إيلاف من لندن: في غياب أي حلول للازمة السياسية العراقية ومع عجز أطرافها السياسية على الاتفاق فأنهم لم يجدوا غير الدفع بالملايين الى الشوارع وسط تحذيرات من حرب أهلية.
فمن جهته أصدر التيار الصدري بزعامة مقتدى الصدر مساء الاثنين تعليمات حول تظاهرة "الزحف المليوني" أو"الفرصة الأخيرة" التي قرر خروجها السبت المقبل معتبراً مقر السلطة القضائية والحشد الشعبي خطاً أحمر.
وكتب صالح محمد العراقي المتحدث باسم الصدر والملقب "وزير القائد" في تغريدة على "تويتر" تابعتها "إيلاف" سبع تعليمات حول تظاهرة السبت التي دعا إليها الأحد أشار فيها الى أن الصدر "يقول: يُمنع ذكر أسمي بهتاف أو كلام أو صورة أو راية أو لافتة أو أي شيء آخر" .. وأن تكون التظاهرة "سلمية وللنهاية بكل تفاصيلها".. وأن "مطالبكم هي إصلاح النظام بكل تفاصيله: قضائياً وتشريعياً وتنفيذياً ومحاسبة الفاسدين ويمنع منعاً باتاً المطالبة برجوع الكتلة الصدرية للبرلمان".


تعليمات التيار الصدري لانصاره المشاركين في مليونية السبت المقبل وسط بغداد (تويتر)

وشدد على المتظاهرين بالقول "القوات الأمنية والحشد الشعبي ليس أخوتكم فحسب بل هم منكم وفيكم وإليكم والتعدّي عليهم تعدّ على سماحته (الصدر)".. موضحاً أن "مسيرة التظاهرة تكون من ساحة التحرير (وسط العاصمة) باتجاه ساحة الاحتفالات (في المنطقة الخضراء).
وأكد أن "السلطة القضائية ومقرها خط أحمر وإن طالبنا بإصلاحها".. وأشار الى أنه "نظراً لكثافة الحضور المتوقع فنرجو عدم إزعاج الأهالي" موضحاً أن تعليمات أخرى ستصدر قريباً.
وكان الصدر قد دعا السبت الماضي العراقيين كافة الى الخروج في تظاهرات "سلمية مليونية" وسط بغداد "ضد الفساد والميليشيات والأحزاب الفاسدة المتسلطة".
وطالب العراقيين بـ "زحف مليوني" نحو بغداد قائلاً أن "هذا ندائي الأخير.. وقد أبرأت ذمّتي أمام ربّي وأبي وشعبي، بعد أن انقسم الإحتجاج الى فسطاطين.. صار لزاماً عليَّ أن أتحرّى أيّ الفسطاطين أكثر عدداً وأوسع تعاطفاً عند الشعب العراقي بغض النظر عن انتماءاتهم".

الإطار الشيعي لتظاهرة "كبرى"
وبالتزامن مع ذلك دعا الإطار التنسيقي للقوى الشيعية الموالية لإيران مساء الاثنين الى تظاهرات وصفها بالكبرى.
ووجهت اللجنة المنظمة لتظاهرات الاطار التنسيقي والتي تطلق عليها "تظاهرات الشعب يحمي الدولة" في بيان تابعته "إيلاف" نداء الى الشعب العراقي قالت أنه "الصابر رجالاً ونساءً وشيباً وشباباً والمدافع عن الدولة ومؤسساتها القضائية والتشريعية والحفاظ على القانون والدستور ومنع الفوضى والانفلات" ودعت فيه إلى "الإستعداد العالي والجهوزية التامة للانطلاق بتظاهرات جماهيرية كبرى تحفظ للعراقيين دولتهم وتحقيق مطالبهم بالإسراع في تشكيل حكومة خدمة وطنية كاملة الصلاحيات قادرة على رفع المعاناة التي أثقلت كاهل المواطن العراقي من غلاء المعيشة وشحة الماء وانقطاع الكهرباء وغيرها".


