طرابلس: مع انتهاء المهلة المحددة لخروج المرتزقة والقوات الأجنبية من ليبيا، يبقى اتفاق وقف إطلاق النار الدائم في البلاد مهدداً، خصوصا مع احتمال اندلاع أعمال عسكرية مجددا بين طرفي النزاع، حسبما يرى محللون وخبراء.
وقال خالد المنتصر أستاذ العلاقات الدولية في ليبيا، إن قرار إخراج المرتزقة "ليس بيد الأطراف الليبية بل بيد القوى الأجنبية المتنافسة في ليبيا".
وليبيا التي تقوضها صراعات على السلطة وعنف دموي منذ سقوط نظام معمر القذافي في 2011 بعد ثمانية أشهر من ثورة شعبية، منقسمة منذ 2016 بين سلطتين هما حكومة الوفاق الوطني المعترف بها من قبل الامم المتحدة ومقرها طرابلس والسلطات المتحالفة مع المشير خليفة حفتر الرجل القوي من شرق البلاد.
والمشير حفتر مدعوم من الإمارات العربية المتحدة ومصر وروسيا، بينما تساند تركيا عسكريا حكومة الوفاق الوطني.
وبعد فشل محاولة قوات حفتر في نيسان/أبريل 2019، السيطرة على طرابلس، نجحت جهود دبلوماسية في وقف الأعمال العسكرية وتوجت بتوقيع اللجنة العسكرية الليبية في جنيف برعاية الأمم المتحدة في 23 تشرين الأول/أكتوبر الماضي، اتفاقا لوقف إطلاق النار بشكل دائم في انحاء البلاد.
وتقضي أهم بنود الاتفاق على رحيل القوات الأجنبية والمرتزقة في مهلة تسعين يوما تنتهي السبت.
لكن لم يصدر اي إعلان صباح السبت عن رحيل أو تفكيك هذه القوات.
وبثت قناة "سي ان ان" الاميركية قبل يوم صورا التقطن بأقمار اصطناعية عرضت على أنها خندق ضخم حفره في جنوب مدينة سرت (شمال) مرتزقة تدعمهم روسيا. ونقلت القناة عن مسؤول أميركي لم تسمه قوله إن هذا دليل على أن هؤلاء المرتزقة "ينوون البقاء لفترة طويلة".
مصالح
كشفت مبعوثة الأمم المتحدة بالإنابة الى ليبيا ستيفاني ويليامز مطلع كانون الأول/ديسمبر الماضي عن وجود 20 ألفا من "القوات الأجنبية والمرتزقة" في ليبيا، معتبرة ذلك انتهاكا "مروعا" للسيادة الوطنية. كما أشارت إلى وجود عشر قواعد عسكرية في ليبيا، تشغلها بشكل جزئي أو كلي قوات أجنبية ومرتزقة.
وهي في الغالب موزعة حول سرت حيث يقع خط الجبهة منذ منتصف حزيران/يونيو وإلى الجنوب في قواعد جوية رئيسية لا سيما في الجفرة، على بعد 500 كم جنوب طرابلس لصالح الموالين لحفتر، وإلى الغرب في الوطية (الموالية لحكومة الوفاق الوطني) ، أكبر قاعدة عسكرية على الحدود التونسية.
وأرسلت تركيا طائرات مسيرة ومدربين ومستشارين عسكريين إلى ليبيا بموجب اتفاق عسكري موقع مع حكومة الوفاق الوطني. كما أرسلت مرتزقة سوريين ، بحسب خبراء الأمم المتحدة.
وفي 22 كانون الأول/ديسمبر مدد البرلمان التركي الإذن بنشر هؤلاء الجنود لمدة 18 شهرا.
وتنفي روسيا لعب دور في وجود مرتزقة روس. لكن في أيار/مايو 2020، أكد خبراء من الأمم المتحدة وجود مرتزقة في ليبيا من مجموعة فاغنر المعروفة بأنها مقربة من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
وقال خالد المنتصر إن المرتزقة "لن يخرجوا حتى تضمن الدول التي جندتهم مصالحها في المرحلة الانتقالية الجديدة المقبلة".
لا نية للرحيل
أكد المنتصر أن "وجودهم يعني أن الصدام العسكري يمكن له أن يتجدد في أي لحظة، وبالتالي التهدئة الحالية يظل مصيرها مجهولا".
من جهته، رأى جلال الفيتوري أستاذ القانون في حديث لفرانس برس، إن فرص خروج المرتزقة والقوات الأجنبية ليست متساوية شرق وغرب ليبيا "لأن بعضها جاء وفق اتفاقيات عسكرية بين ليبيا وتركيا على سبيل المثال".
وأشار إلى أن "قيام أنقرة مؤخرا بتمديد تواجدها العسكري لمدة 18 شهرا لا يعكس نوايا جادة للخروج"، موضحا أن "الأمر ينطبق أيضا على التواجد الروسي عبر مجموعة فاغنر الذي لا نعرف شكل الاتفاق الذي أبرمه المشير حفتر مع موسكو لتحديد فترة بقائهم في ليبيا".
وكان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش شدد خلال الأسبوع الجاري في تقرير قدم إلى مجلس الأمن على ضرورة مغادرة القوات الأجنبية والمرتزقة قبل السبت.
وفي نهاية 2020 دعا إلى تشكيل مجموعة مراقبة غير مسلحة للتحقق من مغادرة المرتزقة.
وبات يتعين على السلوفاكي يان كوبيش الذي تم تعيينه مبعوثا جديدا إلى ليبيا في 15 كانون الثاني/يناير لليبيا في 15 يناير القيام بمهمة فرض تطبيق هذا الاتفاق وإدارة المفاوضات الصعبة بين الليبيين.
وتوافق الافرقاء الليبيون في ملتقى الحوار السياسي الذي عقدت أولى جولاته في تونس في التاسع من تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، على تحديد موعد إجراء الانتخابات في 24 كانون الأول/ديسمبر 2021.
كما اتفقوا الثلاثاء الماضي على آلية اختيار السلطة التنفيذية الجديدة (الحكومة) التي ستحضر لعملية الانتخابات نهاية العام الجاري، بعد جولات مضنية من المناقشات وبضغوط دولية.
وتتواصل هذه المفاوضات التي يشارك فيها محاورون ليبيون لوضع خارطة طريق سياسية للانتخابات التي أُعلن عنها في كانون الأول/ديسمبر 2021 ، شرطة ألا يتم انتهاك وقف إطلاق النار.
التعليقات