بيروت: يواجه مجتمع المثليين في لبنان تحديات هائلة، بعدما حرم انفجار المرفأ المروّع وما تلاه من أزمات أفراده من مساحاتهم "الآمنة" ومن مصادر دخلهم، وفق ما نبّهت منظمة أوكسفام في تقرير نشرته الخميس.
وقالت المنظمة إنّه لم يبق لمجتمع المثليين "إلا القليل من المساحات الآمنة، بعدما كانوا من بين (الفئات) الأكثر تضرراً من تداعيات انفجار بيروت ووباء كوفيد-19 والأزمة الاقتصادية المستمرة". وأوضحت أن "مزيج الأزمات دمّر أحياء بأكملها وجد فيها أفراده ملجأ لهم خلال العقد الأخير".
ويواجه أفراد "مجتمع الميم" تمييزاً ضدهم ورفضاً اجتماعياً، خصوصاً المتحولين جنسياً، ما يجعل ظروف معيشتهم وحصولهم على حقوقهم الأساسية كالرعاية الصحية والوظائف أمراً صعباً، في بلد تُعاقَب فيه العلاقات المثلية بالسجن ويضطر كثر الى اخفاء هويتهم الجنسية خشية من الوصمة الاجتماعية.
واستندت المنظمة في تقريرها بعنوان "مجتمع الميم في أزمة: صدمة وعدم مساواة وضعف" الى 110 مقابلات أجرتها في أحياء تضررت بفعل انفجار المرفأ في الرابع من آب/اغسطس والذي أودى بحياة أكثر من مئتي شخص وتسبب بإصابة أكثر من ستة آلاف بجروح.
تضرر أماكن تواجدهم
ولطالما شكلت أحياء مار مخايل والجميزة والجعيتاوي، التي كانت من الأكثر تضرراً جراء الانفجار، بيئة مرحّبة وحاضنة لأفراد مجتمع الميم، مع جذبها المقاهي والمطاعم والمراكز الثقافية والفنية والأجانب.
وصنّف جميع المستجوبين القضايا المتعلّقة بالسكن على رأس قائمة أبرز الصعوبات التي يواجهونها، تليها قدرتهم على الوصول الى المساحات المجتمعية وأنظمة الرعاية (48%)، ثمّ توفير بدلات إيجار منازلهم (41%) فامتلاك مساحة آمنة للعيش (39%).
أوضاع معيشية صعبة
وأكد 40 في المئة من المستجوبين أن أوضاعهم المعيشية تأثّرت سلباً جراء الانفجار. وقال نصفهم تقريباً إنهم يعتمدون على دعم عائلاتهم والمساعدات الانسانية من أجل توفير احتياجاتهم. وفقد سبعون في المئة من المستجوبين وظائفهم في العام المنصرم، على وقع الازمات المتلاحقة.
وقال مستشار النوع الاجتماعي لدى المنظمة في لبنان نزار عواد "كان الانفجار بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير بالنسبة إلى مجتمع المثليين في بيروت. لقد دمّر كل ما تبقى لهم من مساحات آمنة" في المدينة.
ودعت أوكسفام الحكومة إلى إعطاء أولوية "لإعادة بناء المساحات الآمنة لمجتمع الميم وتقديم المساعدات الأساسية، بما في ذلك المساعدات النقدية والمأوى والوصول إلى الخدمات، لمن لم تشملهم مشاريع المساعدات الحالية".
ويشهد لبنان منذ صيف 2019 انهياراً اقتصادياً متسارعاً فاقمه انفجار المرفأ وإجراءات مواجهة فيروس كورونا، وسط شلل سياسي تام. وعلى وقع انهيار الليرة، بات أكثر من نصف السكان تحت خط الفقر، وارتفع معدل البطالة، فيما يشترط المجتمع الدولي على السلطات تنفيذ إصلاحات ملحة لتحصل البلاد على دعم مالي ضروري يخرجها من دوامة الانهيار.
التعليقات