الجزائر: شارك آلاف المتظاهرين الاثنين في أكبر مسيرة تشهدها العاصمة الجزائرية منذ آذار/مارس الماضي، بينما خرجت تظاهرات في عدة مدن أخرى بمناسبة الذكرى الثانية للحراك الشعبي ضد النظام.

وهتف المحتجون "لسنا هنا للاحتفال، نحن هنا للمطالبة برحيلكم"، في إشارة للحكومة التي يعدونها لا تختلف كثيرا عن نظام الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة الذي حكم البلاد طيلة عقدين.

بدأت مسيرة العاصمة بمئات الأشخاص في ساحة أودان وساحة موريتانيا حيث تحدى المحتجون قوات الشرطة لينضم إليهم آلاف المتظاهرين من المارة قرب ساحة البريد المركزي، مهد الحراك في العاصمة.

وردّد المتظاهرون الشعارات المعتادة للحراك "دولة مدنية وليس عسكرية" و"الجنرالات الى المزبلة" و"الجزائر ستستعيد استقلالها" من سلطة النظام الحاكم.

ومنذ الصباح الباكر انتشرت أعداد كبيرة من قوات الشرطة في وسط العاصمة الجزائرية وشددت كذلك الرقابة على كافة مداخلها، فيما حلقت مروحيات في الأجواء.

وأفادت اللجنة الوطنية لتحرير المعتقلين وصحافيو فرانس برس أنّ السلطات أوقفت 59 شخصا على الأقل من بينهم 26 شخصا في العاصمة.

وواجه سكان الضواحي صعوبة كبيرة في الوصول الى مقار عملهم في وسط العاصمة بسبب الازدحام الكبير جراء الحواجز الأمنية على مداخل المدينة خصوصا من الناحية الشرقية، على ما أكد شهود عيان لوكالة فرانس برس.

وقال الموظف حميد (54 عاما) "جئت من حمادي (بولاية بومرداس على بعد 30 كيلومترا شرق العاصمة) وكان عليّ الانطلاق عند الساعة الخامسة صباحا بدل السابعة من أجل الوصول الى مكتبي في وسط العاصمة".

وتابع "أمضيت ساعتين ونصف الساعة في الازدحام بسبب الحواجز الأمنية للدرك ثم للشرطة. كانوا يدققون في كل السيارات".

وانتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي دعوات للتظاهر في جميع أنحاء البلاد، خصوصا في الجزائر العاصمة، بمناسبة ذكرى الحراك.

واضطر الحراك إلى تعليق تظاهراته الأسبوعية في 13 آذار/مارس 2020 بسبب انتشار فيروس كورونا وقرار السلطات منع كل التجمعات.

وأفاد ممرّض يدعى حسن ويبلغ من العمر 28 عاما "الحمد لله أن الشعب استعاد وعيه. كنا نظن ان الناس اقتنعت بما قدمته السلطة لكن الآن سنعود للمسيرات كما كنا قبل كورونا".

وفي وقت مبكر الاثنين، منعت قوات الأمن بعض الشباب الذين شرعوا في تنظيم مسيرة في العاصمة فأوقفت بعضهم واقتادتهم إلى مراكز للشرطة، بحسب مراسل فرانس برس في المكان.

كما نظّمت مسيرات في مدن أخرى بينها عنابة ووهران وبجاية وسطيف وبويرة ومستغانم وقسنطينة، وفق صور نشرها ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي.

وبحلول المساء، انتهت الاحتجاجات في الجزائر العاصمة سلميا، لكنّ الطلاب المشاركين في التظاهرات تعهدوا باستئناف مسيراتهم الاسبوعية الثلاثاء.

ويصادف الاثنين 22 شباط/فبراير الذكرى الثانية لحراك 2019، عندما شهدت الجزائر تظاهرات شعبية غير مسبوقة، وأجبرت بعد شهرين الرئيس عبد العزيز بوتفليقة على الاستقالة من منصبه.

لكن أولى التظاهرات بدأت قبل خمسة أيام من هذا التاريخ في خراطة بشرق البلاد التي أصبحت تُعرف بمهد الحراك، وشهدت في 16 شباط/فبراير تظاهرات حاشدة.

ومازال المطلب الرئيسي للحراك هو "رحيل النظام الحاكم منذ 1962" عند استقلال البلاد من الاستعمار الفرنسي وبداية أكثر من 50 سنة من الحكم الاستبدادي والفاسد كما يقول المتظاهرون.

كما عارض الحراك نظام الرئيس عبد المجيد تبون الذي لا يفوت فرصة للإشادة بـ"الحراك المبارك الأصيل" حتى انه جعل يوم 22 شباط فبراير "يوما وطنيا" يتم الاحتفال به بشكل رسمي.

كما يردّد المتحدث باسم الحكومة وزير الاتصال عمار بلحيمر في العديد من الحوارات أن العمل الذي قام به الرئيس تبون خلال عام "بدأت ثماره تظهر للعيان"، محذرا من الخروج الى الشارع مرة أخرى.

والاثنين، اتهمت منظمة العفو الدولية السلطات بوضع استراتيجية منسقة لإسكات المنتقدين، بناء على تحقيق أجرته في قضايا 73 ناشطا "اعتقلوا تعسفيا" وخضعوا للمحاكمة.

وقالت آمنة القلالي، نائبة مديرة منظمة حقوق الإنسان في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، إن "نتائجنا دليل على استراتيجية متعمدة لسحق المعارضة ... تكذّب وعود السلطات بدعم حقوق الإنسان".

وتابعت أنّ العديد ممن حصلوا على عفو رئاسي في الأيام الأخيرة "كانوا نشطاء سلميين ... ما كان ينبغي أبدا أن يتم احتجازهم في المقام الأول".

والخميس أُطلِق سراح نحو 40 معتقلاً من نشطاء الحراك، بينهم الصحافي خالد درارني الذي اصبح رمزا للنضال من أجل حرية الصحافة في البلاد.

كما قام الرئيس تبون بتعديل طفيف على الحكومة بعدما انتقدها في كانون الثاني/يناير قبل مغادرته لتلقي العلاج في ألمانيا من مضاعفات إصابته بكوفيد.