إيلاف من دبي: قالت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية، إن حركة طالبان تقود منذ سنوات "حرباً خفية" ضد تنظيم داعش في أفغانستان، رغم استفادة الحركة من بعض العمليات الإرهابية التي نفذها التنظيم، بحسب ما نقل موقع "الشرق" الإخباري.

العداء بين طالبان وتنظيم "داعش" في أفغانستان المعروف بـ"ولاية خراسان" ظهر جلياً الأسبوع الماضي حين أعدم مسؤولو طالبان سجناء من داعش، ضمنهم الأمير السابق للتنظيم في جنوب آسيا أبو عمر الخراساني.

قبل أيام قليلة من إعدامه على يد طالبان، أجرى أبو عمر الخراساني حواراً مطولاً مع صحيفة "وول ستريت جورنال" في أحد سجون كابول، حيث كان يقضي عقوبة السجن منذ اعتقاله في عملية نفذتها القوات الأفغانية بدعم من الجيش الأميركي في مايو 2020.

عند إجراء الحوار كانت طالبان تتقدم بسرعة نحو العاصمة كابول، والتي كانت آنذاك ما تزال تحت سيطرة الحكومة الأفغانية، وهو ما جعل أبو عمر الخراساني يأمل في أن تطلق الحركة سراحه، عقب دخولها العاصمة الأفغانية.

وقال الخراساني للصحيفة الأميركية، "سيُطلق (مسؤولو طالبان) سراحي من السجن، إن كانوا مسلمين صالحين". غير أن طالبان وبمجرد سيطرتها على السجن أطلقت سراح المئات، عدا 8 سجناء من تنظيم داعش، نفذت فيهم حكم الإعدام، وضمنهم أبو عمر الخراساني، بحسب "وول ستريت جورنال".

ولفتت الصحيفة إلى أن حركة طالبان كانت تشن لسنوات "حرباً خفية ضد تنظيم داعش"، الذي تراه خصماً لها في أفغانستان، وذلك بالموازاة مع الحرب التي كانت تخوضها ضد الجيش الأميركي وقوات الحكومة الأفغانية.

وهز تفجير انتحاري مزدوج نفذه موالون لتنظيم داعش الخميس، مطار حامد كرزاي في كابول، الذي كانت تؤمّنه حركة طالبان والقوات الأميركية، ما أسفر عن مقتل 170 شخصاً من بينهم 13 جندياً أميركياً بحسب وزارة الدفاع الأميركية، بحسب "الشرق".

وقالت "وول ستريت جورنال"، إن الهجوم على مطار كابول يشير إلى أن الحرب بين طالبان وتنظيم داعش "ما تزال دامية"، مشيرةً إلى أن استمرار وجود التنظيم في أفغانستان قد يمكّن حركة طالبان من الحصول على دعم دول غربية، ضمنها الولايات المتحدة، التي ترى داعش تهديداً لها.

غضب تحت السطح

العلاقة بين تنظيم القاعدة وحركة طالبان، التي رفضت تسليم زعيم التنظيم أسامة بن لادن إلى الولايات المتحدة عقب هجمات 11 سبتمبر الإرهابية، كانت الذريعة وراء الغزو الأميركي لأفغانستان عام 2001.

لكن التضامن الظاهر بين طالبان والقاعدة كان يخفي وراءه علاقة متوترة، إذ تصاعد غضب بعض قادة طالبان ضد أسامة بن لادن لاستخدامه أفغانستان كقاعدة لعمليات القاعدة، بحسب "وول ستريت جورنال".

وأشارت "وول ستريت جورنال" إلى أنها حصلت على جهاز كمبيوتر في كابول بعد الإطاحة بطالبان في عام 2001، يتضمن سجلات تبرز خلافات بين القاعدة وطالبان.

وأشارت إلى أن عناصر القاعدة غالباً ما كانوا ينظرون إلى حلفائهم الأفغان بازدراء على أنهم أمّيون وغير قادرين على فهم القرآن، فيما كان أعضاء في طالبان يلقون باللوم على القاعدة في تفاقم مشاكل الحركة مع الغرب.

وقالت الصحيفة إن القوات الأميركية عثرت على وثائق في مخبأ أسامة بن لادن في باكستان بعد قتله عام 2011، تثبت أن اتصالاته مع قادة حركة طالبان كانت "ضعيفة"، كما جاء في تقرير "الشرق".

وعلى الرغم من غياب التنسيق على مستوى القيادات، توضح الصحيفة، أن طالبان والقاعدة أقاما روابط أقوى في ساحات المعارك، حيث قاتل كلاهما القوات الأميركية في أفغانستان.

