إديس ابابا: أبدت الأسرة الدولية الخميس مخاوف غداة استئناف المعارك في إثيوبيا بين الجيش الاتحادي ومتمردي تيغراي، في خرق لهدنة استمرت خمسة أشهر في شمال البلاد حيث يبقى الوضع غامضا.

ووسط تبادل اتهامات بالوقوف خلف استئناف المواجهات، لم تورد الحكومة الإثيوبية ولا متمردو جبهة تحرير شعب تيغراي أي معلومات حول ما إذا كانت المعارك لا تزال مستمرة الخميس، ولم يردّ أي من الطرفين على أسئلة وكالة فرانس برس في الوقت الحاضر.

الخطوط الدفاعية

واكتفت سلطات المتمردين في بيان الأربعاء بالتأكيد على أن القوات الحكومية "لم تنجح" في "خرق الخطوط الدفاعية" في تيغراي.

ويبدو أن المعارك التي اندلعت الأربعاء في منطقتي أمهرة وعفر المحاذيتين للطرف الجنوبي الشرقي لتيغراي لم تمتدّ.

لكن الأسرة الدولية تخشى أن يشتعل النزاع مجددا على نطاق واسع، ما سيقضي على الآمال الضئيلة التي أثارتها في حزيران/يونيو احتمالات تفاوض لم تتحقق.

وتسبب النزاع الذي اندلع في تشرين الثاني/نوفمبر 2020 بسقوط آلاف القتلى ونزوح أكثر من مليوني شخص وأثار أزمة إنسانية بات معها مئات آلاف الإثيوبيين يواجهون أوضاعا أشبه بالمجاعة بحسب الأمم المتحدة.

ورأى وزير خارجية الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل أن "المعلومات حول استئناف النزاع في شمال إثيوبيا تضعف آمال السلام" داعيا "جميع الأطراف إلى خفض تصعيد الوضع قبل أن يتحول من جديد إلى حرب تامة".

مواقف

ودعا وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الطرفين إلى "وضع حد نهائي للنزاع" مشددا على أن استئناف المعارك يهدد الهدنة التي تم التوصل إليها في نهاية آذار/مارس والتي "خفضت العنف وأنقذت أرواحا".

كما أبدت فرنسا قلقها ودعا متحدث باسم وزارة الخارجية في بيان "إلى استئناف مفاوضات السلام بدون شروط مسبقة برعاية الاتحاد الإفريقي" مشددا على أن "الأولوية يجب أن تكون ضمان وصول المساعدة الإنسانية إلى السكان المتضررين من النزاع وإعادة الخدمات الأساسية في شمال البلاد".

كما دعت الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي ومجموعة دول شرق ووسط أفريقيا للتنمية (إيغاد) وتركيا وبريطانيا إلى الحوار.

وأكد نائب رئيس الوزراء الإثيوبي وزير الخارجية ديميكي ميكونين لدبلوماسيين أن "الحكومة على استعداد للدفاع عن وحدة أراضي الأمة وسيادتها" لكنها كذلك "مصممة على استخدام وسائل سلمية لوضع حد للنزاع".

مساعدات

واتهمت الحكومة مجددا الخميس المتمردين بتحويل المساعدة الإنسانية لأهداف عسكرية، بعدما أكد برنامج الأغذية العالمي أنهم سيطروا الأربعاء على 12 شاحنة صهريج تابعة له كانت متوقفة في ميكيلي وتحتوي على 570 ألف لتر من الوقود المخصص لتوزيع المواد الغذائية.

وصرحت المفوضة السامية لحقوق الإنسان ميشيل باشليه أن شعب تيغراي عاني ما يكفي محذرة بأن المعارك الجارية "ستفاقم معاناة مدنيين هم بأمس الحاجة" إلى المساعدة.

وتؤكد أديس أبابا أن "نهب الوقود" سمح "بالتأكيد" للمتمردين باستئناف المعارك الأربعاء، مطالبة الأسرة الدولية بـ"توفير ضمانات بأن المساعدة الإنسانية تصل فعلا إلى المستفيدين الذين تتوجّه إليهم" في تيغراي.

وتكرر الحكومة وجبهة تحرير شعب تيغراي منذ نهاية حزيران/يونيو استعدادهما للدخول في مفاوضات سلام، لكن الطرفين يختلفان حول تدابيرها. وتبادلا الاتهامات في الأيام الأخيرة بالتحضير للحرب.

وتطالب أديس أبابا بمفاوضات فورية بدون شروط مسبقة برعاية الاتحاد الأفريقي. من جانبهم، يطالب المتمردون قبل بدء أي مفاوضات بإعادة الخدمات الأساسية إلى تيغراي من كهرباء واتصالات ومصارف ووقود وغيرها، رافضين وساطة موفد الاتحاد الأفريقي رئيس نيجيريا السابق أولوسيغون أوباسانجو.

وفي رسالة نشرت الأربعاء، أقر زعيم سلطات المتمردين في تيغراي ديبريتسيون جبريمايكل لأول مرة بأن "سلسلتين من المحادثات المباشرة" جرت مع مسؤولين مدنيين وعسكريين في الحكومة الإثيوبية.

واتهم الحكومة الاتحادية بعدم احترام التزامات قطعتها خلال هذه المحادثات.

من جانبها، أكدت اللجنة التي كلفها رئيس الوزراء أبيي أحمد التحضير لمفاوضات أنه "فيما يرسم فريق خارطة طريق للسلام، يعلن الفريق الآخر الحرب. وفيما تتقصى الحكومة كل الخيارات لتعزيز الهدنة، يعمل (متمردو تيغراي) بصورة نشطة لوضع حد لها".

هدنة

وأتاحت الهدنة التي أقرت في نهاية آذار/مارس، الاستئناف التدريجي لإيصال المساعدات الإنسانية برا إلى تيغراي بعد توقف استمر ثلاثة أشهر.

واندلعت الحرب في تشرين الثاني/نوفمبر 2020 عندما أرسل أبيي أحمد الجيش الفدرالي إلى تيغراي لاطاحة السلطات المحلية التي تحدت سلطته لأشهر واتهمها بمهاجمة قواعد عسكرية في الاقليم.

بعد انسحابهم في مرحلة أولى، استعاد متمردو تيغراي السيطرة على معظم أنحاء المنطقة في هجوم مضاد في منتصف 2021، تمكنوا خلاله من دخول أمهرة وعفر.