إيلاف من لندن : قبل وصوله الى بغداد صباح غد الجمعة في زيارة تاريخية هي الاولى من نوعها فقد وجه البابا فرنسيس رسالة العراقيين قائلا انه يحل في بلدهم ملتمسا من الرب المغفرة والمصالحة بعد سنين الحرب والإرهاب داعيا المسيحيين منهم الى عدم السماح للمعاناة الفظيعة التي عاشوها بأن تنتصر والى عدم الاستسلام في وجه انتشار الشر.

وأكد البابا في رسالته التي حصلت "ايلاف" على نصها انه يصل الى العراق حاجا يشوقه السلام تدفعه الرغبة في الصلاة جميعا والسير معاً مع ابناء التقاليد الدينية الأخرى تحت راية ألنبي إبراهيم الذي يجمع في عائلة واحدة المسلمين واليهود والمسيحيين. وأضاف قائلا "لقد فكرت فيكم كثيراً طيلة هذه السنين. فيكم أنتم الذين عانيتم الكثير لكنكم لم تشعروا بالإحباط. فكرت فيكم مسيحيين ومسلمين وايزيديين" .. وقال "الان أوافي أرضكم المباركة والمجروحة حاجاً يشوقني الرجاء الذي يمنح الشجاعة من أجل إعادة الإعمار والبدء من جديد". ونوه الى انه "منذ آلاف السنين بدأ إبراهيم مسيرته وعلينا اليوم أن نواصل هذه المسيرة بالروح نفسها ونجوب دروب السلام معاً".

وفيما يلي نص رسالة البابا فرنسيس الى العراقيين:
أيها الإخوة والأخوات الأعزاء في العراق..
وأخيراً سوف أكون بينكم في غضون أيام قليلة. إني أتوق لمقابلتكم ورؤية وجوهكم وزيارة أرضكم، مهد الحضارة العريق والمذهل. إني أوافيكم حاجاً تائباً. لكي ألتمس من الرب المغفرة والمصالحة بعد سنين الحرب والإرهاب، ولأسأل الله عزاء القلوب وشفاء الجراح. أوافيكم حاجاً يشوقني السلام لأكرر: "أنتم جميعاَ إخوة". أجل أوافيكم حاجاً يشوقني السلام، وأسعى خلف الأخوة، وتدفعني الرغبة في أن نصلي معاً ونسير معاً، ومع الإخوة والأخوات من التقاليد الدينية الأخرى أيضاً، تحت راية أبينا إبراهيم، الذي يجمع في عائلة واحدة المسلمين واليهود والمسيحيين.
أيها الإخوة والأخوات المسيحيون الأعزاء الذين شهدتم لإيمانكم بيسوع في خضم المحن القاسية للغاية، أتوق لرؤيتكم بفارغ الصبر. يشرفني أن ألتقي بكنيسة تميزت بالشهادة: شكراً لشهادتكم، عسى أن يساعدنا الشهداء الكثيرون الذين عرفتم على المثابرة في قوة المحبة المتواضعة. لا تزال في أعينكم صور البيوت المدمرة والكنائس المدنسة، وفي قلوبكم جراح فراق الأحبة وهجر البيوت.

أود أن أحمل لكم عناق الكنيسة بأسرها المفعم بالحنان، الكنيسة التي هي قريبة منكم ومن الشرق الأوسط المتألم، وأن أشجعكم على المضي قدماً. لا تسمحن للمعاناة الفظيعة التي عشتموها والتي تؤلمني كثيراً بأن تنتصر. لا تستسلمن في وجه انتشار الشر، لأن منابع الحكمة العريقة في أرضكم توجهنا لنتخذ سبيلاً آخر، لنفعل مثل إبراهيم الذي فيما ترك كل شيء، لم يفقد الرجاء أبداً، بل وضع ثقته بالله فصار أباً لذرية يعادل عددها عدد نجوم السماء.
أيها الإخوة والأخوات الأعزاء، فلننظر إلى النجوم، وفيها نرى ما وعدنا به الله.

