تستأنف اللجنة البرلمانية المسؤولة عن التحقيق في أحداث الشغب التي شهدها مقر الكونغرس الأمريكي، في السادس من يناير/ كانون الثاني 2021، جدول الاستماع في القضية هذا الأسبوع، والذي يبدأ الثلاثاء، بجلسة للتحقيق في اقتحام جماعات متشددة، كابيتول هيل.

وهذه هي جلسة الاستماع السابعة، التي تنعقد هذا العام، والجلسة الأولى منذ الشهادة التي لاقت اهتماما، جماهيريا كبيرا لكاسيدي هاتشيسون، المستشارة السابقة في البيت الأبيض، على أنشطة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، يوم الهجوم على الكابيتول.

وفيما يلي استعراض لأهم ما يتوافر لدينا عن الواقعة وما يمكن أن تثيره الجلسة المقبلة.

المتشددون قادة الهجوم

تركز جلسات الاستماع التي انعقدت بشأن الهجوم على مبنى الكونغرس في السادس من يناير/ كانون الثاني 2021 حتى الآن إلى حدٍ كبير، على قناعة اللجنة بأن ترامب ومستشاريه خلقوا مناخا سياسيا يمهد لذلك الهجوم، منذ ظهور نتائج انتخابات الرئاسة الأمريكية 2020. وسوف تسلط جلسة الثلاثاء، الضوء على جماعتين من اليمين المتشدد - هما براود بويز وأوث كيبرس - اللتان قادتا الهجوم. وكان أعضاء الجماعتين، الذين ارتدوا ملابس شبه عسكرية ودروع واقية للجسم، من أوائل من اقتحموا مقر البرلمان.

وسوف يعرض جيمي راسكين، رئيس لجنة التحقيق الخاصة، وعضو الكونغرس عن ولاية ميريلاند، ونائبة فلوريدا في الكونغرس، ستيفاني مورفي بعرض تفاصيل الخطط التي اتبعها المسلحون، لتنفيذ هجوم السادس من يناير/ كانون الثاني، علاوة على تقديم ما تمكنا من التوصل إليهم، من خلال اتصالات مع مستشارين مقربين من الرئيس السابق ترامب، وبينهم مستشار الأمن الوطني، السابق، في البيت الأبيض مايكل فلين وروجر ستون الذي يُعد محل ثقة ترامب، منذ زمن طويل.

كما تولي لجنة التحقيق اهتماما خاصا للاجتماع الذي انعقد في 18 ديسمبر/ كانون الأول 2020 بين ترامب ومستشاره للأمن القومي، في ذلك الوقت، مايكل فلين، ومحاميتي ترامب رودي جولياني وسيدني باول، وهو الاجتماع الذي نشر الرئيس السابق بعده بيوم واحد، تغريدة على موقع التواصل الاجتماعي، تويتر، يحض فيها أنصاره على القدوم إلى واشنطن في السادس من يناير/ كانون الثاني، الذي وصفه بأنه سوف يكون يوما "عاصفا".

وقال راسكين لسي بي إس، الشبكة الأمريكية الشريكة لبي بي سي، إن الاجتماع والتغريدة المشار إليهما كان لهما أثرا "مدويا" على العناصر العنيفة، من قاعدة مؤيدي الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب.

مناورة ستيف بانون

يقع ستيف بانون على رأس قائمة الأشخاص الذين تريد لجنة التحقيق في اقتحام الكونغرس الأمريكي، استجوابهم. وقاوم بانون تلك الجهود من جانب اللجنة لوقت طويل علاوة على تجاهله مذكرات استدعاء رسمية، ومقاومته المثول أمام اللجنة إلى حدٍ دفع بالسلطات إلى احتجازه، بعد أن وجهت إليه وزارة العدل الأمريكية، تهمة ازدراء الكونغرس.

لكن الآن، يبدو أن بانون لديه استعداد للتحدث أمام لجنة التحقيق في أحداث السادس من يناير/ كانون الثاني.

إجراءات مساءلة ترامب: الرئيس الأمريكي "لن يشارك في جلسة الاستماع" بمجلس النواب

نتائج الانتخابات الأمريكية: أنصار دونالد ترامب يتظاهرون دعماً له

مسيرات
Getty Images
شارك الآلاف من أنصار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في مسيرات بالعاصمة واشنطن، دعماً لمزاعمه بحدوث مخالفات في انتخابات رئاسة الولايات المتحدة 2020

يُعد بانون، كبير مستشاري الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب ورئيس حملته الانتخابية، من أهم الشخصيات التي قادت الجهود التي استهدفت تغيير نتائج انتخابات الرئاسة الأمريكية 2020، وهي الجهود التي ناقش تفاصيلها المعقدة في البودكاست المشهور الخاص به.

