كييف (أوكرانيا): حذرت روسيا الاثنين من خطر أن يؤدي تصاعد النزاع في أوكرانيا إلى نشوب حرب عالمية ثالثة، متهمة كييف بالتلاعب في محادثات السلام، وذلك بعد يوم من تصريح وزيري الدفاع والخارجية الأميركيين خلال زيارتهما كييف بإمكان صد أوكرانيا للغزو الروسي.

وأثارت الحرب موجة دعم من قبل الدول الغربية لكييف شهدت تدفق المساعدات والأسلحة إلى أوكرانيا لمساعدتها في مقاومة القوات الروسية.

وفي حديثه إلى وكالات أنباء روسية، انتقد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف مقاربة كييف لعرقلة محادثات السلام، قائلا إن خطر نشوب حرب عالمية ثالثة أمر "جدي".

وأضاف "إنه أمر حقيقي، لا يمكنك التقليل من شأنه".

وبينما أكد أن موسكو ستواصل محادثات السلام مع كييف، اتهم لافروف الرئيس الاوكراني فولوديمير زيلينسكي ب"التظاهر" بالتفاوض، مضيفا "إنه ممثل جيد... إذا نظرت بتمعّن وقرأت ما يقوله بعناية، ستجد ألف تناقض".

ويطالب زيلينسكي دول الغرب منذ أشهر بمده بأسلحة ثقيلة بينها مدفعية وطائرات مقاتلة، مؤكدا أن بإمكان قواته قلب مسار الحرب في حال تلقيها المزيد من الأسلحة.

ويبدو أن نداءاته بدأت تلقى صدى، فقد تعهد عدد من دول حلف شمال الأطلسي في الأيام القليلة الماضية إمداد أوكرانيا بأسلحة ثقيلة ومعدات، رغم احتجاج موسكو.

الزيارة الأميركية

وقال وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن لمجموعة من الصحافيين بعدما التقى ووزير الخارجية بلينكن بالرئيس زيلينسكي "الخطوة الأولى للانتصار هي الثقة بإمكان تحقيق ذلك"، مضيفاً "نرى أن بإمكانهم الانتصار (...) إذا كانت لديهم المعدات المناسبة والدعم المناسب".

وجاءت الزيارة الشديدة الحساسية للمسؤولين الرفيعين من إدارة الرئيس جو بايدن مع استمرار حدة القتال في جميع أنحاء أوكرانيا، ما ألقى بظلاله على احتفالات عيد الفصح في الدولة الأرثوذكسية إلى حد كبير.

وقال زيلينسكي في كلمته المسائية "بفضل شجاعة وحكمة المدافعين عنا، وبفضل شجاعة جميع الأوكرانيين (...) دولتنا باتت رمزاً حقيقياً للنضال من أجل الحرية"، متعهدا بتحقيق النصر.

وبعد عطلة نهاية الأسبوع لم تهدأ فيها المعارك، قتل خمسة أشخاص على الأقل وأصيب 18 آخرون الاثنين بعد هجوم صاروخي روسي استهدف البنية التحتية للسكك الحديدية في منطقة فينيتسا بوسط أوكرانيا.

واتهم حاكم منطقة بيلغورود الروسية المحاذية لأوكرانيا مساء الاثنين كييف بقصف قرية، مؤكداً أن الهجوم أسفر عن إصابة اثنين من المدنيين وخلف أضرارا في منازل عديدة.

وكتب فياتشيسلاف غلادكوف على تطبيق تلغرام "تعرضت قرية لقصف (...) من الواضح أن مدنيين أصيبوا. حتى الآن، هناك جريحان: رجل أصيب في يده وامرأة اصيبت في عنقها".

واتهمت روسيا في الأسابيع الأخيرة القوات الأوكرانية بقصف أهداف على الأراضي الروسية، من بينها بيلغورود وقرية أخرى في منطقة بريانسك.

وقال حاكم منطقة كورسك القريبة من أوكرانيا إن القوات الروسية أسقطت طائرتين أوكرانيتين بدون طيار في الساعات الأولى من الصباح.

مساعدات عسكرية

من جهته، أعلن وزير الدفاع البريطاني بن والاس الإثنين أنّ بلاده ستقدّم لأوكرانيا "عدداً صغيراً" من مدرّعات "ستورمر" المزوّدة أنظمة دفاع جوي صاروخية من طراز "ستارستريك".

