واشنطن: عرقل الجمهوريون الجمعة تشكيل لجنة تحقيق مستقلة في الهجوم الدامي على مبنى الكابيتول في 6 كانون الثاني/يناير من قبل أنصار الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، قائلين إن التحقيقات التي تجريها الشرطة والكونغرس كافية.

وكان الأمر يتطلب عشرة أصوات من الجمهوريين لتضاف إلى 50 للديموقراطيين لإتمام التصويت النهائي الذي كان من شأنه أن يعطي الضوء الأخضر لتشكيل لجنة مكونة من 10 أعضاء مكرسة لكشف الحقيقة وراء الأحداث التي وصفها الرئيس جو بايدن بأنها "أسوأ هجوم على ديمقراطيتنا منذ الحرب الأهلية".

وصوّت ستة جمهوريين فقط لصالح تشكيل اللجنة، في نتيجة تعكس انقسامات عميقة ما زالت تسود الولايات المتحدة بعد خمسة أشهر من الهجوم على مقر الكونغرس الأميركي، والنفوذ الذي ما زال الرئيس السابق يحظى به داخل حزبه الجمهوري.

وفشلت جهود التوصل إلى حل وسط في مجلس الشيوخ المنقسم بالتساوي.

وكان أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريون ميت رومني وليزا موركوفسكي وسوزان كولنز من بين الشخصيات التي تحدّت قيادة الحزب للتصويت لصالح إجراء تصويت نهائي بشأن اللجنة، التي تحظى بدعم بايدن وعدد من النواب الجمهوريين السابقين.

وأقرت موركوفسكي بأنه من شأن تحقيق مستقل أن يؤذي البعض قبيل انتخابات منتصف الولاية الرئاسية المرتقبة في 2022 لكنها شددت على أن الأمر يستحق ذلك.

وقالت "لا أريد أن أعرف - لكني بحاجة إلى أن أعرف. وأعتقد أنه من المهم بالنسبة للبلاد أن يكون هناك تقييم مستقل". وتساءلت مستنكرة "هل الأمر حقا كذلك، أن كل شيء هو مجرد دورة انتخابية واحدة تلو الأخرى؟".

بدوره، قال زعيم الغالبية الديموقراطية في مجلس الشيوخ تشاك شومر "يبدو أن حقيقة الأمر هي أن أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين يعارضون اللجنة لأنهم يخشون أن تزعج دونالد ترامب ومواقف حزبهم في منتصف المدة".

وأضاف "هذا أمر مؤسف.. من أجل إيمان الأميركيين بديموقراطيتنا، يجب أن يكون هناك سرد كامل وشامل وموثوق به لما حدث" في السادس من كانون الثاني/يناير.

من جهة أخرى، أشار زعيم الأقلية الجمهورية النافذ في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل إلى أن اللجنة ستكون حزبية بشكل تام ولن تضيف أي جديد للتحقيقات التي تجريها وزارة العدل والكونغرس.

ويشير الجمهوريون إلى أنه تم توقيف أكثر من 400 شخص على خلفية دورهم في الاضطرابات وبالتالي فإن قضايا هؤلاء أمام المحاكم ستكفي لتوضيح ما حصل يومها.

ويجادل الجمهوريون مثل السناتور ريك سكوت بأن تحقيقات معمّقة تجري بالفعل من خلال استجوابات متعددة في وزارة العدل والكونغرس. وقال إن الناخبين يركزون على الاقتصاد والتضخم والمدارس.

وذكر سكوت لفرانس برس أن "ما يهتم به الناس هو المهم لعائلاتهم. إنهم لا يفكرون في لجنة".

وفي مجلس النواب، انضم 35 من أعضائه الجمهوريين البالغ عددهم 211 إلى الديموقراطيين دعما للجنة التي كانت ستتخذ من تلك التي تشكلت غداة هجمات 11 أيلول/سبتمبر 2001 نموذجا، علما أن الأخيرة كانت تحظى بدعم قوي من الحزبين.

وأشار المدافعون عن تشكيل اللجنة إلى أنها كانت ستضم خمسة أعضاء يختارهم الديموقراطيون وخمسة يختارهم الجمهوريون مع احتفاظ الطرفين بسلطة إصدار مذكرات استدعاء.

ويقول العديد من الخبراء إن الجمهوريين قيّموا الخسائر من تشكيل اللجنة ورأوا أنها ستسبب ضررا سياسيا رغم استطلاعات الرأي التي أظهرت أن معظم الأميركيين يؤيدون تشكيلها.

ويشير أستاذ العلوم السياسية في جامعة "سذرن ميثوديست" في دالاس، كالفن جيلسون، لفرانس برس إلى أن البث المتواصل لصور مثيري الشغب الذين يرتدون ملابس طُبعت عليها صورة ترامب والتي سترافق أخبار نتائج اللجنة سيكون "عرضا خاسرا للجمهوريين".

وقال جيلسون "ولذا أعتقد أن الزعماء الجمهوريين يقولون +سنتعرض لبعض الانتقادات إذا رفضنا إجراء تحقيق، لكن يمكننا أن نتلقى ضربة أكبر بكثير في انتخابات التجديد النصفي لعام 2022 إذا سمحنا لهذا الأمر أن يكون مركز الاهتمام+".

ويوافق الأستاذ في كلية الشؤون العامة بالجامعة الأميركية كابري كافارو على ذلك، قائلا إن النهج الاستباقي المفرط في ما يخص التدقيق في أعمال الشغب يمكن أن ينفر قاعدة ناخبي ترامب.