وقبل الهجوم بأيام قليلة، أطلق مستشار ترامب الكثير من التحذيرات التي تنذر بالسوء من أن "تُفتح أبواب جهنم"، واصفا ما حذر منه بأنه معركة "قوى الظلام".

وقد يكون لدى بانون معلومات عن الاتصالات التي أُجريت بين الجماعات المسلحة، ومسؤولين في البيت الأبيض، أثناء المسيرة، وقد يكون بإمكانه أيضا أن يسلط الضوء على المنظمات، التي كانت تمول مسيرة السادس من يناير/ كانون الثاني، والمحاولات التي استمرت لحوالي شهر لتعطيل انتخابات الرئاسة الأمريكية 2020.

وزعم ستيف بانون، في بداية الأمر، أنه لا يستطيع التحدث أمام اللجنة لأن اجتماعاته مع الرئيس السابق ترامب، ومسؤولين آخرين في البيت الأبيض، محمية "بامتياز تنفيذي"، وهو إجراء قانوني يمكن رئيس البلاد من أخذ مشورة سرية من معاونيه. رغم ذلك، تنازل الرئيس السابق عن ذلك الامتياز في نهاية الأسبوع الماضي، مشجعا كبير مستشاريه على التحدث أمام لجنة التحقيق.

لكن حتى الآن، لا يوجد ضمان لحدوث ذلك، وسط تردد من جانب اللجنة في قبول طلب المستشار السابق لترامب الإدلاء بشهادته على الهواء مباشرة لا من خلال إفادة مسجلة. وحتى لو سُمح له بالظهور أمام اللجنة، قد يستمر في المطالبة بحق دستوري في تفادي تجريم نفسه، وهي استراتيجية اتبعها عدد من معاوني ترامب السابقين.

مقعد في الصف الأول لسيبولوني

بينما تستمر الجهود التي تستهدف إدلاء بانون بشهادته أمام لجنة التحقيق في أحداث شغب الكابيتول دون توقف، أجرى أعضاء اللجنة الجمعة الماضية مقابلة خلف الأبواب المغلقة مع محامي البيت الأبيض السابق بات سيبولوني، وهي المقابلة التي طال انتظارها.

وقال بيان صادر عن اللجنة، بخصوص تلك المقابلة، إن سيبولوني "أدلى بشهادة ضرورية، تناولت تقريبا جميع القضايا الرئيسية التي يتم التحقيق فيها، وعززت النقاط الرئيسية فيما يتعلق بسوء سلوك دونالد ترامب، علاوة على ما وفرته من معلومات جيدة وثيقة الصلة بالتحقيقات".

وتضع الشهادة التي أدلى بها بعض المسؤولين أمام لجنة سابقة سيبولوني بين مسؤولي البيت الأبيض الذين يقاتلون ضد ما اعتبروه تجاوزات من جانب بعض مستشاري ترامب على صعيد معارضة نتائج انتخابات 2020.

ستيف بانون
Getty Images
تجاهل ستيف بانون مذكرات استدعاء للشهادة أمام اللجنة حتى واجه تهمة ازدراء الكونغرس

كما سألت اللجنة المحامي السابق للبيت الأبيض، عن الضغوط التي مارسها ترامب على نائبه مايك بنس من أجل تعطيل التصديق على فوز الرئيس الأمريكي جو بايدن بالانتخابات الرئاسية، علاوة على إصدار الرئيس السابق قرارات عفو رئاسي بعد السادس من يناير/ كانون الثاني 2021.

ومن المتوقع أن نشاهد مقتطفات فيديو من تلك الشهادة أثناء جلسة الاستماع الثلاثاء.

ترامب: مؤيدو الرئيس الأمريكي السابق هددوا مسؤولين عن الانتخابات الرئاسية عام 2020 بالقتل لتغيير النتيجة

ترامب: اتهامات للرئيس الأمريكي السابق بتدبير محاولة انقلابية في جلسة استماع في الكونغرس

أين نحن الآن؟

بدأت جلسات استماع لجنة التحقيق الخاصة السابقة، بوابل من الأسئلة، حول الغرض من التحقيق بشكل عام. وهل يمكن أن يكشف التحقيق أي معلومات جديدة عن تلك القصة التي تم تناولها بالتفصيل لأكثر من عام؟ وهل يهتم الشعب بأمر هذه التحقيقات؟ وهل يمكن أن تحدث جلسات الاستماع هذه أي فارق؟

وجاءت الإجابات عن تلك الأسئلة في أغلب الأحيان بـ"نعم، نعم وسوف نرى" ما سيحدث.

