إيلاف من لندن: في تطور مثير للازمة السياسية العراقية فقد اعلن من يطلق عليهم "ثوار تشرين" للاحتجاجات الشعبية التي تفجرت أواخر عام 2019 عودتهم الى الساحة والدخول الى المنطقة الخضراء لـ"قلب المعادلة السياسية".

وقالت مجموعة من الناشطين الذين يمثلون الحراك الشعبي الذي عم العاصمة ومحافظات الجنوب والوسط العشرة في تشرين الاول اكتوبر عام 2019 أنهم يعدون لدخول المنطقة الخضراء وسط بغداد الجمعة المقبل تحت عنوان "جمعة قلب المعادلة" السياسية الحالية التي يتصدرها التيار الصدري بزعامة مقتدى الصدر والاطار التنسيقي للقوى الشيعية الموالية لايران وسط اتهامات وتخوين بين الطرفين.

منتفضون بلا دعم سياسي

وعلى الرغم من استمرار ذلك الحراك الشعبي بتظاهرات ومسيرات مليونية ارعبت الطبقة السياسية أنذاك وهددت بزوالها الا ان اي طرف من القوى السياسية المهيمنة على المشهد السياسي لم يدعمهما وخاصة التيار الصدري والقوى الشيعية التي نسقت مع ايران وشكلت خلية مسلحة لمواجهة المحتجين وهم من الشباب والناشطين المثقفين وطلبة الجامعات الذي نقلوا احلامهم ومطايبهم الى الشارع وهو ما ادى الى مقتل واصبة اكثر من 20 الفا منهم.

وقد نجح ذلك الحراك في أواخر العام الى اسقاط حكومة عادل عبد المهدي وتشكيل حكومة جديدة في ايار مايو عام 2020 برئاسة رئيس جهاز المخابرات مصطفى الكاظمي وكلفت باجراء انتخابات برلمانية مبكرة جرت في تشرين الاول اكتوبر 2021 شكلت نكسة للقوى الموالية لايران التي رفضت نتائجها وخرجت الى الشارع لرفضها.

صدام بين محتجي تشرين والقوات الامنية اواخر 2019 لمنعهم من اختراق المنطقة الخضراء وسط بغداد (تويتر)

عودة حراك تشرين الى الساحة السياسية

وقال "ثوار تشرين" في بيان الاربعاء حصلت "ايلاف" على نصه انهم عقدوا اجتماعا موسعا لمتضاهري العراق والوجهاء والمثقفين وشخصيات عامة بظل توالي المتغيرات المتسارعة التي يخوض غمارها العراق وشعبه، هذهِ المتغيرات التي تأتي متزامنةً مع التراكم المرعب لمعاناة الشعب كنتيجةٍ طبيعية لتعاقب حكومات الفساد والفشل والميليشيات، وبعد انطلاق مطالباتٍ بتغيير شكل النظام واعادة كتابة الدستور ومحاسبة الفاسدين".

فجوة مع التيار الصدري

وأضافوا أن "هذهِ المطالب التي كانت الهدف الذي خرجَ لإجلهِ الشعب في ثورة تشرين ولم تتحقق بفعل وحشية النظام وإندساس الأحزاب في صفوف المتظاهرين فإن واجبنا الوطني وثقة أبناء شعبنا حتمت علينا الخروج بموقف وطني حقيقي وبعد مراقبة المشهد ودراستهِ تفصيلياً".

واشاروا الى ان التجارب العديدة بين الشعب والتيار الصدري قد خلَّفت فجوةً تحتاج الى ردمٍ جاد وحقيقي إذ لا يخفى على الشعب عموماً وابناء التيار خصوصاً إن العديد من سياسيي التيار الصدري المتبني لمبادرة التغيير الجذري حالياً كانوا جزءاً لا يتجزء من منظومة الحكومات الفاسدة المتعاقبة فضلاً عن الإنسحاب المخيب للآمال لاحتجاجات 2016 والتي شارك فيها عموم الشعب ثقة بالتيار الصدري للخلاص من المنظومة السياسية الفاسدة، يتبعها عدة مواقف تحوم خلالها شبهات القتل والقمع حول التيار الصدري وما حادثتي الحبوبي في (ذي قار) وساحة الصدرين (في النجف مطلع حين اعتدى الصدريون على الناشطين الذين قتل عدد منهم) ببعيدتين فضلاً عن تذبذب القرارات القيادية للتيار وعدم وجود خارطة طريق واضحة للإحتجاجات الحالية وهو ما يستلزم وجود تطمينات وضمانات حقيقية للجماهير للوقوف جنباً الى جنب مع مطالب الصدر زعيم التيار.

