القدس: نفذت إسرائيل فجر الثلاثاء غارات جوية على قطاع غزة هي الأولى منذ أشهر ردا على إطلاق صاروخ من القطاع باتجاه الدولة العبرية، وسط توتر في المسجد الأقصى ومحيطه في القدس الشرقية المحتلة.
وفي الضفة الغربية التي شهدت خلال الأسابيع القليلة الماضية سلسلة من العمليات العسكرية الإسرائيلية، قال الجيش إنه اعتقل خمسة فلسطينيين ليل الإثنين-الثلاثاء.
وتركز التوتر في القدس في محيط المسجد الأقصى احتجاجا على ما يقوم به يهود بينهم مستوطنون من "زيارات" لباحات المسجد تتم في أوقات محددة وضمن شروط.
ويعتبر الفلسطينيون الذين يتوافدون بكثافة لأداء الصلوات في المسجد خلال شهر رمضان "زيارات" اليهود للموقع الذي يطلقون عليه "جبل الهيكل" عمليات "اقتحام".
وتترافق زيارات اليهود بحماية أمنية مشددة فيما تم تقييد وصول الفلسطينيين إلى الموقع خلال عطلة عيد الفصح اليهودي على نحو خاص.
زاد التصعيد الذي تزامن مع عيدي الفصح عند اليهود والفصح عند المسيحيين وشهر رمضان، من المخاوف من تجدد سيناريو العام الماضي بعدما تطورت تظاهرات وصدامات في محيط المسجد إلى تصعيد دام مع قطاع غزة استمر 11 يوما.
وكانت جميع الأطراف قد بذلت جهودا حثيثة قبل بدء شهر الصوم لتجنب أي تصعيد.
الإثنين ولأول مرة منذ مطلع العام الجاري، دوت صفارات الإنذار في جنوب إسرائيل بعد إطلاق صاروخ من قطاع غزة الذي تحكمه حركة حماس الإسلامية، اعترضته منظومة القبة الحديدية للدفاع الجوي.
ورد الطيران الحربي الإسرائيلي على ذلك بضربات جوية قال إنها استهدفت مصنع أسلحة تابعًا لحماس.
وأعلنت كتائب القسام الجناح العسكري لحماس أن دفاعاتها الجوية تصدت للغارات الإسرائيلية التي لم تسفر عن وقوع إصابات وذلك على ما أكد شهود عيان ومصادر أمنية في القطاع المحاصر.
ولم يتبنَ إطلاق الصاروخ أي فصيل فلسطيني في قطاع غزة حيث يقطن 2,3 مليون نسمة.
وتأتي هذه التطورات بعد تصاعد عنيف مستمر منذ أسابيع، قتل خلاله 23 فلسطينيا بينهم مهاجمون، بالإضافة إلى ثلاثة مهاجمين عرب إسرائيليين نفذوا عمليات داخل إسرائيل قتل خلالها 14 شخصا وفق تعداد وكالة فرانس برس.
وأججت الصدامات التي اندلعت الجمعة في باحات المسجد الأقصى ومحيطه من الوضع بعد إصابة نحو 190 فلسطينيا واعتقال المئات.
كما أصيب سبعة إسرائيليين بعد تعرض حافلة كانوا يستقلونها للرشق بالحجارة نفذه فلسطينيون.
من جانبها، أكدت الشرطة الإسرائيلية الثلاثاء أنها رفضت طلب يهود متشددين تنظيم مسيرة حول أسوار البلدة القديمة في القدس الشرقية.
وفي قرية برقة قرب مدينة نابلس شمال الضفة الغربية، قالت جمعية إسعاف الهلال الأحمر الفلسطيني إن طواقمها تعاملت مع "72 إصابة" معظمها إصابات بالاختناق.
وسجلت الإصابات في أعقاب دعوة "هيئة مقاومة الجدار والاستيطان" والفعاليات الوطنية في المدينة إلى "التصدي" لمسيرة للمستوطنين كانت متوجهة إلى مستوطنة حومش.
وكانت إسرائيل قد أخلت المستوطنة وثلاث مستوطنات أخرى في العام 2005، لكن مالكي الأرض الفلسطينيين لم يتمكنوا من استعادة أرضهم بسبب أمر عسكري إسرائيلي سابق قضى بمصادرتها.
ويعيش في الضفة الغربية حوالى ثلاثة ملايين فلسطيني، بالإضافة إلى نحو 475 ألف إسرائيلي في مستوطنات يعتبرها المجتمع الدولي غير قانونية.
وقعت صدامات مشابهة العام الماضي في الموقع المقدس تطورت إلى تصعيد مع الفصائل المسلحة في قطاع غزة أسفر عن مقتل 260 فلسطينيا على الأقل بينهم مقاتلون، وفي الجانب الإسرائيلي قتل 14 شخصا بينهم فتاة وجندي.
ولطالما تعهدت حركة حماس بالدفاع عن الحرم الشريف باعتباره "موقعا إسلاميا خالصا".
لكن محللين أكدوا أن الحركة غير معنية بالحرب حاليا، معللين ذلك بتراجع قدرتها العسكرية بعد التصعيد الأخير العام الماضي، بالإضافة إلى تخوفها من إلغاء إسرائيل للتسهيلات التي قدمتها لسكان القطاع.
وكانت الدولة العبرية أعلنت الشهر الماضي عن نيتها رفع حصة قطاع غزة من تصاريح العمل إلى 20 ألفا، بواقع 8 آلاف تصريح جديد.
لكن الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي زياد النخالة قال في تصريح مقتضب "إن ما يجري في القدس من انتهاكات يعادله أرواحنا، وإن تهديدات العدو بوقف التسهيلات عن غزة لا تستطيع أن تجعلنا نصمت عما يجري في القدس والضفة المحتلة".
وتزيد نسبة البطالة في القطاع عن 50 في المئة في صفوف الشباب.
ووفق مصادر دبلوماسية، يعقد مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة الثلاثاء جلسة لمناقشة التصعيد.
الإثنين، أعربت الولايات المتحدة على لسان وزير خارجيتها نيد برايس عن "بالغ قلقها" من التوترات. وأكد برايس على وجود اتصالات هاتفية بنظرائه في إسرائيل والسلطة الفلسطينية بالإضافة إلى الدول العربية.
وقال برايس "لقد شددنا على جميع الأطراف على ضرورة الحفاظ على الوضع التاريخي الراهن" في الأقصى وتجنب الخطوات "الاستفزازية".
التعليقات