بالي (اندونيسيا): تغيب وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الجمعة عن عدة اجتماعات مع نظرائه في دول مجموعة العشرين بعد سيل من التصريحات الغربية المنددة بهجوم موسكو العسكري على أوكرانيا.

وشهد هذا الاجتماع المنعقد في جزيرة بالي الإندونيسية أول لقاء بين لافروف ونظيره الأميركي أنتوني بلينكن منذ بدء غزو أوكرانيا في 24 شباط/فبراير.

ولم تؤد القمة التي نظمت في جزيرة بالي إلى أي قرار ملموس.

وقالت وزيرة الخارجية الإندونيسية ريتنو مارسودي في ختام الاجتماع إن المشاركين "عبروا عن قلقهم العميق بشأن العواقب الإنسانية للحرب" في أوكرانيا.

وكانت إندونيسيا الساعية للحفاظ على موقف محايد بصفتها دولة مضيفة، دعت منذ افتتاح الاجتماع إلى وضع حد للنزاع محذرة من عواقبه الوخيمة على العالم باسره.

وقالت مارسودي بحضور لافروف "من مسؤوليّتنا إنهاء الحرب في أسرع وقت وتسوية خلافاتنا على طاولة المفاوضات، وليس في ساحة المعركة".

وأشارت إلى أن تداعيات الحرب "تظهر في كل أرجاء العالم على صعيد الأغذية والطاقة والميزانيات. وكالعادة الدول الفقيرة والنامية هي الأكثر تضررا".

لم تدن مجموعة العشرين بالإجماع الغزو الروسي، وقام "بعض الأعضاء" بذلك في مقدمهم الولايات المتحدة.

من جهتها اعتبرت موسكو الجمعة أن الدول الغربية "أخفقت" في فرض مقاطعة على روسيا خلال اجتماع مجموعة العشرين.

وقالت المتحدثة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا عبر تلغرام إن "خطة مجموعة السبع لمقاطعة روسيا في مجموعة العشرين أخفقت. لم يدعم أحد الأنظمة الغربية". ونفت أن يكون وزير الخارجية الروسي قاطع الاجتماعات، رافضة اتهامات وزيرة الخارجية الالمانية أنالينا بيربوك بأن موسكو ليس لديها أي "نية للحوار".

أما بلينكن فقال لصحافيين "ما سمعناه اليوم حتى الآن هو إجماع مهم من العالم بأسره وليس فقط الولايات المتحدة ... من أجل وقف العدوان" الروسي.

لم ترق هذه الدعوات للافروف الذي تغيب عن عدة اجتماعات.

وغادر القاعة صباحا عندما انتقدت الألمانية أنالينا بربوك موسكو بشأن هذه الحرب، بحسب دبلوماسيين.

وتغيب لافروف أيضا عن جلسة ألقى خلالها وزير الخارجية الأوكراني دميترو كوليبا كلمة عبر الفيديو، كما خرج من القاعة عند تنديد بلينكن بروسيا، على ما أفاد عدة دبلوماسيين وكالة فرانس برس.

ورفض بلينكن عقد لقاء مع لافروف على حدة وندد بمسؤولية روسيا عن أزمتي الأغذية والطاقة في العالم داعيا موسكو إلى السماح بتصدير الحبوب من أوكرانيا.

ورد لافروف مؤكدا أن بلاده "لن تجري خلف" واشنطن لإجراء محادثات.

واتهم لافروف الدول الغربية باستخدام منبر مجموعة العشرين لغرض غير كونها منتدى لبحث المشكلات العالمية الكبرى.

وقال "شركاؤنا الغربيون كانوا يسعون لتفادي التطرق إلى المسائل الاقتصادية العالمية. وما ان كانوا يتولون الكلام، كانوا ينطلقون على الفور في نقد لاذع لروسيا حول الوضع في أوكرانيا بوصفنا معتدين".

ومن موسكو، حذّر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الجمعة من "تداعيات كارثية" محتملة للعقوبات الغربية على السوق العالمية للطاقة.

في المقابل، ندد الرئيس الاوكراني فولوديمير زيلينسكي باستخدام ازمة الطاقة كوسيلة ضغط من جانب روسيا.

وقال إن "روسيا ضربت الاوروبيين بأزمة غاز" أدت الى "تضخم كارثي" مع تداعيات "مؤلمة على معظم الناس في اوروبا".

والتقى بلينكن قبل ذلك ووزيرتا الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك والفرنسية كاترين كولونا وممثلا بريطانيا لبحث هذه الحرب "غير المبررة"، على ما أفادت الخارجية الأميركية.