ضمانات من الصدر
وقالوا "إننا وبعد البحث الدقيق لم نجد لهذهِ اللحظة ما يؤكد بشكل رسمي مطالبة السيد الصدر بالمطالب المعلنة هنا وهناك والمتمثلة بتغيير شكل النظام الى رئاسي أو شبه رئاسي وإعادة كتابة الدستور وبالتالي فإن التطمينات التي نطلبها تتمثل بتبني الصدر هذه المطالب بشكل واضح ورسمي ويتعهد لأبناء شعبهِ على محاسبة الفاسدين جميعاً بما فيهم فاسدي التيار من خلال وثيقة موقعة منه أو من خلال بيان صحفي مصور .. وأن يتعهد بتحقيق ولو جزءٍ من المطالب الشعبية الملحة ، كحل ازمة الماء او توزيع البطاقة التموينية .. او غيرها من المطالب الضرورية في الوقت الحالي.

جمعة قلب المعادلة

وطالب محتجو تشرين الصدر باطلاع الشعب او ممثلين عنه على خارطة طريق واضحة المعالم للخطوات والبدائل القادمة .. وأوضحوا انهم وكبادرة حسن نية وكدعم لهذهِ المطالب سنخرج بتظاهرة كبيرة يوم الجمعة المقبل ندعو لها من خلال بياننا هذا كل ابناء العراق للمشاركة والنزول بقوة تحت وسم "جمعة قلب المعادلة".

واوضح التشرينيون انهم سيتجمعون في ساحة النسور وسط بغداد الساعة الخامسة عصراً ومن بعدها سيدخلون المنطقة الخضراء مؤيدينَ لمطالب تغيير شكل النظام واعادة كتابة الدستور ومحاسبة الفاسدين ومؤكدين على مطالب الشعب الملحة .. منوهين الى ان استمرار حراكهم وما يتطلبه تحقيق تلك المطالب مرهوناً بالتطمينات والضمانات المطلوبة من الصدر.

الأزمة مستمرة والحوار غائب

ويأتي هذا التطور بعد يوم من طلب مسؤولي التيار الصدري من مناصريه إخلاء قاعة التصويت داخل البرلمان في بغداد ومواصلة اعتصامهم في محيط المبنى الذي يتواجدون داخله منذ خمسة أيام فيما تتوالى الدعوات إلى الحوار من أجل حلّ الأزمة.
وتصاعد التوتر في البلاد إثر رفض مقتدى الصدر لترشيح الإطار التنسيقي للقوى الشيعية الموالية لإيران للوزير السابق محمد شياع السوداني لرئاسة الحكومة باعتبره صنيعة القيادي في الاطار نوري المالكي العدو اللدود للصدر.

يشار الى ان العراق يعيش منذ 300 يوم شللاً سياسياً تاماً منذ الانتخابات المبكرة ولم تفضِ مفاوضات تواصلت بين القوى السياسية الكبرى إلى انتخاب رئيس للجمهورية وتكليف رئيس للحكومة.

والاثنين دعا رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي إلى "حوار وطني عبر تشكيل لجنة تضمّ ممثلين عن كلّ الأطراف لوضع خارطة طريق للحلّ" داعياً "جميع الأطراف إلى التهدئة وخفض التصعيد".
وكانت احتجاجات شعبية مليونية قد تفجرت في العراق في الاول من تشرين الاول اكتوبر عام 2019 ضد الفساد وفقدان الخدمات العامة وللمطالبة بفرص عمل..اضافة الى رفض الهيمنة الايرانية على شؤون العراق وتسبب بمقتل 560 متظاهرا وأصابة 20 الف جريح وادت في نهاية الشهر التالي الى ارغام رئيس الحكومة السابق عادل عبد المهدي على تقديم استقالته وتولي الكاظمي رئاستها والذي يقود حاليا مفاوضات لجمع الفرقاء السياسيين على طاولة حوار تفضي للوصول الى خارطة طريق تحقق حل الازمة السياسية.