إيلاف من دبي: رغم أن الأردن طوى صفحة "زعزعة استقرار المملكة" بعد رسالة الملك عبدالله الثاني في السابع من أبريل الجاري، التي أعلن فيها أن "الفتنة وئدت"، بعد خلاف مع أخيه غير الشقيق الأمير حمزة، التحقيقات ما زالت مستمرة مع الموقوفين، ويتزامن معها تسريبات عن الأزمة التي هزت استقرار الأردن.
وبحسب تقرير لموقع "الحرة"، نشرت فاينانشيال تايمز مضمون تسريبات تلقتها من مسؤولين أردنيين، تضمنت وصفاً لمحادثات خاصة بين الأمير حمزة بن الحسين ورئيس الديوان الملكي الأسبق باسم عوض الله المتهم بـ"محاولة زعزعة استقرار وأمن المملكة"، حيث أوضح رئيس الوزراء الأردني بشر الخصاونة، أنه كان على اتصال مع الأمير حمزة ونسق معه منذ أكثر من سنة، وكان هناك حديث بينهما عن "تحريض ضد الملك ومخالفة الدستور".
وأكدت الصحيفة الأميركية أن المسؤولين الأردنيين نقلوا لها محتويات رسائل "واتساب" وغيرها من الاتصالات التي تم رصدها للأمير حمزة، وأشارت إلى أن "هذه المحادثات تحتوي على أوقات معينة دعا فيها الأمير أنصاره إلى الاحتجاج في الشوارع".
واتهمت الحكومة الأردنية، مطلع الشهر الجاري، الأمير حمزة وأشخاصًا آخرين من الحلقة المحيطة به بالتورط في مخطط "لزعزعة أمن الأردن واستقراره".
طلب مشورة عوض الله
بحسب "الحرة"، قالت الصحيفة الأميركية إن "الأمير حمزة طلب المشورة من عوض الله، حول ما إذا كان يجب أن يدعم سلسلة من التظاهرات المخطط لها في 24 مارس والتي دعت إليها حركة شبابية".
وسأل الأمير حمزة في رسالة نصية عما إذا كان الوقت مناسبا، وقال "لا أريد أن أتحرك بسرعة"، بحسب وصف مسؤول أردني لما ورد في الرسالة.
وتنقل الصحيفة عن مسؤولين أردنيين مطلعين على المراسلات التي تم اعتراضها أن "هناك عمل يتجاوز تنمية قاعدة نفوذ بديلة"، ويتحدث هؤلاء، بحسب الصحيفة، عن "تواطؤ مع عوض الله"، لأن الرسائل كانت تتضمن "نقاشاً حول التواريخ المختلفة التي سيطلب الأمير فيها من أنصاره الانضمام إلى الاحتجاجات في الشارع".
وطبقاً لأشخاص اطلعوا على التحقيق القائم، فقد كان جهاز المخابرات يرصد عوض الله لعدة سنين، بحسب الصحيفة.
وقال مسؤولان أردنيان إن "تحرك الأمير حمزة للحصول على دعم العشائر الأردنية والحصول على دعمها الرسمي يعني ضرب صميم شرعية العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني".
وفي سلسلة من الرسائل النصية ورسائل أخرى عبر تطبيق "واتساب"، كان "رجال يعملون لحساب حمزة يتواصلون مع زعماء القبائل، ويسألون إذا كانوا مستعدين لتغيير ولائهم"، بحسب الصحيفة.
توحيد المخابرات بقيادته
وفي سياق متصل، قالت "فاينانشيال تايمز": "قبل 8 سنوات، عرض الأمير حمزة على الملك عبد الله الثاني فكرة حول أجهزة المخابرات في البلاد".
وأضافت الصحيفة: "واجهت أجهزة المخابرات والأمن بعضها البعض ودخلت معركة استمرت عقدا من الزمن للسيطرة على مؤسسات الدولة، وسجن آنذاك اثنين من مديري المخابرات العامة بتهمة الفساد".
ومن هنا طلب الملك عبد الله من حمزة أن "يطرح فكرة تفيد الأسرة الهاشمية"، فقدم الأمير اقتراحا جريئا، وفقا لشخص مطلع على ذلك.
ودعا الأمير إلى توحيد جميع أجهزة المخابرات العسكرية في جهاز واحد وتعيينه على رأسها، ولكن الملك عبد الله رفض الفكرة.
وتنقل الصحيفة عن الشخص الذي وصفته بالمطلع أنه "من غير الوارد أن يسلم الملك الأمير حمزة تلك الصلاحيات الهائلة، بعد أن كان قد انتزع منه ولاية العهد".
وهنا قالت الصحيفة: "منذ رفض الفكرة، شرع الأمير البالغ من العمر 41 عاما في مسار مختلف، إذ وصل إلى القبائل البعيدة التي يعاني أهلها من البطالة".
تشكيك في التسريب
علق المحلل السياسي والنائب السابق، هايل ودعان الدعجة، في حديث لموقع "الحرة"، على هذه المعطيات قائلا: "أشكك بصحة هذا الكلام، وأجزم أنه لا يصدر عن الأمير حمزة".
وأضاف الدعجة: "للأجهزة العسكرية والأمنية خصوصيتها لدى الأسرة المالكة كما الشارع الأردني وهي محط احترام وتقدير من الجميع، ولن تصل الأمور بالأمير حمزة حد اقحام نفسه أو افتعال هكذا سيناريوهات، لا أظنها موجودة إلا في مخيلة من صاغ مثل هذا التقرير البعيد عن الواقع والمنطق".
وشكك أيضا بما ذكر في الصحيفة عن وجود مواجهة بين الأجهزة الأمنية بعضها ببعض ودخولها معركة لعقد من الزمن للسيطرة على المؤسسات، متسائلا: "ما هو مصدر هذه المعلومات".
وفي نوفمبر 2012، قضت محكمة أردنية بالسجن والغرامة على اللواء محمد الذهبي رئيس المخابرات السابق بتهم فساد، في أول قضية كبيرة في إطار حملة لمكافحة الفساد دفعت إليها احتجاجات شعبية. ونفى الذهبي الاتهامات وقال أنصاره إنه ليس سوى "كبش فداء".
ولكن الدعجة يرى أن "هناك من يستبيح الساحة الأردنية في ترويج الشائعات التي لا نعرف مصادرها، وبالتالي من الصعب جدا الوثوق بها، وكل ما في الأمر أن هناك من يحاول استغلال ما جرى مؤخرا في اختلاق الدسائس وفبركة الأخبار".
وتابع: "يبدو أن المفاجأة التي انطوى عليها موضوع الأمير حمزة، وبصورة غير معهودة في الساحة الأردنية، جعل البعض يذهب بعيدا في طروحاته وتحليلاته ومعلوماته دون بيان مصادرها، ولكن إذا ما كانت مثل هذه الأخبار قد وقعت قبل ثمان سنوات، فلماذا تثار الآن؟".
وختم قائلا: "لا نستطيع التعاطي مع هذه التلفيقات وكأنها حقائق".
التعليقات