إيلاف من لندن: في كلمة وداعية وجهها الكاظمي الى العراقيين ليل الخميس فقد أكد أن حملة الاكاذيب والسموم السياسية التي طالت حكومته لم تمنع تصميمها على التصدي للتحديات التي تواجه العراقيين.
وخاطب الكاظمي العراقيين اثر تصويت البرلمان على الحكومة الجديدة اليوم وانتهاء ولايته في رئاسة الوزراء في كلمة متلفزة تابعتها "إيلاف" قائلاً "أتحدث إليكم اليوم، وأنا أسلّم الأمانة الوطنية في قيادة العراق إلى أخي دولة الرئيس محمد شياع السوداني، الذي صوّت مجلس النواب على برنامجه الحكومي، متمنياً له التوفيق في أداء الواجب الوطني، وإكمال مسيرة خدمة شعبنا، موصياً كل القوى السياسية بدعم كل مسعًى للحكومة الجديدة على طريق الاستقرار والنمو والدفاع عن الديمقراطية وحقوق الإنسان، وعدم تعريض المتصدين لهذه المهمة النبيلة إلى الطعن والتنكيل والضغوط والابتزازات على حساب مصالح الناس والوطن".

العراق بحال أفضل
وأضاف الكاظمي قائلاً "بكل شرف واعتزاز، نسلّم الأمانة والبلد ليس فقط بحال أفضل، وإنما والعراق هو أسرع اقتصاد عربي نمواً في العام 2022، بمعدلات 9.3 بالمئة بحسب صندوق النقد الدولي؛ في الوقت الذي يشهد الاقتصاد العالمي تباطؤاً واسعاً".
وأشار الى انه "بالأرقام... استلمنا الاحتياطي النقدي 49 مليار دولار، والاحتياطي اليوم 85 مليار دولار؛ استلمنا احتياطي الذهب 95 طناً، والآن 134 طناً".


الكاظمي مترئساً اجتماع المجلس الوزاري للأمن الوطني في الأول من أكتوبر 2022 (مكتبه)

استلام الخزينة خاوية واليوم عامرة
وأكد منوها "استلمنا خزينةً شبه خاوية، حتى رواتب الموظفين ما كان بالإمكان دفعها واليوم خزينة البلاد عامرة بحمد الله، وهي بانتظار موازنة مسؤولة ونزيهة لصرف الموارد في بناء الوطن والاستثمار في الإنسان العراقي".
وبين الكاظمي قائلاً "ان واحدة من أهم أولوياتنا، كانت الحفاظ على المال العام وزيادة الخزينة والاحتياط وليس هدر مال الناس، مثل ما يروّج البعض بهدف تشتيت المسؤولية عن المتورطين الفعليين بقضايا فساد، وإحداث بلبلة حتى يكون عندهم مساحةً للتلاعب؛ هذا كله رغم أن حكومتي لم تُمنحْ الموازنة إلا لمدة ستة أشهر فقط".

دعوة لتضامن سياسي
ونوه "قلناها سابقاً، ونقولها اليوم، إن الأزمة الاقتصادية تحتاج إلى إجراءات عقلانية طويلة المدى، وضعنا أسسها في إصلاحات اقتصادية نتمنى أن يتمّ الاستـمرار بها؛ لحماية مستقبل أجيالنا".
وشدد على أنه "من الضروري تحقيق التضامن السياسي لدعم المشاريع الاستراتيجية مثل: ميناء الفاو الكبير، الذي تقدّم خطوات كبيرةً مؤخراً، ومشاريع الغاز والطاقة والطاقة البديلة والمستشفيات والمدارس ومشاريع الإعمار والإسكان، التي دخلت الخدمة أو التي ما زالت في طور الإنشاء".. موضحا "إنّ الحفاظ على مستوى النمو الاقتصادي الذي تحقّق، وتطويره، يحتاج إلى تكاتف بين الجميع بروح الأخوّة لا بروح التصادم الذي يضعف الوطن ويستنزف قدراته، ويفوّت الفرص في تحقيق تطلعات الشعب".

