بيروت: خرجت دفعة أولى من المقاتلين السوريّين المعارضين من درعا في إطار هدنة تم التوصّل إليها بوساطة روسية ترمي إلى وضع حد لأعنف معارك شهدتها المنطقة منذ سنوات، وفق ما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان.

وشهدت مدينة درعا خلال الأسابيع الماضية تصعيداً عسكريّاً بين قوّات النظام ومجموعات مسلّحة محليّة، بعد ثلاث سنوات من الهدوء جرّاء تسوية استثنائية رعتها روسيا. وتفاقمت الأوضاع الإنسانيّة مع حصار فرضته قوات النظام على درعا البلد، أي الأحياء الجنوبيّة في المدينة حيث مقاتلون معارضون وافقوا على التسوية مع قوّات النظام.

وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان بأنّ "الدفعة الأولى من المسلّحين الرافضين للتسوية مع قوّات النظام" قد غادرت درعا، موضحًا أنّ "عددهم عشرة أشخاص".

إتّفاق برعاية موسكو

وبموجب إتّفاق تمّ التوصل إليه برعاية موسكو، سُمح للمقاتلين المعارضين بالبقاء في المنطقة، وقد التحق قسم منهم بالجيش فيما بقي قسم آخر مسيطرًا على أنحاء فيها.

وينصّ الإتفاق على إجلاء المطلوبين، ويدعو المقاتلين المعارضين الراغبين بالبقاء في درعا إلى إلقاء السلاح، وفق المرصد.

وكانت صحيفة الوطن التابعة للنظام السوري قد أشارت إلى بدء إجلاء المقاتلي الرافضين للتسوية مؤكّدة بدء تطبيق إتفاق الهدنة.

ودفع التصعيد العسكري بين قوّات النظام ومقاتلين معارضين في مدينة درعا في جنوب سوريا أكثر من 38 ألف شخص إلى النزوح خلال شهر تقريباً، وفق ما أعلنت الأمم المتحدة الثلاثاء، فيما لا تزال المفاوضات متعثّرة.

وأحصى مكتب تنسيق الشؤون الإنسانيّة التابع للأمم المتحدة في بيان الثلاثاء نزوح 38,600 شخص إلى مدينة درعا ومحيطها، فرّ معظمهم من درعا البلد.

ويتوزّع النازحون، وفق المصدر ذاته، بين نحو 15 ألف امرأة وأكثر من 3200 رجل ومن كبار السن، إضافة إلى أكثر من 20,400 طفل.

وزادت الأوضاع الإنسانيّة سوءاً مع استمرار مناوشات وإشتباكات متقطّعة وتبادل القصف، إلى جانب إحكام قوّات النظام تدريجياً الخناق على درعا البلد، فيما لم تسفر الإجتماعات المتكرّرة عن التوصّل لاتفاق في المدينة التي اندلعت منها شرارة الإحتجاجات الشعبيّة ضد النظام عام 2011.

وضع حرج

وحذّرت الأمم المتحدة من وضع حرج في الأحياء التي تشهد تصعيداً عسكريّاً، منبّهة إلى أنّ إمكان الوصول إلى السلع والخدمات الأساسيّة، بما في ذلك الطعام والكهرباء بات "صعبًا للغاية".

من جانبه، أشار المرصد إلى أنّ قوّات النظام تقيّد دخول البضائع إلى درعا البلد، حيث يقيم نحو أربعين ألف شخص "يعيشون الحصار الذي أفقد العائلات المؤونة، إضافة إلى نقص في الخدمات الطبيذة وانقطاع مياه الشرب والكهرباء والإنترنت".

وفي مداخلة خلال جلسة لمجلس الأمن الدولي شدّد المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا غير بيدرسن الثلاثاء على حاجة البلاد الملحّة للمساعدات الإنسانيّة.

وقال "نجدّد دعوتنا كل الأطراف إلى وضع حد نهائي للعنف"، مطالبًا بإتاحة دخول المساعدات الإنسانيّة "فورًا وبشكل آمن ومن دون عراقيل إلى كل المناطق المتضرّرة بما فيها درعا البلد".

ومحافظة درعا هي المنطقة الوحيدة التي لم يخرج منها كل مقاتلي الفصائل المعارضة بعد استعادة قوّات النظام السيطرة عليها في تموز/ يوليو 2018، إذ وضع اتفاق تسوية رعته موسكو حدًّا للعمليّات العسكريّة وأبقى وجود مقاتلين معارضين احتفظوا بأسلحة خفيفة، فيما لم تنتشر قوّات النظام في كل أنحاء المحافظة.

وتعد المواجهات التي اندلعت في نهاية تموز/ يوليو في مناطق متفرّقة من المحافظة بينها مدينة درعا "الأعنف" خلال ثلاث سنوات، وفق المرصد.