مينسك: حكم على صحافيتين بيلاروسيتين الخميس بالسجن لعامين لمشاركتهما بتغطية الحراك الاحتجاجي الذي هز البلاد في العام 2020، في دليل جديد على استمرار القمع الذي يمارسه النظام.

قبل صدور الحكم وقفت الصحافيتان كاتيرينا بَخفالوفا (27 عاما) و داريا تشولتسوفا (23 عاما) في قفص الاتهام بتحد، ورفعتا شارة النصر وابتسمتا ووجهتا القبلات نحو قاعة المحكمة.

وأوقفت شرطة مكافحة الشغب مراسلتي قناة بلسات المعارضة التي يقع مقرها في بولندا، في 15 تشرين الثاني/نوفمبر من شقة كانتا تصوران منها عملية تفريق عنيفة لتظاهرة تكريمية لناشط معارض هو رومان بودارينكو توفي قبل أيام من ذلك إثر اعتقاله بشكل عنيف.

وأعلنت بَخفالوفا مساء الأربعاء "لقد عرضت هذه الأحداث على الهواء، ويرمونني بالسجن لهذا السبب عبر اختلاق تهم"، وذلك في آخر إفادة لها قبل فضّ الجلسة لتبدأ المحكمة باجراء المداولات.

وتتهم النيابة العامة المراسلتين بتحريض السكان على التظاهر بشكل غير شرعي عبر تقرير أعدتاه، وهو ما يشكل "انتهاكاً خطيراً للنظام العام".

ودفعت الصحافيتان البالغتان ببراءتهما، معتبرتين أنهما ضحيتا قمع طال الحراك الاحتجاجي المناهض للرئيس ألكسندر لوكاشنكو الذي اندلع في آب/أغسطس 2020 بعد انتخابات يعتقد أنها شهدت عمليات تزوير واسعة النطاق.

والرئيس المدعوم من روسيا يحكم البلاد منذ عام 1994، وقد قمعت السلطات الحراك رغم الادانات والعقوبات الغربية.

وقال محامي بخفالوفا أمام مبنى المحكمة في مينسك بعد صدور الحكم "الوضع مناف للمنطق لأن الصحافيتين كانتا تغطيان التظاهرة فحسب".

وأثنت زعيمة المعارضة سفيتلانا تيخانوفسكايا التي لجأت إلى ليتوانيا، على الموقف المتحدي للصحافيتين بعد صدور الحكم.

وكتبت على حسابها في تلغرام "أعلم أننا لن نعيش في قفص. سنصل إلى الحقيقة والحرية، بفضل إيكاتيرينا أندرييفا وداريا تشلوتسوفا وجميع الصحافيين الصادقين"، مستخدمة الاسم المستعار لبخفالوفا.

وأثارت القضية إدانات واسعة من دول الغرب ومنظمات حقوقية.

وحضت منظمة هيومن رايتس ووتتش الخميس السلطات البيلاروسية على "وقف معاملة الصحافيين كأعدائها" فيما دعا رئيس بولندا المجاورة إلى منح "عفو".

وكتب كريستوف زدجرسكي مستشار للرئيس أندري دودا على تويتر "في نفس الوقت، تدعو بولندا كافة الشركاء في الاتحاد الأوروبي للرد بشكل متضامن ومتسق وحازم على المظاهر الأخيرة لقمع الحقوق الأساسية والحريات".

في موازاة ذلك أعلن المدعي العام الخميس أن تحقيقاً بشأن وفاة رومان بوندارينكو في تشرين الثاني/نوفمبر خلص إلى تبرئة الشرطة.

وجاء في بيان للنيابة "لقد ثبت أنه لا علاقة لأي من موظفي هيئات وزارة الداخلية بالجروح الجسدية التي أدت الى وفاة" الشاب.

ودان الاتحاد الاوروبي على لسان المتحدث باسمه بيتر ستانو استمرار "القمع المشين بحق وسائل الإعلام".

وواجه لوكاشنكو حركة احتجاج غير مسبوقة على مدى أشهر. لكن السلطات قمعت هذا التحرك وأسكتته بفعل الاعتقالات التي شابتها أعمال عنف من جانب الشرطة فيما أشارت عدة إفادات الى اللجوء الى التعذيب.

وسجن جميع رموز المعارضة أو فروا إلى الخارج، فيما أوقف آلاف المتظاهرين.

من جانب آخر، يحاكم القضاء البيلاروسي بتهمة الفساد منذ الاربعاء المعارض فيكتور باباريكو الذي اوقف في حزيران/يونيو فيما كان يبدو كالمنافس الأبرز للوكاشنكو قبل الانتخابات الرئاسية في آب/اغسطس.

أخيرا، استهدفت سلسلة من 90 عملية دهم هذا الأسبوع عشرين صحافياًَ وناشطاً ونقابياً، في إطار تحقيقات حول تمويل وتنظيم التظاهرات عام 2020.

وأعلنت وزارة الداخلية انها صادرت ما يعادل 80 ألف دولار من مختلف العملات ومنشورات تتضمن كيفية التصدي للشرطة أو حتى نصوصا مرتبطة بحركة إضراب أو "تروج لقيم مجموعة مثليي الجنس والمتحولين جنسيا".

بحسب السلطات، فإن الأشخاص الذين شملتهم المداهمات "لم يقدموا فقط دعما" للمتظاهرين وانما "تحركوا أيضا بصفة عملاء أجانب ونظموا ومولوا تظاهرات تحت غطاء أنشطة الدفاع عن حقوق الإنسان".

وهذا القمع المستمر منذ أشهر نددت به الدول الغربية فيما اعتمد الاتحاد الاوروبي والولايات المتحدة عقوبات ضد مقربين من الرئيس البيلاروسي.

وفي نهاية أيلول/سبتمبر اعلنت كندا وبريطانيا أيضا عن عقوبات منسقة ضد مسؤولين بيلاروسيين بينهم لوكاشنكو بسبب قمع حركة الاحتجاج.

ويرفض لوكاشنكو المدعوم من موسكو مغادرة منصبه، متعهداً بإصلاحات دستورية غامضة لتهدئة الأوضاع.