إخوتي وأخواتي الأعزاء، لقد فكرت فيكم كثيراً طيلة هذه السنين. فيكم أنتم الذين عانيتم الكثير لكنكم لم تشعروا بالإحباط. فكرت فيكم مسيحيين ومسلمين، وفيكم أنتم الشعوب، مثل الشعب الإيزيدي. فكرت في الإيزيديين الذين عانوا الكثير الكثير. جميعنا إخوة، جميعنا.

والآن أوافي أرضكم المباركة والمجروحة، حاجاً يشوقني الرجاء. من وسطكم في نينوى، تردد صدى نبوة يونان التي حالت دون دمار المدينة وحملت رجاء جديداً، رجاء الله. فليملأنا هذا الرجاء الذي يمنح الشجاعة من أجل إعادة الإعمار والبدء من جديد.

وفي فترة الجائحة العصيبة هذه، لنساعد بعضنا البعض فنشدد روابط الأخوة ونبني معاً مستقبلاً يسوده السلام. معاً إخوة وأخوات من مختلف التقاليد الدينية. منذ آلاف السنين بدأ إبراهيم مسيرته، وعلينا اليوم أن نواصل هذه المسيرة بالروح نفسها ونجوب دروب السلام معاً..

ولذا فإني ألتمس لكم جميعاً السلام وبركة الله العلي، وأطلب من جميعكم أن تقتدوا بإبراهيم، أي أن تسيروا بالرجاء وألا تتوقفوا عن النظر إلى النجوم.
وأطلب منكم جميعاً، من فضلكم، أن ترافقوني في صلاتكم..شكرا..
وكانت وزارة الخارجية العراقية قد أعلنت في السابع من كانون الأول ديسمبر عن زيارة بابا الفاتيكان الى العراق معتبرة هذا الحدث التاريخي "دعم لجميع العراقيين بمختلف تنوعاتهم ورسالة سلام ضد التطرف والصراعات.
واضافت ان الزيارة تمثل رسالة سلام إلى العراق والمنطقة بأجمعها وتؤكد وحدة الموقف الإنساني في مجابهة التطرف والصراعات وتعزز التنوع والتسامح والتعايش.

حروب وصراعات أرغمت مسيحيي العراق على الهجرة
يشار الى ان الحروب والصراعات التي شهدها العراق منذ عام 2003 قد ادت إلى نزوح الاف المسيحيين عن البلاد إذ عانوا من صعوبات خاصة عندما سيطر تنظيم داعش على أجزاء كبيرة من بلادهم عام 2014 .
وكان رئيس أساقفة أربيل عاصمة إقليم كردستان العراق المطران بشار متى وردة قد حذر في خطاب عاطفي بلندن في وقت سابق قائلا "المسيحيون العراقيون على وشك الانقراض بعد 1400 عام من الاضطهاد".

وأضاف إنه "منذ الغزو الأميركي للعراق الذي أطاح بنظام صدام حسين في عام 2003 تضاءل عدد المسيحيين بنسبة 83 في المئة من حوالي 1.5 مليون إلى 250 ألف فقط .. منوها الى إن "الكنيسة العراقية واحدة من أقدم الكنائس في العالم إن لم تكن الأقدم وتقترب من الانقراض بشكل متسارع ".

يشار الى ان البابا الراحل يوحنا بولس الثاني كان قد اراد عام 2000 زيارة مدينة أور العراقية الأثرية التي يعتقد أنها مسقط رأس النبي إبراهيم الخليل وكان من المقرر أن تكون الزيارة هي المحطة الأولى ضمن رحلة تشمل العراق ومصر وإسرائيل إلا أن المفاوضات بهذا الشأن مع الحكومة العراقية آنذاك انهارت تدهورالاوضاع الامنية ولم يتمكن من الذهاب.