أنصار الإطار الشيعي خلال تظاهرتهم الجمعة 12 أغسطس 2022 عند أسوار المنطقة الخضراء وسط بغداد (توتير)

وخاطبت اللجنة أنصار الاطار قائلة "لاتسمحوا لأحدٍ بمصادرة إرادة الدولة أو ينتهك هيبتها فالحكومة الحالية قاصرة ومقصرة ومجلس النواب عاطل معطل والقضاء يتعرض للتجاوزات ولا أحد يضمن الحماية غير القانون والدستور ، فهبوا من قراكم ومدنكم وتوجهوا بقلب عراقي نقي لدعم دولتكم ونصرة قضاياكم العادلة".
وأوضحت اللجنة أن زمان ومكان التظاهرات المقبلة سيتم تحديده قريباً من قبلها.

تحذير من حرب أهلية
وإزاء هذه الأوضاع المتأزمة فقد حذر هوشيار زيباري وزير الخارجية الأسبق القيادي في الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود بارزاني من حرب أهلية قد تحدث في العراق.


تغريدة وزير الخارجية الأسبق القيادي في الحزب الديمقراطي الكردستاني هوشيار زيباري (تويتر)

وأشار زيباري في تغريدة على "تويتر" تابعتها "ايلاف" إلى أن الاحتقان السياسي بين القوى الشيعية بلغ ذروته. وقال إن "الحروب الأهلية لا تحدث بقرارات قيادية، الحرب الكردية عام 1994 لم تبدأ بقرار من السادة مسعود بارزاني وجلال طالباني ولكن أحداث عنف فردية ومتفرقة من قبل قيادات ميدانية كانت السبب".
وأضاف أن "الاحتقان السياسي الحالي بين القوى الشيعية الإطار-والتيار وصل ذروته ويجب منعه ولنستفيد من التاريخ".
ولم تتوصل محادثات مكوكية منذ أيام يقوم بها زعيم تحالف الفتح هادي العامري على رأس وفد من الاطار الشيعي مع القوى السياسية ونقلته الأحد إلى أربيل إلى أي نتائج أو حلول لحالة الانسداد السياسي الخطيرة التي يعيشها العراق منذ أكثر من 10 اشهر وسط تصاعد الاتهامات بين الفرقاء السياسيين.

توسع هوة التباعد
ويوماً بعد آخر تتباعد المواقف بين الخصمين السياسيين الشيعيين التيار الصدري والاطار الشيعي، فبعد الهجومات المتبادلة بين الصدر والقيادي في الإطار نوري المالكي الأسبوع الماضي، تأججت أمس الاثنين نار اتهامات بالفساد والتبعية بين الصدر ومليشيا عصائب الحق ضمن الإطار الشيعي بقيادة قيس الخزعلي.
والخميس الماضي شدد رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي على أن الحوار هو الحل الوحيد لحالة الانسداد الراهنة في البلاد.. وقال في كلمة له خلال الاجتماع الأسبوعي لحكومته "إن التحديات التي نواجهها تنعكس على أداء الحكومة وكل مؤسسات الدولة العراقية حيث تمر البلاد بفترة عصيبة. وأكد أن "الحوار هو الحل الوحيد لحل مشاكلنا وليس لدينا غيره".. منوهاً إلى أن الحكومة ليست طرفاً في الصراع السياسي.
وشدد الكاظمي على "إن ألف سنة من الحوار أفضل من لحظة واحدة فيها صدام بين العراقيين". وحذر من خطورة "ثقافة تدمير أنفسنا بأنفسنا، وتدمير الفرصة التاريخية".
وأكد على أنه "مطلوب من الكتل السياسية أن تتحمل مسؤولياتها بحل موضوع الانسداد السياسي؛ من أجل مصلحة العراق ومستقبله". وشدد على أن "الجميع عليهم العمل بكل قوة لحل الانسداد السياسي واللجوء إلى الحوار لحل الخلافات، وليس لدينا خيار غير الحوار. الحوار لألف سنة، أفضل من لحظة نصطدم بها كعراقيين".
والأحد الماضي رفض مجلس القضاء الأعلى طلب الصدر بحل البرلمان، وأكد في بيان رسمي أنه لا يملك أي صلاحية قانونية أو دستورية ‏تجيز له التدخل بأمور السلطتين التشريعية أو التنفيذية.
وفي وقت عزز الرفض موقف الإطار التنسيقي المعارض لحل البرلمان والساعي لتشكيل الحكومة فإنه قد أغاض الصدريين ودفعهم الى استعراض قوة بتحشيد أنصارهم ودفعهم الى الشارع لتكريس مطاليبهم وهو ما أدخل الأزمة السياسية في نفق مظلم لا ضوء في نهايته لحد الآن.