الرياض: سلم الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي الخميس صلاحياته إلى مجلس قيادة رئاسي، في مسعى لتوحيد الصفوف تمهيدا لتكليفه التفاوض مع المتمردين الحوثيين لإنهاء النزاع الدامي المتواصل منذ أكثر من سبع سنوات.
وقال هادي المقيم في الرياض في خطاب بث على التلفزيون "ينشأ بموجب هذا الإعلان مجلس قيادة رئاسي لاستكمال تنفيذ مهام المرحلة الانتقالية، وأفوّض مجلس القيادة الرئاسي بموجب هذا الإعلان تفويضاً لا رجعة فيه بكامل صلاحياتي وفق الدستور والمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية".
ويتألف المجلس الرئاسي من ثمانية أعضاء وهو برئاسة الوزير السابق ومستشار الرئيس اليمني رشاد العليمي. ويتسلم المجلس، بالإضافة لصلاحيات الرئيس، صلاحيات نائب الرئيس بعدما قام هادي أيضا بإعفاء نائبه علي محسن الأحمر من منصبه.
وقال هادي إنّ مجلس القيادة الرئاسي الجديد مكلّف بـ"التفاوض مع الحوثيين لوقف إطلاق نار دائم في كافة أنحاء الجمهورية والجلوس على طاولة المفاوضات للتوصل إلى حل سياسي نهائي وشامل يتضمن مرحلة انتقالية تنقل اليمن من حالة الحرب إلى حالة السلام".
ويأتي الإعلان في ختام مشاورات للقوى اليمنية في الرياض برعاية مجلس التعاون الخليجي، في غياب المتمردين الحوثيين الذين رفضوا إجراء حوار في السعودية.
وفي إطار ترحيبها بالإعلان، أكدت السعودية في بيان على "دعمها الكامل لمجلس القيادة الرئاسي والكيانات المساندة له لتمكينه من ممارسة مهامه في تنفيذ سياسات ومبادرات فعالة من شأنها تحقيق الأمن والاستقرار في الجمهورية اليمنية وإنهاء الأزمة اليمنية".
كما أعلنت عن تقديم "دعم عاجل" للاقتصاد اليمني بقيمة 3 مليارات دولار، تتضمن ملياري دولار مناصفة بينها وبين الإمارات دعما للبنك المركزي اليمني.
من جهتهم، قال المتمردون على لسان المتحدث باسمهم محمد عبد السلام على تويتر إنّ قرار إنشاء المجلس "محاولة يائسة لإعادة ترتيب صفوف المرتزقة للدفع بهم نحو مزيد من التصعيد".
وأكّد عبد السلام أنّ "طريق السلام بوقف العدوان ورفع الحصار وخروج القوات الأجنبية من البلاد".
من جانبها، دعت القوى اليمنية المجتمعة في الرياض في البيان الختامي لمشاوراتها مجلس القيادة الرئاسي للتفاوض مع الحوثيين.
وقال رئيس الوزراء اليمني معين عبد الملك سعيد الذي تلا البيان "ندعو مجلس القيادة الرئاسي لبدء التفاوض مع الحوثيين تحت إشراف الأمم المتحدة من أجل التوصل لحل سياسي نهائي وشامل" للنزاع المستمر منذ أكثر من سبع سنوات.
تقود المملكة تحالفاً عسكرياً في اليمن دعما للحكومة التي تخوض نزاعا داميا ضد الحوثيين منذ منتصف 2014، في حرب قتل وأصيب فيها مئات الآلاف وسببت أسوأ أزمة إنسانية في العالم، بحسب الامم المتحدة.
ودخلت هدنة لمدة شهرين قابلة للتمديد في اليمن حيز التنفيذ مساء السبت، في بارقة أمل نادرة في الصراع الذي مزّق أفقر دول شبه الجزيرة العربية.
وبحسب المحلّل في مجموعة الأزمات الدولية بيتر سالزبري، فإن هذا "التحول هو الأكثر تأثيرا في الإجراءات الداخلية في التكتل المعادي للحوثيين منذ بداية الحرب"، ولكنه أشار إلى أن تطبيق بنود هذا الاتفاق سيكون "معقدا".
ويضم المجلس الرئاسي شخصيات من المجلس الانتقالي الجنوبي المؤيد للانفصال عن شمال البلاد.
من جانبه، استقبل ولي عهد السعودية الامير محمد بن سلمان رئيس وأعضاء مجلس القيادة الرئاسي، بحسب وكالة الانباء السعودية. وأعرب الأمير الذي يتولى كذلك وزارة الدفاع منذ بداية التدخل العسكري لبلاده في اليمن، عن تطلعه "في أن يسهم تأسيسه في بداية صفحة جديدة في اليمن تنقله من الحرب إلى السلام والتنمية".
من جهته، أكّد الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي نايف الحجرف "دعم مجلس القيادة الرئاسي لتمكينه من ممارسة مهامه". كما أصدرت وزارة الخارجية الكويتية بيانا مماثلا.
وفي باريس، قالت وزارة الخارجية ان "هذه خطوة مهمة نحو استعادة الدولة التي تخدم جميع اليمنيين والمنخرطة في العملية السياسية".
من جانبها، قالت الباحثة في جامعة أكسفورد اليزابيث كيندال لفرانس برس إن "الوضع الراهن كان في سبات. كان يتوجب أن يتغير أمر كبير لدفع الاطراف المتحاربة على طريق عملية سياسية" معتبرة أن تسليم الصلاحيات الرئاسية "قد يكون ذلك".
وبحسب كيندال "حكومة هادي كانت ضعيفة وغير كفؤة"، موضحة "كان هناك اعتقاد خاطئ مفاده أن مناهضة الحوثيين تعني موالاة الحكومة. لم يحدث ذلك في عهد هادي".
ويعتمد نحو 80 بالمئة من سكان اليمن البالغ عددهم 30 مليون نسمة على المساعدات من أجل البقاء على قيد الحياة، فيما تقول الامم المتحدة ان اليمن يشهد أسوأ أزمة انسانية في العالم.
وتسبّب النزاع على السلطة بين الحكومة والمتمردين المدعومين من إيران منذ بدأ في منتصف 2014، بمقتل أكثر من 377 ألف شخص بشكل مباشر أو بسبب تداعيات الحرب، وفق الأمم المتحدة.
ويسيطر الحوثيون على العاصمة صنعاء ومناطق أخرى في شمال وغرب البلاد، بينما يسيطر تحالف عسكري بقيادة السعودية يقدم الدعم لقوات الحكومة، على الأجواء اليمنية.
التعليقات