إيلاف من بيروت: ما هو أفضل تطابق بين أحد أكثر أماكن الحفلات إذهالًا في العالم وأحد أكثر الفنانين إبهارًا في العالم؟ إنه السؤال الذي طرحته "إندبندنت" البريطانية في تقرير مسهب عن التينور أندريا بوتشيلي الذي أحيا حفلًا تاريخيًا في العلا التاريخية بالسعودية.

فالعلا منطقة صحراوية قديمة في شمال السعودية، وهي تبرز اليوم واحة ثقافية خصبة، شيدها الأنباط في القرن الأول قبل الميلاد. وبين آلاف المقابر، تم تزيين ما لا يقل عن 100 مقبرة بواجهات منحوتة متقنة، تشكل تواقيع لحرفيين غادروا الحياة منذ فترة طويلة.

الخميس، كان بوتشيلي أول فنان يصدح غناءً في موقع الحِجر الأثرية، وهو الأول على الأقل منذ نحو ألفي عام، وقد أحضر معه اثنين من أطفاله: ماتيو (24 عامًا) وفيرجينيا (9 أعوام) ليشاركانه هذه اللحظات التاريخية. وقال بوتشيلي لـ "إندبندنت": "كانت لحظات عاطفية كبيرة بالنسبة إلي، جميل جدًا أن أغني معهما هنا" .

وإذا كان بوتشيلي متحمسًا لوجود طفليه معه على خشبة المسرح، ولغناء ما سماه "الرومانسيات الجميلة"، فقد أذهله المحيط العابق بروائح التاريخ والتراث. وقد قدم عرضًا لجمهور من 300 شخص فقط على خلفية مذهلة: المقابر العشرون المنحوتة. يقول علماء الآثار إن هذه المجموعة تقدم بعض أفضل النواويس المحفوظة في الحِجر، بما تتميز به من سمات مميزة: حراس روح مع رؤوس النساء وأجساد الأسود وأجنحة، تزين زوايا الأقواس.

نظر إليها بوتشيلي وقال: "إنه أمر مذهل". ففي حين أنه يغني أول مرة في موقع الحِجر، فقد غنى من قبل في العلا، في قاعة المرايا التي تقدم انعكاسًا في الخارج لسراب العصر الحديث. أضاف: "إنه مكان عاطفي للغاية لأن المكان مختلف جدًا. ثقافتها بعيدة جدًا عن ثقافتنا".

على الرغم من أن بوتشيلي كفيف، إلا أن قدرته كبيرة على تقديم أجواء موسيقية رومنسية رائعة، وقد فعل ذلك ليلة الخميس. قال لـ "إندبندنت": "أشعر بجو خاص. إنه مختلف تمامًا عن الأماكن المعتادة التي أؤدي فيها... المقابر والمدينة القديمة خصوصًا بالطبع. لكن هناك أيضًا صحراء شاسعة. حيث يمكن الإنسان أن يفكر بعمق أكبر".

بحسب الصحيفة البريطانية، أدى بوتشيلي أمام جمهور مقيد بسبب تدابير التباعد الاجتماعي، لكن بث الحقل على قناة بوتشيلي على موقع يوتيوب، ويعتقد أن الملايين من مريديه تابعوه افتراضيًا وهو يغني مع ابنته فيرجينيا أغنية "هاليلويا" لليونارد كوهين، وإلى جانبه ابنه ماتيو وضيوف مميزون: المغنية الأميركية لورين ألريد، والسوبرانو فرانشيسكا مايونتشي، ويوجين كون عازفًا على البيانو.

قال لـ "إندبندنت" أخيرًا: "الناس هنا سعداء للغاية باستقبال السياح. وإذا صادفت راعيًا، سيتحدث إليك. إنهم سعداء لرؤية الناس في قفارهم. أنا واثق من أن النجوم الآخرين سيأتون الآن إلى هنا. مهم أن تتوسع أفق الثقافة العالمية. ومهم دائمًا أن نوثق معرفتنا بعضنا ببعض في هذا العالم".

أعدت "إيلاف" هذا التقرير عن "إندبندنت". الأصل منشور على الرابط:

https://www.independent.co.uk/arts-entertainment/music/news/andrea-bocelli-live-alula-b1827978.html?amp