كييف (أوكرانيا): أعلن مسؤو محلّي موال لروسيا الأربعاء أن السلطات التي اقامتها موسكو في منطقة خيرسون الأوكرانية ستطلب من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ضمّ المنطقة، فيما بدا مرور شحنات الغاز الروسي التي تمر عبر أوكرانيا متأثرًا بالقتال للمرة الأولى منذ بداية الغزو الروسي لأوكرانيا.

وقال مساعد المسؤول عن الإدارة العسكرية-المدنية في خيرسون كيريل ستريموسوف إنه "سيكون هناك طلب (موجّه إلى الرئيس الروسي) لضمّ منطقة خيرسون كجزء كامل من الاتحاد الروسي". وخيرسون هي المنطقة التي سيطر عليها الجيش الروسي خلال غزوه أوكرانيا الذي بدأ في 24 شباط/فبراير.

وأضاف "ستكون القاعدة القانونية بكاملها (...) جاهزة قبل نهاية العام"، مضيفًا أنه نظرًا لأن المجتمع الدولي لم يعترف بالاستفتاء على ضم شبه جزيرة القرم إلى روسيا في العام 2014، فإن منطقة خيرسون لن تنظّم استفتاءً.

وخلال زيارته خيرسون الجمعة، أكد المسؤول البرلماني الروسي أندري تورتشاك أن روسيا ستبقى في جنوب أوكرانيا "الى الأبد".

استفتاء

وتتّهم كييف موسكو منذ أسابيع بالرغبة في تنظيم "استفتاء" قريبًا يهدف إلى إعلان استقلال هذه المنطقة مثلما فعل الانفصاليون المؤيدون لروسيا في دونباس في العام 2014.

وقال الرئيس فولوديمير زيلينسكي في 22 نيسان/أبريل مهددًا "لن تكون هناك جمهوريّة خيرسون شعبيّة. إذا كان أحد يريد ضمًا جديدا، فستُفرَض عقوبات أشدّ على روسيا".

وجاءت هذه التصريحات في وقت قالت مديرة الاستخبارات الأميركي افريل هاينس الثلاثاء إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يريد "توسيع رقعة" النزاع ليشمل ترانسدنيستريا المنطقة الواقعة في مولدافيا والتي أعلنت انفصالها في 1990.

وفي 22 نيسان/أبريل، قال الجنرال الروسي رستم مينيكاييف إنّ "السيطرة على جنوب أوكرانيا تعني أيضا ممراً إلى ترانسدنيستريا حيث نلحظ حالات اضطهاد للسكان الناطقين بالروسية". والدفاع عن الناطقين بالروسية هو أحد مبرّرات موسكو للحرب الحالية.

وذكرت القيادة الأوكرانية في الجنوب أنّ القوات الروسية تقصف "بلا رحمة" منطقة ميكولايف آخر حصن قبل أوديسا، في الغرب. وأوضحت ليل الثلاثاء الأربعاء أن "منازل ومنشآت زراعية تضررت وقطع التيار الكهربائي عن إحدى البلدات".

وكانت انفجارات هزت في نهاية نيسان/ابريل وبداية أيار/مايو ترانسدنيستريا حيث تتمركز القوات الروسية منذ ثلاثين عاما. وعبرت روسيا عن "استيائها" مما وصفته "بأعمال إرهابية" وأكدت أنها تراقب الوضع عن كثب.

وقتل شخص وأصيب ثلاثة آخرون في قصف مصدره أوكرانيا طاول جنوب غرب روسيا، وفق ما أفاد حاكم منطقة بيلغورود المستهدفة الاربعاء.

وقال الحاكم فياتشيسلاف غلادكوف عبر تطبيق تلغرام "حتى الآن قضى شخص. لقد توفي في سيارة الاسعاف وهناك ثلاثة جرحى".

هجمات على روسيا

وليست المرة الأولى تتهم السلطات في مناطق محاذية لاوكرانيا قوات كييف بشن هجمات على روسيا.

ودعا رئيس الوزراء الإيطالي ماريو دراغي الأربعاء في واشنطن الولايات المتحدة وروسيا إلى الموافقة على الجلوس حول "طاولة السلام" نفسها لإيجاد مخرج من الحرب في أوكرانيا.

وانخفض حجم الغاز الروسي المار عبر أوكرانيا إلى أوروبا الأربعاء فيما اتهمت كييف روسيا بالاستيلاء على البنية التحتية للغاز في شرق البلاد.

قال الرئيس التنفيذي لمجموعة نفتوغاز، مؤسسة الطاقة الأوكرانية، يوري فيترينكو لوكالة فرانس برس الاربعاء إن "العبور انخفض اليوم" بدون الخوض في مزيد من التفاصيل.

أكدت الهيئة الأوكرانية المشغّلة لأنابيب الغاز، من جانبها، في بيان أن مجموعة غازبروم الروسية قطعت الغاز عن فرع أوكراني من خط أنابيب الغاز بعد أن صرحت الهيئة الأوكرانية الثلاثاء أن وجود قوات روسية قرب بنى تحتية في سوخرانيفكا ونوفوبسكوف في منطقة لوغانسك لا يسمح بتأمين التدفق المعتاد للغاز نحو أوروبا ويتطلب ذلك تحويله إلى نقطة عبور ثانية في سودجا.