نُسلم وضعاً أمنياً متماسكاً
وحول الوضع الأمني في البلاد اشار الكاظمي بالقول" نحن نسلّم وضعاً أمنياً متماسكاً تم فيه القضاء على جيوب الإرهاب، وتعزيز القوات الأمنية بمختلف صنوفها، بالتدريب المهني والتجهيز والتسليح، مما أدى إلى ارتفاع التصنيف العالمي للجيش العراقي من 57 إلى 34، وسيكون على الحكومة الجديدة البناء على كل ذلك وتطويره، واستـمرار دعم الجيش وأجهزة الأمن، وحفظ السلم الاجتماعي".


الكاظمي خلال إلقاء كلمة بلاده في الأمم المتحدة في 23 سبتمبر 2022 (مكتبه)

استعادة ثقة الشعب بالدولة
ونوه الكاظمي إن الأزمة الاجتماعية التي صاحبت التظاهرات الشعبية في تشـرين 2019 وما بعدها، كرّست أجواء انعدام الثقة بين الشعب وأجهزة الدولة، وسالت دماء زكية كثيرة وبريئة من أبناء شعبنا فبذلنا كل جهد لأجل استعادة ثقة الشعب بالدولة، وعملنا بقوة من خلال تدريب قواتنا على التعامل السلمي مع المتظاهرين، وحظر استخدام العنف والسلاح تجاهم. واعتمدنا سياسة الاعتراف بالتضحيات الكبيرة التي قدّمها شباب العراق وشاباته، وعوّضنا عوائل المتضـررين، وحفظنا حقوقهم وندعو كذلك إلى استكمال هذا الواجب".

تجاوز الأزمات
وأضاف أنه "ليس العراق بلداً استثنائياً في ظروفه السياسية والاقتصادية والاجتماعية فالتأريخ يحدثنا عن تجارب عديدة من سنغافورة ودولة الإمارات إلى كوريا الجنوبية وراوندا، وغيرها الكثير، تجاوزت فيها تلك الشعوب الأزمات عندما نظرت نخبها السياسية إلى الواقع برؤية تضامنية مسؤولة، وليس بمنطق التغانم، ومحاولة امتصاص الموارد، والصفقات الحزبية.
وشدد بالقول "نعم... بإمكان شعبنا تجاوز كل الأزمات؛ ليصنع واقعاً ومستقبلاً يليق به، بشرط الولاء للوطن، وأن يدرك الجميع أنْ لا طريق إلا بالحوار والتفاهم ومصارحة الشعب بالحقائق واحترام المؤسسات الدستورية".

انتخابات نزيهة
وأشار رئيس الوزراء السابق الى أن حكومته "نفذت واجبها بإجراء انتخاباتّ عادلة ونزيهة بشهادة وإشادة الجميع داخلياً، وعلى المستوى الدولي، رغم كل الاتهامات الظالمة والأكاذيب التي وجهت إلينا، مع إننا لم نشاركْ في تلك الانتخابات؛ لحماية نزاهتها، ودعمنا كل جهد لتشكيل الحكومة وفق الدستور، وتعهّدنا بتسليم الأمانة، وحفظ التداول السلمي للسلطة وفعلنا".

سموم بطابع سياسي
ونوه الكاظمي الى ان الواقع قد أثبت "بطلان كل ما نفثوه من سموم وأباطيل، بدأت قبل تسلمنا المسؤولية حتى اليوم ضمن حملة ممنهجة ذات طابع سياسي انتقامي تستهدف كل جهد وإنجاز ونجاح قامت به هذه الحكومة".
وحذر من أن الضغوط الحزبية والابتزاز السياسي لأي حكومة سوف يعيق استكمال الإصلاحات الإداريّة والاقتصادية، ومواجهة تحديات المستقبل، بل ويعيق واجب القضاء على الفساد الذي ما يزال –للأسف- يمتلك أذرعاً قوية، ويحتاج إلى موقف وطنيّ شامل وجاد لانتزاعه من خلال دعم الإصلاح واحترام القانون.