جمعت اللجنة ما توصلت إليه من معلومات بدقة وقدمت حتى الآن رواية متماسكة للأحداث. ولا يُعد ذلك انعكاسا للإجماع داخل اللجنة، المكونة من أعضاء كونغرس من الحزبين الديمقراطي والجمهوري، على أن يحملوا الرئيس دونالد ترامب، مسؤولية الهجوم على الكابيتول، ومحاولة تقويض نتائج انتخابات الرئاسة الأمريكية 2020، بل يعكس ذلك أيضا، إجماعا بين أعضاء اللجنة، على استخدام صياغة تلفزيونية (درامية) للأحداث من خلال الاستعانة بمقاطع فيديو، وشهادات حية، تمت حياكتها في نسيج واحد متقن الصنع.

بدأ الأعضاء عملهم بتقديم دليل على أن ترامب، كان يعلم أن مزاعمه بتزوير نتائج الانتخابات كانت لا أساس لها من الصحة، وأن أقرب مساعديه، أخبروه بذلك، لكنه استمر في الإقدام على كل ما يمكن أن يطعن به في النتائج. ثم أتبعوا ذلك بشهادة كاسيدي هاتشيسون الدرامية، التي روت فيها المستشارة الرئيسية لكبير موظفي البيت الأبيض، مارك ميدوز، كيف كان الرئيس السابق يعلم أن المشاركين في مسيرة "أوقفوا السرقة" كانوا مسلحين، وكم كان ترامب غاضبا، لأنه لم يتمكن من السفر إلى واشنطن، مع أنصاره للمشاركة فيها.

وكان مظهر هاتشيسون وحده نوعا من الدراما غير المكتوبة التي كانت جلسات الاستماع تفتقر إليها حتى تلك اللحظة.

كاسيدي هاتشيسون
Getty Images
كانت شهادة كاسيدي هاتشيسون مؤثرة للغاية واتسمت بقدر كبير من الدراما

ماذا بعد؟

ظهرت مؤشرات في نهاية الأسبوع الماضي على إمكانية انتهاء جلسات الاستماع الخاصة بلجنة التحقيق، الخميس المقبل بجلسة مسائية كبيرة تُبث عبر جميع شبكات التلفزيون التجارية الرئيسية في الولايات المتحدة.

وبحلول الظهيرة يوم الاثنين، تم إلغاء جلسة الخميس - التي لم يسبق أن تحدد لها موعدا رسميا - في هدوء. وقد يكون ذلك إشارة إلى إمكانية أن تكون اللجنة في مساع لمثول بانون أمامها أو تقدم شهود آخرين للإدلاء بشهادتهم.

وتظل هناك أيضا قضية التلاعب بالشهود، التي لم تتم تسويتها بعد، والتي أثارتها العضوة الجمهورية ليز تشيني، في نهاية جلسة الاستماع إلى شهادة هاتشيسون. وقد تتناول جلسات استماع جديدة تلك التفاصيل بعمق أكثر.

وكان من المقرر في بداية عملها أن تقدم اللجنة التقرير الرسمي في سبتمبر/ أيلول المقبل بعد أن تعقد المزيد من جلسات الاستماع لتقديم النتائج والتوصيات. رغم ذلك، لا يزال هذا الجدول الزمني غير مؤكد حتى الآن.

ومن المعروف أن أغسطس/ آب شهر يسوده الخمول في واشنطن، إذ يعود أعضاء الكونغرس إلى ولاياتهم لإجراء الاجتماعات والمقابلات مع الناخبين في دوائرهم.

وتتعرض تشيني، التي تعرضت لاستهزاء وسخرية ترامب، في موقف حساس، خاصة وأنها سوف تواجه تحديا، من أحد المرشحين المحافظين، المدعومين من ترامب، في 16 أغسطس/ آب المقبل.

وليس هناك موعد نهائي مقرر لانتهاء لجنة التحقيق من أعمالها، لكن الوقت بدأ يداهمها لاقتراب انتخابات التجديد النصفي في نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل، وسط توقعات بإمكانية فوز الجمهوريين، بالأغلبية في مجلس النواب الأمريكي، في يناير/ كانون الثاني المقبل وتجريد اللجنة من صلاحياتها.