ايلاف من لندن: اجلت المحكمة العراقية العليا الخميس حكمها بحل البرلمان، واعتبر مراقبون ان الهدف من ذلك منح السياسيين فرصة تفاهم، ريثما يهدأ تصاعد الصراع بينهم، خصوصًا أنه اتخذ منحًا مسلحًا.

ولم تتوصل المحكمة الاتحادية العليا اليوم للمرة الثالثة خلال الأسبوع الحالي الى حكم في دعوى حل مجلس النواب فحددت الاربعاء المقبل موعدا للنطق بالحكم النهائي.

على الرغم عدم توضيح المحكمة لاسباب تاجيل النطق بالحكم اسبوعا الا ان مراقبين اعتبروا ان المحكمة التي تعتبر احكامها نهائية قد منحت بذلك فسحة للقوى السياسية لامكانية تفاهمها على حل الازمة السياسية التي تتخبط بها البلاد حاليا خاصة مع تجدد القتال بين مليشيات القوى المتصارعة.

فبعد ان توقف القتال بين مسلحي التيار الصدري بزعامة مقتدى الصدر ومسلحي القوى الشيعية في الاطار التنسيقي الموالي لايران والذي شهدته المنطقة الخضراء وسط بغداد يومي الاثنين والثلاثاء الماضيين فقد تجدد اليوم في محافظة البصرة الجنوبية موقعا ثلاثة قتلى وعدد اخر من الجرحى بين مسلحي التيار ومليشيا عصائب اهل الحق بقيادة قيس الخزعلي الذي اضطر الى اغلاق جميع مكاتبها في انحاء العراق.

واوضح المراقبون ان تأجيل المحكمة العليا جاء ايضا بهدف تفادي تأزيم الموقف في الشارع العراقي المترقب لحكمها وامكانية تفجره من جديد.

الدستور العراقي وحل البرلمان

يشار الى ان حل البرلمان يخضع للمادة 64 من الدستور العراقي التي تنصّ على أن ذلك يجري بإحدى طريقتين: إما بطلب من رئيس الحكومة وموافقة رئيس البرلمان.. أو بطلب من ثلث أعضاء البرلمان على أن يجري التصويت على حله بالاغلبية.

وعن النقطة الثانية اختلف فقهاء القانون والخبراء السياسيون فمنهم من يرى أن حل البرلمان ممكن عبر طلب رئيس الوزراء وموافقة رئيس الجمهورية.. ومنهم مَن يرى أن البرلمان هو وحده المخوّل بحل نفسه حتى في حال طلب رئيس الوزراء وموافقة رئيس الجمهورية على ذلك.

وكانت المحكمة قالت الاسبوع الماضي في بيان تابعته "ايلاف" إنها "قررت تأجيل الدعوى المرقمة 188/ اتحادية/ 2022 والمقدمة من المدعي نصار زغير الربيعي أمين عام الكتلة الصدرية إضافة إلى وظيفته إلى 30 آب الحالي" في الحكم بحل البرلمان وإلزام رئيس الجمهورية بتحديد موعد لإجراء الانتخابات التشريعية وفقاً لأحكام المادة 64 من الدستور لكنها اجلتها ثانية الى اليوم.

نظر الدعاوي بدون مرافعة

أوضحت المحكمة انه "بالنظر لكون عدد المدعين في الدعاوى بلغ (1036) مدعياً إضافة الى وكلائهم البالغ عددهم (43) ولعدم قدرة قاعة المحكمة وبنايتها على استيعاب الأعداد المذكورة وحيث أن الأصل استناداً الى أحكام المادة (21/ ثالثاً) من النظام الداخلي للمحكمة رقم (1) لسنة 2022 أن تنظر الدعاوى من دون مرافعة إلا إذا رأت المحكمة ضرورة لاجراء المرافعة فيها بحضور الاطراف".

واشارت الى انه للسبب المذكور قررت المحكمة نظر الدعاوى من دون مرافعة وتستكمل المحكمة اجراءاتها وفقاً لاحكام البند (خامساً) من المادة (21) من النظام الداخلي المذكور آنفاً .

ومطلع اغسطس الماضي دعا صالح محمد العراقي المتحدث بأسم زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر أنصار التيار الصدري إلى ملء استمارة الدعوى القضائية لرفعها أمام المحكمة الاتحادية لحل البرلمان وتسليمها خلال أربعة أيام، إلى اللجنة التي ستنسق مع المحامين وكتاب العدول.

وقال إنه "على كل محبي الإصلاح والوطن والمعتصمين والنواب الوطنيين وكل شرائح المجتمع ملء هذه الاستمارة، كل في محافظته، أو من أمام مقر مجلس النواب".

وهذه الدعوى مقامة على رؤساء الجمهورية والحكومة والبرلمان وهي تطلب من المحكمة الاتحادية الحكم بحل مجلس النواب، وإلزام رئيس الجمهورية بتحديد موعد لإجراء لحل البرلمان وإجراء انتخابات مبكرة مشيرة إلى المادة الخامسة من الدستور التي تنص على أن "السيادة للقانون، والشعب مصدر السلطات وشرعيتها".

القضاء الاعلى : لانملك صلاحية حل البرلمان

كان مجلس القضاء الأعلى قد اكد في 14 من الشهر الماضي عدم امتلاكه صلاحية حل البرلمان ونوه في بيان الى ان مهامه محددة بموجب المادة ‏‏(3) من قانون مجلس القضاء الأعلى رقم (45) لسنة 2017 ‏والتي بمجملها تتعلق بإدارة القضاء فقط وليس من بينها أي صلاحية ‏تجيز للقضاء التدخل بأمور السلطتين التشريعية أو التنفيذية تطبيقاً ‏لمبدأ الفصل بين السلطات الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائية ‏المنصوص عليه في المادة (47) من دستور جمهورية العراق لسنة ‏‏2005".

يذكر ان العراق يشهد يشار الى ان العراق يشهد ازمة سياسية خطيرة منذ الانتخابات المبكرة التي جرت في تشرين الاول اكتوبر 2021 وفاز فيها التيار الصدري بزعامة الصدر وشهدت خسارة قاسية للقوى الموالية لايران التي لجأت الى عرقلة انعقاد جلسات البرلمان لانتخاب رئيس للبلاد يرشح رئيسا لحكومة جديدة ما اثار غضب الصدر الذي قام في 12 حزيران يونيو الماضي بسحب نوابه من البرلمان بعد ما وصفه بالتفاف قوى "الإطار التنسيقي" الشيعي على مشروع حكومة الأغلبية الوطنية الذي يدعو له وإصرارها على حكومة توافقية جديدة قائمة على المحاصصة الطائفية والحزبية والتي يراها الصدر سبباً رئيساً في استمرار الفساد والتردي الخدمي في البلاد.

ادى ذلك الى تصاعد الخلافات بين الجانبين وتفجرها عنفا بين مسلحيهما في اشتباكات دامية شهدتها المنطقة الخضراء وسط العاصمة مطلع الاسبوع الحالي أوقعت 30 قتيلا إضافة الى 700 مصابا غالبيتهم من القوات الامنية شكل اثرها رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي لجنة للتحقيق في ذلك برئاسة مستشار الامن القومي قاسم الاعرجي حيث بدأت امس تحقياتها في الامر.