر الحالي واثر اتهام رجال دين وناشطين ومعارضين ايرانيين لمكتب السيستاني بالمشاركة في استدراج زم الى العراق.

فقد اعتبر محمود أمجد أستاذ الأخلاق في الحوزة الشيعية الايرانية بأن زم "قتيل مظلوم" وحمّل المرشد الأعلى علي خامنئي المسؤولية المباشرة عن "جميع الجرائم والقتل" منذ عام 2009.

وقال أمجد وهو رجل دين مؤثر في الحوزة في خطاب مباشر في صفحته على إنستغرام الثلاثاء الماضي "أنا مندهش من أفعالنا وأفعال الجميع لماذا يتم إعدامه مظلومًا ولا يرف لنا جفن أنا حزين على هذا الشاب لأنه قتل مظلومًا". وحمّل المرشد خامنئي مسؤولية تدمير الكثير من الأشياء في البلاد، مضيفًا "على السيد خامنئي أن يتنازل عن استبداده فهو مسؤول عن كل أعمال القتل وإراقة الدماء التي وقعت منذ عام 2009".

وأشار محمود أمجد إلى أن المرشد على علم بـ"تفاصيل كل الأمور في البلاد كبيرها وصغيرها" ومسؤول عنها. وانتقد صمت مكتب السيستاني الذي ادعت تقارير أن قوات الأمن الإيرانية استدرجت من خلاله روح الله زم إلى العراق الذي يعتبره العديد من الإيرانيين بمثابة "الساحة الخلفية لقوات الأمن والاستخبارات الإيرانية".

ردات فعل واسعة

يشار إلى أن إعدام روح الله زم أثار ردود فعل محلية واسعة في مجال حقوق الإنسان وانتقادات سياسية دولية واسعة للنظام الإيراني.

وكانت إحدى المحاكم الإيرانية قد اصدرت في يوليو الماضي حكماً بإعدام الصحافي المعارض روح الله زَم (46 عاما) بعد ان وجهت له 13 تهمة من بينها التحريض على إثارة حرب أهلية وتأجيج الاحتجاجات التي شهدتها إيران بين عامي 2017 و2018 ونشر الفساد في الأرض والتجسس لصالح جهات أجنبية بسبب ما كان ينشره عبر قناته الإخبارية التي كانت تبث عبر تطبيق تلغرام للتواصل الاجتماعي، والتي وصل عدد متابعيها إلى 1.8 مليون شخص، حيث تم تنفيذ الحكم الإعدام السبت الماضي، 12 ديسمبر الحالي.

ونشر الحرس الثوري الإيراني خبر اعتقال زم المعروف على نطاق واسع لدى الإيرانيين وأكثر الشخصيات المثيرة للجدل منذ أكثر من عشر سنوات مدعيا استخدامه تكتيكات حديثة في خداع أجهزة أمن وجهات أجنبية والوصول إلى الصحافي الذي وصفه الحرس بأنه "إحدى الشخصيات الرئيسية في شبكة العدو الإعلامية والحرب النفسية".
وغالبا ما كانت قناة "آمد نيوز" التي كان يديرها زم وزملاء له تبث الأخبار والتقارير التي تتناول المسؤولين والسلطات الإيرانية، لكن تم حجب موقع القناة من قبل الحكومة الإيرانية لكن أعيد فتحه لاحقاً تحت اسم مختلف.

دور شيرين نجفي

تشير تفاصيل القضية الى انه في 8 اكتوبر عام 2019 توجه زم إلى السفارة العراقية في باريس مع صديقه مزيار ورغم وصولهما في وقت متأخر إلى السفارة التي كانت على وشك إغلاق بابها أمام المراجعين إلا أن دبلوماسياً فيها استقبلهما، وأصدر له تأشيرة السفر إلى العراق في غضون نصف ساعة فقط في الوقت الذي يستغرق ذلك أسابيع في الأحوال العادية.

وأرسل الأشخاص الذين كانوا يتواصلون مع زم على أنهم من مكتب السيستاني تذكرة السفر من العراق عن طريق البريد الالكتروني. وبالفعل سافر زم في 19 من الشهر إلى العراق رغم اعتراض زوجته وابنته اللتين كانتا قلقتين على سلامته.

وسافر زم بوثيقة سفر فرنسية تختلف عن الجواز الفرنسي رغم أنه لم يكن مسموحاً له السفر من فرنسا، إذ كانت مثل تلك الرحلات محدودة ومقيدة.

وبعد يومين من الرحلة نشر جهاز استخبارات الحرس الثوري الإيراني نبأ إلقاء القبض على المعارض الإيراني المطلوب من قبل السلطات الإيرانية.

وكان حسن فرشتيان محامي روح الله زم في فرنسا قد اكد وجود أدلة تفيد باحتمال نفوذ الحرس الثوري في مكتب السيستاني فيما يتعلق باستدراج زم إلى العراق.

يذكر أن الحرس الثوري الإيراني كان قد أعلن في 14 أكتوبر 2019 في بيان عن "استدراج واعتقال زم في عملية استخباراتية".. بينما ذكرت مصادر مطلعة أن عناصر موالية لطهران في السلطات العراقية هي التي سلمته يوم 12 أكتوبر 2019 من مطار بغداد إلى استخبارات الحرس الثوري الإيراني فور وصوله وبعد احتجازه لساعات.

وكان نشطاء إيرانيون من بينهم زملاء زم السابقون قد تحدثوا عن تورط ناشطة إعلامية في قضية اختطافه ووصفوها بأنها إحدى عميلات الاستخبارات الإيرانية، وهي شيرين نجفي إحدى كوادر موقع "آمد نيوز" التي كانت تقيم في تركيا بالتورط في "المؤامرة" من خلال إقناعه بالذهاب للعراق لإبرام عقد عمل وتلقي دعم مالي بمبلغ 15 مليون يورو من قبل أشخاص يدعون أنهم مرتبطون بمكتب المرجع السيستاني، الأمر الذي نفاه مكتب المرجع في بيان رسمي في حينه.

والده كان مقربًا من خميني

ينحدر روح الله زم من عائلة متدينة شديدة الولاء لزعيم الثورة الإيرانية الراحل آية الله خميني وقد أطلق والده اسم روح الله عليه تيمناً بالخميني الذي حمل هذا اللقب .. وكان والده محمد علي زم رئيساً لقسم الدعاية والإعلان في المؤسسة الحكومية الإعلامية لأكثر من عشر سنوات .

يقول أحد الأصدقاء، المقربون من عائلة زم، لبي بي سي، إن روح الله كان يذهب برفقة والده إلى منزل آية الله خامنئي ويصليان خلفه لكن والده كان مقرباً من أكبر هاشمي رفسنجاني - رئيس إيران الراحل في الفترة الواقعة بين عامي 1989 و1997 لذلك تراجع نفوذه يوماً بعد يوم مع غياب رفسنجاني.

خلال الانتخابات الرئاسية الإيرانية لعام 2009 شارك زم في حملة المرشح الإصلاحي مهدي كروبي. وسُجن قرابة ثلاثة أشهر أثناء احتجاجات "الموجة الخضراء" الإصلاحية.

غادر زم إيران في عام 2011 وبعد فترة قصيرة من إقامته في ماليزيا ثم تركيا لجأ إلى فرنسا وحصل على اللجوء السياسي.