واشنطن: أقرّ الكونغرس الأميركي مشروع قانون يرفع سقف الدين العام للولايات المتّحدة لغاية نهاية السنة، في إجراء مؤقّت يجنّب أكبر قوة إقتصادية في العالم خطر الوقوع، لأوّل مرة في تاريخها، في وهدة التخلّف عن السداد.

وبعدما كان مجلس الشيوخ قد أقرّ مشروع القانون الأسبوع الماضي، وافق مجلس النواب الثلاثاء على النصّ بفضل أغلبيته الديموقراطية، إذ صوّت 219 نائباً مع المشروع و206 ضدّه.

ويرفع النصّ سقف الدين العام للبلاد بمقدار 480 مليار دولار، الأمر الذي سيسمح لها بالوفاء بالتزاماتها المالية حتى نهاية كانون الأول/ديسمبر لا بل حتّى مطلع العام المقبل.

وبإقراره في الكونغرس سيُحال النصّ إلى الرئيس جو بايدن الذي سيوقّعه على الفور، بحسب ما أعلن البيت الأبيض.

ويُبعد هذا القانون عن الولايات المتحدة مؤقتاً شبح التخلّف عن السداد وعواقبه الكارثية على القوة الإقتصادية العملاقة وسائر دول العالم.

ولم يُحرَز هذا التقدّم بدون اضطرابات، إذ إنّ النصّ كان موضع نقاشات لا تنتهي في مجلس الشيوخ الذي صادق أخيراً على تسوية الخميس الماضي.

في الواقع، رفض الجمهوريون الموافقة على أي خطوة لرفع سقف الديون لأنّهم يؤكّدون أنّ ذلك سيكون بمثابة منح جو بايدن شيكاً على بياض لتمويل خطّتيه الإستثماريتين الضخمتين.

والخطتان لم يقرّهما الكونغرس بعد، ورفع سقف الدين سيخصّص أساساً لتسديد مبالغ مقترضة بينها آلاف مليارات الدولارات التي أُنفقت في ظلّ رئاسة دونالد ترامب.

حل دائم

عند عرض الحل المؤقّت لتجنّب أزمة الديون، حثّ زعيم الجمهوريين في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل الديموقراطيين على التوصّل إلى حل دائم بأنفسهم بحلول كانون الأول/ديسمبر باستخدام مسار تشريعي معقّد.

لكن معسكر الرئيس بايدن رفض حتى الآن استخدام هذه المناورة "الخطيرة جداً" بالنسبة للدَّين.

والنصّ الذي أُقرّ الثلاثاء، يؤجّل فقط حتى نهاية تشرين الثاني/نوفمبر معركة برلمانية تعد بأن تكون صعبة حول الشؤون المالية للولايات المتحدة.

ولا يسمح الإحتمال الكبير بأن تغرق الولايات المتحدة مجدداً في المشكلة نفسها في كانون الأول/ديسمبر، بطمأنة المؤسّسات والأسواق.

وأوضحت وزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين عبر شبكة "سي أن أن" الأسبوع الماضي أنّ كانون الأول/ديسمبر "مهلة قصيرة" و"الريبة مستمرة على الأمد الطويل".

تحذير

من جانبها، وجّهت رئيسة مجلس النواب الديموقراطية نانسي بيلوسي تحذيراً الثلاثاء قبل التصويت فقالت إنه إذا لم يتمّ رفع سقف الدين على المدى الطويل بشكل متّسق، فإنّ التأثير سيكون "هائلاً" والولايات المتحدة ستشهد خصوصاً "خسارة ستة ملايين وظيفة".

وأضافت أن "تخلّفاً عن السداد سيحدث موجة صدمة في كافة الأسواق المالية العالمية".

وأعربت بيلوسي أيضاً عن أملها بالتوصل إلى اتفاق طويل الأمد "بمشاركة الحزبين". لكنها أشارت إلى أنّ في هذه الأثناء "سنصوّت على قانون اليوم سيرافقنا حتى كانون الأول/ديسمبر، مع الأمل بأن يكون الناس قد أدركوا حينها التحديات".

حل على المدى الطويل

واعتبرت كبيرة خبراء الإقتصاد في صندوق النقد الدولي غيتا غوبينات أنه ينبغي على الولايات المتحدة أن تجد "حلاً على المدى الطويل" لإدارة دَينها.

وقالت في مؤتمر صحافي بمناسبة نشر التوقعات الإقتصادية العالمية للصندوق، إنّ "ذلك يمكن أن يحصل من خلال استبدال سقف الدَّين بنوع من هدف للميزانية على المدى المتوسط" أو عبر "رفع تلقائي لسقف الدين". وأضافت أنّ "التكرار المستمرّ (لهذه المشكلة في الكونغرس) ليس أمراً مفيداً بالطبع" لحسن سير الإقتصاد، مشيرةً إلى أنّ هذا الأمر يخلق انعدام ثقة خصوصاً في الأسواق.

وختمت بالقول "أعتقد إذاً أن هذا الأمر يجب أن يتمّ إصلاحه".