وقال والاس في خطاب أمام البرلمان إنّ صواريخ "ستارستريك" المضادة للطائرات والتي سبق للمملكة المتّحدة وأن وعدت بها أوكرانيا وصلت.

وتتقدم الولايات المتحدة الدول المانحة للمساعدات المالية والعسكرية لهذا البلد، وهي من أهم الداعين لفرض مزيد من العقوبات على موسكو.

وقال أوستن "ستتقدم العديد من الدول لتقديم ذخائر ومدافع هاوتزر إضافية. لذلك سنبذل قصارى جهدنا وبأسرع ما يمكن لنحصل على ما يحتاجون إليه".

وأشار بلينكن وأوستن أيضاً الى أن الدبلوماسيين الأميركيين سيبدأون بالعودة التدريجية إلى أوكرانيا هذا الأسبوع.

وكشف الوزيران الأميركيان عن مساعدات عسكرية إضافية لأوكرانيا بقيمة 700 مليون دولار.

وأعلنت موسكو الاثنين طرد 40 دبلوماسياً ألمانياً رداً على إجراء مماثل اتخذته برلين قبل فترة قصيرة.

تعزيز الدفاعات

ومن لاهاي، انضمّ المدّعي العامّ للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان الإثنين إلى التحقيق الأوروبي الجاري حول جرائم الحرب المفترضة في أوكرانيا، في تعاون غير مسبوق أعلنه كلّ من خان والوكالة الأوروبية للتعاون القضائي "يورودجاست".

وقال خان في بيان إنّ الوضع في أوكرانيا "يتطلّب عملاً جماعياً من أجل الحصول على أدلّة ذات صلة وفي نهاية المطاف التأكّد من أنّها ستُستخدم بطريقة فعّالة في الإجراءات الجنائية"، معتبراً هذا التعاون بين مكتبه ويورودجاست "خطوة تاريخية".

وأفادت وزارة الدفاع الروسية الإثنين أن القوات الجوية الروسية استهدفت 82 موقعاً عسكرياً أوكرانياً، بينها أربعة مواقع قيادة ومستودعين للوقود، كما أطلق الجيش صواريخ عالية الدقة على 27 هدفاً في هجماته الأخيرة.

وقالت وزارة الدفاع الأوكرانية إن روسيا تعزز دفاعاتها الجوية وتواصل ضرب البنى التحتية وخطوط الإمداد التي تمر عبرها المساعدات العسكرية المقدمة من شركاء أوكرانيا.

وأضافت الوزارة أن خاركيف، ثاني أكبر مدن أوكرانيا، لا تزال محاصرة جزئياً، وأن القوات الروسية تعيد تجميع صفوفها في الجنوب، لكن محاولة روسية لاختراق زابوروجيا في الشرق باءت بالفشل.

الممر الإنساني

اتهمت روسيا مساء الاثنين السلطات الأوكرانية بمنع المدنيين المتحصنين مع المقاتلين الأوكرانيين في مجمع أزوفستال الصناعي المحاصر في ماريوبول جنوب شرق أوكرانيا من المغادرة رغم إعلان الجيش الروسي وقف إطلاق النار.

وكانت وزارة الدفاع الروسية قد أعلنت في بيان أن القوات الروسية ومقاتلين أوكرانيين موالين لموسكو يتعهّدون "وقف الأعمال العدائية من جانب واحد عند الساعة 14,00 بتوقيت موسكو (11,00 ت غ) وسحب الوحدات إلى مسافة آمنة وضمان مغادرة" المدنيين "في الاتجاه الذي يختارونه".

وفي المساء، قال الجيش الروسي في بيان إنه في الساعة الخامسة بعد الظهر بتوقيت غرينتش "لم يستخدم أحد الممر الإنساني المقترح".

وأظهر مقطع فيديو نشرته كتيبة آزوف اليمينية المتطرفة التي يتمركز مقاتلوها في مصنع آزوفستال نساءً وأطفالا مرهقين وهم يحتمون في ملاجىء المصنع طالبين النجدة.

وسألت امرأة "هناك 600 شخص هنا. لا ماء ولا طعام. ماذا سنفعل هنا؟ إلى متى سنبقى هنا؟"، لتضيف أخرى "لم نخرج منذ شهرين. لا أعرف حتى كيف هو الطقس هناك".

ولمدينة ماريوبول التي يزعم الكرملين "تحريرها" دور محوري في خطة الحرب الروسية لإنشاء ممر بري يصلها بشبه جزيرة القرم التي ضمتها روسيا سابقًا، وربما أبعد من ذلك حتى مولدافيا.