كييف (أوكرانيا): اعتاد إيفان سوخانوف وعائلته التوجه إلى ساحل البحر الأسود لتمضية عطلة الصيف لكنهم لن يذهبوا بعيدا هذه السنة وسيكتفون بضفاف نهر دنيبر في وسط كييف.

وتضم العاصمة الأوكرانية الكثير من الشواطئ الرملية التي عادة ما تكتظ بالرواد خلال موجات الحر الكبيرة صيفا.

لكن في عطلة نهاية الأسبوع الأولى في تموز/يوليو ورغم أن الحرارة تقارب الثلاثين درجة مئوية، الأعداد ليست بكثيرة في مؤشر إلى مدينة تعيش بوتيرة بطيئة بعد ثلاثة أشهر على انسحاب القوات الروسية من المنطقة.

وتبقى كييف بمنأى عن الحرب نسبيا مقارنة مع وابل القذائف الذي ينهال على منطقة دونباس في شرق البلاد أو الضربات القاتلة في الجنوب على ميكولاييف أو على منطقة أوديسا الأسبوع الماضي.

إلا أن صاروخا أسفر عن سقوط قتيل وأربعة جرحى الأحد الماضي في مبنى سكني في حي قريب سبق ان استهدف مرتين في السابق، جدد مخاوف السكان.

ويقول كثيرون إنهم تعبوا من صوت صفارات الانذار التي تدوي بانتظام. ويذكر حظر التجول اليومي من الساعة 23,00 إلى الخامسة صباحا فضلا عن التماثيل التي تحميها الصناديق وأكياس الرمل، على الدوام بأن البلاد تشهد حربا.

هل يمكن الاسترخاء في ظل ظروف كهذه؟ المهندس الكهربائي إيفان سوخانوف البالغ 41 عاما هو من الأشخاص الذين يبدو أنهم توصلوا إلى توازن في هذا الإطار.

ويقول "صراحة بعد حرب مستمرة منذ أربعة أشهر، اعتدنا الوضع. عندما تدوي صفارات الانذار لا ننزل إلى الملاجئ ولا نحترم تعليمات السلامة (..) نعيش كما تيسر آملين أن تسري الأمور على ما يرام".

واعتاد هذا الرجل اصطحاب زوجته وابنيه لتمضية بعض الأسابيع في أوديسا وكان يخطط هذه السنة حتى للتوجه إلى مصر، إلا انه اقتنع اخيرا بالبقاء في العاصمة الأوكرانية.

ويوضح قائلا "اردنا أن يزور الأطفال الاهرامات لكن الحرب قضت على مشاريعنا. هذه السنة نستمتع بما توفره كييف ومحيطها: الانهر والبحيرات والمتنزهات (..) ونرتاح بما تيسر".

وتحاول فيرا سابيغا الاستمتاع قدر الإمكان بالشاطئ إلا أنها عاجزة عن اخفاء مخاوفها وقلقها.

هي عادت إلى كييف قبل أسبوع بعدما انتقلت في اليوم الأول من الحرب إلى بلدة في غرب اوكرانيا مع ابنتها البالغة خمس سنوات. وتريد المغادرة مجددا بأسرع وقت.

وتقول فيرا البالغة 37 عاما "الوضع صعب جدا على صعيد المعنويات والوضع النفسي. انا أقلق كثيرا من صفارات الانذار والأخبار أبكي يوميا لم يسبق لي أن شعرت بضغط نفسي كهذا".

وهي تخطط للمغادرة مع ابنتها الأسبوع المقبل متوجهة إلى لندن للاقامة لدى عائلة ضمن برنامج لمساندة الأوكرانيين.

وهذه المرة الثانية التي تضطر فيها فيرا سابيغا إلى هجر ديارها ففي 2014 عندما ضمت روسيا شبه جزيرة القرم غادرت هذه المنطقة حيث كانت تقيم مع زوجها.

وتجهل كم من الوقت ستبرح في لندن مع ابنتها وتقول "التخطيط صعب جدا".

هذه الجملة تُردد كثيرا في كييف حيث لا يتطوع أي شخص للتكهن بمدة الحرب.

وتقول لودميلا ياشتشوك (55 عاما) من سكان كييف لوكالة فرانس برس "في البداية كان الخبراء يؤكدون أن الحرب ستنتهي سريعا ومن ثم قالوا إنها ستنهي في عيد الدستور (28 حزيران/يونيو) ومن ثم عيد الاستقلال (24 آب/اغسطس) لكنهم الآن لا يقولون شيئا".

ويؤكد سوخانوف "نأمل أن تنتهي الحرب بحلول نهاية السنة لكن الجميع الآن يتحدث عن حرب طويلة".

وتغذي هذا الغموض "شائعات متواصلة" حول هجوم روسي جديد على كييف بحسب تواريخ لها دلالات رمزية كما حصل مع اقتراب 22 حزيران/يونيو ذكرى اجتياح الجيش النازي للاتحاد السوفياتي في 1941 أو عيد الدستور في 28 حزيران/يونيو على ما توضح يانا خلينينا البالغة 33 عاما التي أتت مع زوجها للتمتع بأشعة الشمس.

لكن رغم ذلك لا أحد يشكك بانتصار أوكرانيا على روسيا في نهاية المطاف.

ويؤكد إيفان سوخانوف أن أوكرانيا "كسبت معنويا من الآن. ويبقى أن نكرس ذلك على الأرض".