طهران: رأت وزارة الخارجية الإيرانية السبت أن بيان الدول الأوروبية الثلاث (فرنسا وبريطانيا وألمانيا) بشأن مباحثات إحياء الاتفاق النووي "غير بنّاء" و"مؤسف"، محذرة إياها من "تدمير" المسار الدبلوماسي.

وقال المتحدث باسم الوزارة ناصر كنعاني في بيان تعليقا على الموقف الأوروبي "غير البنّاء"، إنه "من المفاجئ والمؤسف، بينما تستمر التفاعلات الدبلوماسية وتبادل الرسائل بين الأطراف المفاوضين ومنسق المباحثات من أجل إنجاز المباحثات، أن تصدر الدول الأوروبية الثلاث بياناً كهذا"، معتبراً أنه يشكّل "انحرافاً عن مقاربة مثمرة في المفاوضات".

ونصح الدول الثلاث "بأداء دور أكثر فاعلية لتوفير حل لإنهاء الخلافات القليلة المتبقية، عوضاً عن دخول مرحلة تدمير المسار الدبلوماسي".

وأتى الموقف الإيراني بعد إبداء برلين ولندن وباريس "شكوكاً جدية" حيال نية طهران في إحياء اتفاق العام 2015 الذي انسحبت منه واشنطن أحادياً بعد ذلك بثلاثة أعوام.

مواصلة التصعيد

وقالت الدول المنضوية في الاتفاق، إن المقترح الذي عرضه الاتحاد الأوروبي على طهران يمثّل "الحد الأقصى لمرونة" القوى الأوروبية بشأن الملف.

وأضافت "للأسف، اختارت إيران عدم استغلال هذه الفرصة الدبلوماسية الحاسمة"، مشيرة إلى أن طهران "تواصل بدلاً من ذلك التصعيد في برنامجها النووي بشكل يتجاوز أي مبرر مدني معقول".

وأتاح اتفاق 2015 المبرم بين طهران وست قوى دولية (واشنطن، باريس، لندن، موسكو، بكين، وبرلين) رفع عقوبات عن الجمهورية الإسلامية لقاء خفض أنشطتها النووية وضمان سلمية برنامجها. إلا أن الولايات المتحدة انسحبت منه عام 2018 في عهد رئيسها السابق دونالد ترامب، معيدة فرض عقوبات على إيران التي ردت ببدء التراجع تدريجاً عن معظم التزاماتها.

وبدأت إيران والقوى التي لا تزال منضوية في الاتفاق، بتنسيق من الاتحاد الأوروبي ومشاركة الولايات المتحدة بشكل غير مباشر، مباحثات لإحيائه في نيسان/أبريل 2021، تم تعليقها بداية في حزيران/يونيو. وبعد استئنافها في تشرين الثاني/نوفمبر من العام ذاته، علّقت مجددا منتصف آذار/مارس 2022، مع بقاء نقاط تباين بين واشنطن وطهران، على رغم تحقيق تقدم كبير.

ومطلع آب/أغسطس، استؤنفت المباحثات في فيينا مجدداً. وأعلن الاتحاد الأوروبي في الثامن منه، أنه طرح على الطرفين الأساسيين صيغة تسوية "نهائية". وقدّمت طهران للاتحاد الأوروبي مقترحاتها على النص، وردّت عليها واشنطن في 24 من الشهر.

وفي الأول من أيلول/سبتمبر، أكدت الولايات المتحدة تلقّيها رداً إيرانياً جديداً، معتبرة على لسان متحدث باسم وزارة خارجيتها أنه "غير بنّاء".

الملف "مسيّس"

وينتقد الغربيون طلب إيران، قبل أن تتم إعادة تفعيل الاتفاق، إغلاق ملف الوكالة الدولية للطاقة الذرية بشأن العثور على آثار لمواد نووية في ثلاثة مواقع لم تصرّح إيران سابقا أنها شهدت أنشطة من هذا النوع.

وفي حين تحض الدول الغربية إيران على التعاون مع الوكالة التابعة للأمم المتحدة لحل المسألة، تعتبر طهران أن هذا الملف "مسيّس".

ورأى كنعاني السبت أن بيان الدول الأوروبية قريب من موقف اسرائيل، العدو اللدود للجمهورية الإسلامية، والمعارضة بشدة للاتفاق الأساسي وللمفاوضات الأخيرة بشأنه.

وقال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية "من المؤسف أن الدول الأوروبية الثلاث اتخذت خطوة على مسار النظام الصهيوني من أجل إفشال المفاوضات (...) ومن الواضح أنه في حال استمرت هذه المقاربة، عليهم أن يتحمّلوا المسؤولية عن النتائج".

وشدد كنعاني على أن "التهديدات والعقوبات" لن تحول "دون متابعة الشعب الإيراني لحقوقه ومصالحه".