باريس : أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الخميس إلغاء "المدرسة الوطنية للادارة" (اينا) التي يتخرج منها كبار موظفي البلاد وكانت رمزا للنظام الطبقي الفرنسي، وولادة مؤسسة جديدة أكثر انفتاحا على التنوع واقل نخبوية هي "معهد الخدمة العامة".

و"المدرسة الوطنية للادارة" مقرها في ستراسبورغ وتخرج منها أربعة من آخر ستة رؤساء جمهورية في فرنسا بينهم ماكرون، إضافة الى عدد من الوزراء والمسؤولين. لكنها واجهت انتقادات حادة خلال أزمة "السترات الصفراء" الذين يرون أنها تخرج نخبا "بعيدة من الواقع".

وأعلن ماكرون إلغاءها وولادة المعهد الجديد الذي سيكون عليه اختيار المنتسبين على "أقل تميزا اجتماعيا" حسب نص خطابه، في إطار إصلاح وعد به بعد أزمة" السترات الصفراء في 2019.

وقال أمام 600 من كبار المسؤولين في اجتماع عبر الفيديو إن "معهد الخدمة العامة" سيقوم "بتدريب كل الطلاب الإداريين في الدولة وسيجمع 13 مدرسة للخدمة عامة"، في ما وصفه بأنه "ثورة عميقة في التوظيف" في الخدمة العامة، حسب النص الذي أرسلته رئاسة الجمهورية.

وتخرج عشرات الوزراء الفرنسيين ورؤساء الشركات والطلاب من 134 دولة من "المدرسة الوطنية للإدارة" المعهد المرموق الذي أنشأه الجنرال ديغول في 1945 في نهاية الحرب العالمية الثانية، من أجل "إعادة تشكيل الآلة الإدارية" التي تعاون جزء منها مع ألمانيا النازية.

وأكد ديغول الذي سعى بذلك إلى إضفاء طابع ديموقراطي للوصول إلى الوظيفة العامة، حينذاك أن الهدف هو أيضا تأمين هيئة من من كبار المخلصين للدولة لخدمتها.

ومن المسابقة الفريدة إلى التعليم المجاني ومكافأة الطلاب، شكلت "المدرسة الوطنية للإدارة" التي تمركزت في ستراسبورغ منذ 1991 نموذجا أثار حسد دول أخرى تكلف فيها معاهد التميز مبالغ هائلة.

ومع ذلك رأى مركز ابحاث السياسة للعلوم السياسية في 2015 سنة الذكرى السبعين لتأسيسها، أنها "لم تحقق الاختلاط الاجتماعي المتوقع" إذ إن سبعين بالمئة من طلابها ينتمون إلى عائلات يعمل فيها أحد الأبوين في "مهنة عليا".

وعلى الرغم من محاولات الانفتاح، تتهم هذه المؤسسة التي مر فيها العديد من القادة الأجانب مثل الرئيس السابق لبنين نيكيفور سوغلو، منذ فترة طويلة بعدم المساواة وبأنها مخصصة لمرشحين يتمتعون بخلفية ثقافية جيدة - ولا سيما لعبور الامتحان الشفهي للقبول -، وأخيرا بتخريج نخب منفصلة عن الشعب.

وكان ماكرون أكد زيارة لمدينة نانت في 11 شباط/فبراير، ضرورة ان تستقبل المدارس الادارية العريقة شبانا من أصول متواضعة بحيث يشعر "اليافعون في جمهوريتنا" بأنهم معنيون ايضا.

والتنوع في الوظيفة العامة هو أحد أركان مشروع "تكافؤ الفرص" الذي يدافع عنه الرئيس الفرنسي منذ أشهر عدة رغم أن أزمة الوباء قلصت الى حد بعيد من إمكان طرحه للنقاش في إطار لقاءات عامة.