وبحث المسؤولون "سبل الاستجابة للمخاوف حول الأمن الغذائي العالمي الناتجة من استهداف روسيا المتعمد للزراعة الأوكرانية".

وقالت كولونا لوكالة فرانس برس "كانت روسيا معزولة جدا الى حد أن لافروف غادر المؤتمر ظهرا بعدما القى كلمته".

واضافت "وجدت روسيا أنها معزولة، تم تحميلها المسؤولية، حتى من جانب دول كنا نعتقد أنها قد تقدم اليها دعما".

وتابعت كولونا "حتى الصين بدأت مداخلتها بالقول إن ميثاق الامم المتحدة يجب ان يكون في صلب العلاقات الدولية"، معتبرة أن الغربيين نجحوا في تشكيل جبهة موحدة في وجه روسيا.

واكدت أن "الحرب في أوكرانيا تطاول العالم أجمع بسبب السلوك الروسي".

واعتبر وزير خارجية الاتحاد الاوروبي جوزيب بوريل ان لافروف "لم يصغ الى الاخرين" خلال الاجتماع، مضيفا لفرانس برس "ليست هذه طريقة بناءة لحضور اجتماع لمجموعة العشرين".

وقال مسؤول غربي لم يشأ كشف هويته ان روسيا "فوجئت بعدد المشاركين في مجموعة العشرين الذين ادلوا بتصريحات شديدة اللهجة ضد العدوان الروسي".

ورأى مسؤول آخر ان الرئيس فلاديمير بوتين سيفكر مرتين قبل ان يتوجه الى قمة رؤساء الدول المقررة في بالي في تشرين الثاني/نوفمبر بعد الانتقادات التي واجهها وزير خارجيته.

وكانت الولايات المتحدة مدعومة من قسم من حلفائها الغربيين، دعت إلى إقصاء روسيا من المنتديات الدولية.

غير أن إندونيسيا الحريصة على حيادها أكدت دعوتها لوزير الخارجية الروسي ودعت في المقابل نظيره الأوكراني.

وطلب كوليبا من المشاركين في الاجتماع "أن يستذكروا وهم يستمعون إلى الأكاذيب الروسية، العائلات الـ344 التي خسرت أطفالها" في أوكرانيا.

وتابع "وزير الدولة المسؤولة عن مقتلهم هو اليوم أمامكم لمشاركة أفكاره حول رؤية روسيا للتعاون في عالمنا في زمن العولمة".

وتأثر الاجتماع بإعلان اغتيال رئيس الوزراء الياباني السابق شينزو آبي خلال تجمع انتخابي في بلاده.

وقال بلينكن إن إطلاق النار على هذا الحليف الكبير للولايات المتحدة منذ وقت طويل "لحظة حزينة جدا".

ويُمهّد هذا الاجتماع الوزاري لقمّة للرؤساء والقادة في تشرين الثاني/نوفمبر في بالي، كان من المقرر بالأساس أن تخصص لبحث سبل ضمان انتعاش الاقتصاد العالمي بعد صدمة وباء كوفيد-19.

غير أن الغزو الروسي لأوكرانيا بدل الأولويات وحمل الغربيين على تشكيل جبهة موحدة تنديدا بالحرب، وتسبب بارتفاع حاد في أسعار المواد الغذائية والطاقة.

وأوضح مسؤول إندونيسي إنه لن يتم التقاط صورة جماعية إثر الاجتماع الذي شهد مناقشات متوترة.

في أوكرانيا، لم تمنع الانتقادات الغربية الجيش الروسي الجمعة من مواصلة قصف منطقة دونيتسك للاستيلاء على حوض دونباس بأكمله، هدفه الاستراتيجي منذ انسحابه من ضواحي كييف في نهاية آذار/مارس، بعد أربعة أشهر ونصف شهر من الحرب.

وأعلن الحاكم الأوكراني بافلو كيريلينكو أن الضربات الروسية في منطقة دونيتسك خلفت ستة قتلى و21 جريحًا خلال 24 ساعة.

واكد الجيش الأوكراني أنه صد محاولة روسية للتقدم قرب سلوفيانسك لكنه أقر بتقدم قوات العدو جنوب سيفرسك.

في منطقة خاركيف (شمال شرق) ثاني أكبر مدن البلاد، خلف القصف الروسي أربعة قتلى وتسعة جرحى في صفوف المدنيين خلال 24 ساعة حسبما قال الحاكم أوليغ سينيغوبوف.

وفي الجنوب، أفادت كييف عن سماع دوي انفجارات صباح الجمعة في منطقة ميكولايف من حيث بدأت محاولات لشن هجوم مضاد على مدينة خيرسون المحتلة منذ الأيام الأولى للحرب.