واستنكرت "عمليات سحب غير نظامية" لـ"الغاز المخصص للعبور" لارساله، بحسب كييف، إلى الأراضي التي تحتلها روسيا في شرق أوكرانيا، بدون أن تعطي أرقامًا. تطلب شركة التشغيل الأوكرانية توجيه الغاز الروسي إلى نقطة عبور أخرى، في سودجا، الواقعة في الأراضي التي تسيطر عليها كييف.

وتسبب التوقف في انخفاض الإمدادات بنسبة 25 بالمائة في ألمانيا التي تعتمد على روسيا للحصول على موارد الطاقة التي تحتاجها، وكانت قد رفضت فرض حظر كامل فوري على الغاز الروسي.

وقالت متحدثة باسم وزارة الاقتصاد الألمانية إنها "تراقب الوضع عن كثب" لكنها أكدت أن "أمن الطاقة" الألماني ما زال" مُطَمئِنًا".

تشكل أوكرانيا مسار عبور مهمًّا للغاز الروسي الذي تستهلكه أوروبا. وكانت كلّ من موسكو وكييف أبقتا على هذا التدفّق رغم الهجوم الروسي على أوكرانيا الذي بدأ في 24 شباط/فبراير.

يعمل الأوروبيون على تخفيف اعتمادهم في مجال الطاقة على روسيا منذ أن شنت هجومها، بهدف التمكن من فرض عقوبات أشدّ على موسكو.

وفرضت روسيا الأربعاء عقوبات على أكثر من 30 شركة للطاقة في الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وسنغافورة ردا على العقوبات الغربية عليها بعد غزوها أوكرانيا، وفق مرسوم صدر الأربعاء.

وكتبت هيئة الأركان العامة الأوكرانية على فيسبوك "تم تحرير بلدات تشيركاسي تيتشكي وروسكي تيتشكي روبيجني وبيرق" في منطقة هذه المدينة الكبيرة، موضحة أنه "بذلك أُبعد العدو إلى مسافة أكبر عن خاركيف وبات لدى المحتلين إمكانيات أقل لضرب مركز المنطقة".

في جنوب شرق البلاد، قصفت القوات الروسية مجددا مصانع الصلب في آزوفستال في ماريوبول حيث لا يزال يختبئ عشرات الأوكرانيين من عسكريين ومدنيين. وكتب بترو اندريوتشنكو مساعد رئيس بلدية المدينة على تلغرام "عشرات الضربات (...) كل ساعة".

وفي إعلان نادر أفاد قائد الحرس الوطني الأوكراني اوليكسي ناتوتشي الاربعاء عن مقتل نحو 561 جنديا في الحرس الذي تنتمي اليه خصوصا كتيبة آزوف المتحصنة في مجمع آزوفستال.

ولفت ناتوتشي خلال مؤتمر صحافي عبر الانترنت الى إصابة 1697 عنصرا في الحرس الوطني.

وعلى صعيد المساعدات الأميركية لأوكرانيا، أقر مجلس النواب الثلاثاء مساعدة هائلة بقيمة 40 مليار دولار، كما فعل الرئيس جو بايدن في دعمه الثابت لكييف.

ويشمل النص الذي صوت عليه نواب المعسكرين شقا اقتصاديا وإنسانيا إلى جانب الأسلحة والذخائر. ويفترض أن يوافق عليه مجلس الشيوخ في نهاية الأسبوع الجاري أو بداية الأسبوع المقبل، قبل أن يوقعه الرئيس الأميركي.

وحول العقوبات المفروضة على روسيا، تتواصل المفاوضات بشأن عزم الاتحاد الأوروبي على فرض حظر على النفط الروسي الذي تعترض عليه المجر حاليا. وأكد وزير الدولة الفرنسي للشؤون الأوروبية كليمان بون الثلاثاء أنه قد يتم التوصل إلى اتفاق "خلال الأسبوع".

لكن الاقتصاد الأوكراني يعاني أكثر فأكثر. فقد أُلغيت نحو 30% من الوظائف منذ بداية الحرب في أوكرانيا، حسبما أفادت الأربعاء منظمة العمل الدولية. وكان صندوق النقد الدولي قد توقع في منتصف نيسان/أبريل تراجع في الناتج المحلي الإجمالي الأوكراني بـ35% في 2022، مقابل تراجع بـ8,5% للناتج المحلي الإجمالي الروسي.

ومع ذلك، يبدو أن كييف تعود إلى وضعها الطبيعي بشكل تدريجي، فقد عاد الآن نحو ثلثي سكان العاصمة البالغ عددهم 3,5 ملايين نسمة، بحسب رئيس البلديو فيتالي كليتشكو. وأعادت المطاعم فتح أبوابها فيما تجذب المقاهي زبائن من جديد.

واستمرّت مبيعات السيارات الجديدة بالتراجع في روسيا في نيسان/أبريل وانخفضت بنسبة 78,5% على أساس سنوي، بسبب التضخّم المرتفع والعقوبات الغربية المفروضة على موسكو بعد الغزو الروسي لأوكرانيا.

وفي نيسان/أبريل، تمّ بيع 32706 مركبات جديدة، بحسب الأرقام التي نشرتها رابطة الشركات الأوروبية (اسوسييشن اوف يوروبيان بيزنس) التي تجمع العاملين في قطاع صناعة السيارات.