هونغ كونغ: أعيد عشرات الناشطين المؤيدين للديموقراطية في هونغ كونغ المتهمين بالتخريب، إلى السجن الخميس في نهاية جلسات استماع ماراتونية للنظر في إطلاق سراحهم بكفالة، في قضية ضاعفت الانتقادات حيال القمع الذي تمارسه الصين في حق المعارضة في هذه المركز المالي المهم.

وكانت الشرطة قد وجهت الأحد ل47 من أبرز الناشطين تهمة "التواطؤ للقيام بأعمال تخريب" في أوسع تطبيق حتى الآن لقانون الأمن القومي الصارم الذي فرضته بكين على المدينة العام الماضي.

ويمثل المتهمون طيفا واسعا جدا من المعارضة المحلية من نواب سابقين وأكاديميين ومحامين ومتخصصين اجتماعيين والعديد من الناشطين الشباب.

وأعقبت إجراءات الأحد أربعة أيام من الجلسات الاستثنائية للنظر في إطلاق سراحهم بكفالة، كشفت عن التغيرات العميقة التي بدأ قانون الأمن القومي إحداثها في الممارسات القانونية للمدينة.

مساء الخميس وبعد ساعات من المداولات من جانبي الادعاء والدفاع، أمر كبير القضاة فيكتور سو بإعادة 32 من أفراد المجموعة إلى السجن.

وقال إن "المحكمة لم تجد أساسا كافيا للاعتقاد بأنكم لن تستمروا في ارتكاب أعمال تهدد الأمن القومي".

ومنح ال15 ناشطا الآخرون إفراجا مشروطا لكن الادعاء اعترض على الفور. وبالنتيجة أعيدوا أيضا إلى السجن لكن بإمكانهم رفع القضية أمام المحكمة العليا في غضون الساعات ال48 المقبلة.

أمام المحكمة عبر عشرات الأقارب والمناصرين الذين كانوا ينتظرون، بانفعال لدى سماعهم الأنباء.

وقالت امرأة عرفت عن نفسها باسم إلسا وقريبة الموقوف هندريك لوي للصحافيين "يريدون إسكات جميع الأصوات التي لا يحبونها".

أضافت "إنهم أصوات العدالة التي يحتاجها شعب هونغ كونغ. لكن النظام الشرير يحاول كمّ افواههم، وإسكاتها والزج بهم خلف القضبان".

وسيبقى عدد من أبرز منتقدي بكين الآن في الحبس الاحتياطي لأشهر ريثما يجهّز المدعون لمحاكمة جماعية، وصفها أحد المحللين بأنها أكبر مجموعة محاكمات تتعلق بالتخريب منذ الملاحقات القضائية التي بدأت بعد أحداث تيان انمين الدامية في 1989.

ومن أبرز ما ينص عليه قانون الأمن القومي أنه يلغي إمكانية الإفراج بشكل آلي عن الموقوفين إذا لم يكن الجرم عنيفا.

وينص القانون الذي فرضته بكين على هونغ كونغ في حزيران/يونيو الماضي، على عدم جواز إطلاق سراح الموقوف لقاء كفالة ما لم يقتنع القاضي بأن المدّعى عليه لم يعد يشكل تهديدًا للأمن القومي.

ورُفضت جميع طلبات الكفالة تقريبا باستثناء حفنة سرعان ما اعترض المدعون في هونغ كونغ عليها.

ولم يكن بالإمكان تسجيل تفاصيل المرافعات القانونية في الأيام الأربعة الماضية بعدما رفض القاضي سو طلبا بإلغاء القيود المفروضة على التغطية الإعلامية.

ويلاحق الناشطون على خلفية انتخابات تمهيدية أجرتها المعارضة الصيف الماضي لاختيار مرشحين للمجلس التشريعي لهونغ كونغ، على أمل أن تحصل الكتلة المؤيدة للديموقراطية على غالبية وتعرقل تشريعات حكومية.

أثارت هذه الانتخابات التمهيدية غضب الصين التي اعتبرتها "استفزازا خطيرا" ومحاولة لشل حكومة المدينة، وحذرت من أن الحملة قد تندرج تحت صفة "التخريب" بموجب قانون الأمن القومي.

ومع العدد الكبير للموقوفين دفعة واحدة، واجهت المحكمة صعوبة في النظر في القضايا.

واليوم الأول من جلسات المحاكمة انتهى في ساعات الصباح الأولى عندما انهار أحد المتهمين.

وتم نقل سبعة من المتهمين إلى المستشفى خلال الجلسات. واشتكى كثيرون من قلة الطعام والنوم والاغتسال وعدم توافر الملابس النظيفة.

وتسببت مدة الجلسات المطولة وقرار توجيه التهم رغم طلب الادعاء ثلاثة أشهر إضافية لتحضير القضية، بانتقادات في بعض الدوائر القانونية.

وقال استاذ القانون في جامعة هونغ كونغ جوهانس تشان لوكالة فرانس برس "لا سبب على الإطلاق يدعو لتوجيه الاتهام لهم في هذه المرحلة المبكرة" مضيفا "السبب الوحيد هو لوضعهم خلف القضبان الآن".

بدوره قال الخبير المخضرم حول القانون الصيني في جامعة نيويورك جيروم كوهين إن الأسلوب الذي تجرى فيه جلسات الاستماع يعرض سمعة القضاء المستقل في هونغ كونغ للاساءة.

وكتب "ما كان ينبغي على نظام المحاكم الترتيب لمثل هذه المراجعة القضائية الفوضوية التي جعلت النظام القضائي الموقر سابقا في هونغ كونغ يبدو مثل أداة طيعة بيد الشرطة والادعاء".

وقادت الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي وبريطانيا الانتقادات الدولية للاتهامات الجماعية وكذلك لقانون الأمن القومي الصارم.

ورفضت السلطات الصينية وفي هونغ كونغ تلك الانتقادات وقالت إن القانون أعاد الاستقرار بعد الأزمة السياسية، وتعهدت ضمان أن "الوطنيين المخلصين" هم فقط من سيدير المدينة.