ونقلت الصحيفة عن قائد سابق في طالبان، أن الحركة والقاعدة شرعا بحلول 2009 في دمج القوات، وشنت قوات مشتركة للجماعتين، حملة إرهابية ضد الحكومة المدعومة من الولايات المتحدة وقوات التحالف من خلال هجمات خاطفة وتفجيرات واغتيالات.

وأشارت الصحيفة إلى أن ديناميكية العلاقة بين طالبان والقاعدة تغيرت وتراجع التنسيق بينهما مع رغبة القاعدة في التواري إلى الوراء إثر تضررها من العمليات التي شنتها القوات الأميركية والقوات الأفغانية ضد معاقلها، وظهور تنظيم داعش في سوريا والعراق عام 2015، والتحاق عدد كبير من المقاتلين من منطقة خراسان شمال غرب أفغانستان بتنظيم داعش، وهو ما أضعف تنظيم القاعدة بشكل أكبر.

خصم منذ النشأة

حركة طالبان لم تكن من المرحبين بظهور تنظيم داعش، واعتبرته "عائقاً" أمام تحقيق أهدافها في أفغانستان، بحسب "وول ستريت جورنال".

ونقلت الصحيفة عن أبو عمر الخراساني قوله، إن "تنظيم داعش كانت لديه أهداف عالمية أكثر طموحاً، بينما سعت طالبان لاستعادة السيطرة على أفغانستان فقط، ولم يكن لديها مصلحة في مساعدة جماعات أخرى خارج أفغانستان".

وأضاف الخراساني، "قيادة داعش مستقلة، وأهداف داعش مستقلة. لدينا أجندة عالمية، ولذلك عندما يسأل الناس من يمكنه حقًا تمثيل الإسلام والمجتمع الإسلامي بأسره، فنحن بالطبع أكثر جاذبية لتولي المسؤولية".

ولفت الخراساني، إلى أنه انضم إلى تنظيم "ولاية خراسان" عندما أسست جماعة موالية له التنظيم في أفغانستان، موضحاً أنه تدرّج في المناصب حتى أصبح أميراً للتنظيم، ويشرف على كل عملياته في جنوب آسيا والشرق الأقصى.

وقال الخراساني، إن هجمات تنظيم "داعش" في أفغانستان، "كثيراً ما استفادت منها طالبان على الرغم من العداء بين التنظيمين"، مشيراً إلى أن التنظيم اقتحم أحد السجون في مدينة جلال آباد العام الماضي، وأطلق سراح مئات السجناء من طالبان و"داعش"، وفقًا لتقرير "الشرق".

مواجهة مباشرة

بحسب الخراساني، فإن أولى المواجهات المسلحة المباشرة بين طالبان و"داعش" وقعت في ولاية جوزجان الأفغانية عام 2017، بعدما انشق أحد أمراء الحرب عن طالبان وأقسم الولاء هو ومقاتلوه لزعيم "داعش" أبو بكر البغدادي.

ولفتت "وول ستريت جورنال" إلى أن القتال الذي ورد في تصريحات الخراساني يتوافق مع الروايات الرسمية الأميركية عن معارك في المنطقة عام 2017 استمرت لشهور وسُحق خلالها مقاتلي "داعش" على أيدي القوات الأميركية والحكومة الأفغانية وطالبان.

وقال الخراساني، إن تنظيم داعش في ولاية ننكرهار لقي مصيراً مماثلاً، وقُتل معظم عناصره إثر هجمات شنتها قوات الولايات المتحدة والحكومة الأفغانية وحركة طالبان.

وتابع الخراساني، "لقد دعم الجميع حركة طالبان بطريقة أو بأخرى ضدنا"، في إشارة إلى القوات الأجنبية في أفغانستان، مضيفاً، "هذا هو السر وراء فوزها في المعارك".

وتبعًا لما أورده موقع "الشرق"، نقلت "وول ستريت جورنال" عن مسؤول في الحكومة الأفغانية السابقة، قوله، إن بروز تنظيم "داعش" مجدداً في أفغانستان كتهديد للدول الغربية قد يحقق لحركة طالبان مكاسب دبلوماسية، تمكّنها من التخلص سمعتها القديمة بدعم الجماعات الإرهابية.

ولفتت الصحيفة إلى أن الولايات المتحدة قامت بالخطوة الأولى نحو الاعتراف بشرعية طالبان العام الماضي، حينما جلست معها إلى طاولة المفاوضات في الدوحة، وهي المفاوضات التي أسفرت عن الاتفاق الذي أنهى الحرب في افغانستان.

وبموجب الاتفاق، التزمت الولايات المتحدة بسحب كل جنودها من أفغانستان، مقابل تعهد حركة طالبان بمنع تحول أفغانستان إلى ملاذ آمن للجماعات الإرهابية.