وجهة لحلّ الخلافات الإقليمية
وقال "نسلّم المسؤولية اليوم للحكومة الجديدة والعراق يحظى بتقدير إقلمي ودولي متزايد، وأصبح وجهةً لحلّ الخلافات المعقدة، وتعقد فيه المؤتمرات الإقليمية والدولية مثل: مؤتمر بغداد للشراكة والتعاون".. مبيناً أن حكومته "فتحت آفاق تعاون واسعة مع أشقاء العراق وجيرانه، ومع المجتمع الدولي وسياسة العراق الخارجية انسجمت مع تطلعات شعبنا المسالم التوّاق إلى التقدم والازدهار والرفاه، والمتمسك بأصالته وسيادته وروحه الوطنية".
وشكر الكاظمي العراقيين لدعمه طوال المرحلة الماضية.. والمرجعية الدينية "التي كانت وسوف تبقى صمام أمان لهذا الوطن".. وكل شباب العراق وشاباته، الذين أثبتوا بتضحياتهم حرصهم على الوطن وإدراكهم للتحديات.. والقوات العسكرية والأمنية، بكل صنوفها، التي صبرت من أجل حماية العراق وأهله.. وكذلك كادر الدولة، من وزراء ووكلاء ومدراء وصولاً لكل موظف، حافظ على الأمانة رغم المصاعب والتحديات والمغريات.. وكل الداعمين بالنصح والمشورة والنقد البنّاء وحتى النقد القاسي.. والفريق المهني الذي رافقه طوال هذه المهمة النبيلة، غير مبالٍ بالتهديدات والتجاوزات.
كما ثمن الكاظمي مواقف "دول العالم وحكوماتها كافة، الشقيقة والصديقة، التي وقفت معنا وما زالت، لنتجاوز الصعوبات ونواجه الإرهاب وندحره" .. "والعرفان لكل العراقيين، في كل بيت وحي ومدينة على امتداد الوطن، الذين كانوا أهلي وسندي وحزبي منذ لحظة تولي المسؤولية، وسيبقى دينهم وفضلهم في عنقي.. والسلام على العراق".

جهود إصلاح
يشار الى أن الكاظمي قد استلم رئاسة الحكومة العراقية في الثامن من أيار/مايو 2020 إثر موجة من الاحتجاجات والتظاهرات الشعبية انطلقت في العاصمة العراقية بغداد ومحافظات في وسط وجنوب البلاد اواخر عام 2019 للمطالبة بمحاربة الفساد وتوفير الخدمات وفرص العمل أوقعت حوالي 600 قتيلا من المتظاهرين و20 الفا من الجرحى بينهم عناصر من قوات الأمن وارغمت رئيس الوزراء السابق عادل عبد المهدي على الاستقالة .
وقد كرس الكاظمي منذ ذلك الوقت جهوده لمواجهة انحدار البلاد نحو الافلاس وتوسع العمليات الإرهابية لتنظيم داعش ولوضع خطط اقتصادية ومالية لإصلاح الأوضاع الاجتماعية والمالية .. اضافة الى سعيه للجم السلاح المنفلت بيد المليشيات الموالية لإيران.
كما واجهت مساعي الكاظمي بالانفتاح على الدول العربية حملة شعواء من انصار ايران الذين شنوا ضده حملات تعارض ما اسموه بصراحة محاولاته "اعادة العراق الى حاضنته العربية".. كما تم استهدافه بثلاث محاولات اغتيال وصلت الى حد قصف منزله في المنطقة الخضراء وسط بغداد بالصواريخ.


من اليمين الملك عبد الله والسيسي والشيخ محمد بن زايد والكاظمي خلال قمتهم في العقبة في 25 مارس 2022

وإضافة الى ذلك فقد لاحقت حكومة الكاظمي قتلة شباب الاحتجاجات من مسلحي المليشيات وفرق الموت واحالتهم الى المحاكم التي اصدرت أحكاماً مختلفة بحقهم وصلت الى الإعدام.. واعتبرت الضحايا منهم شهداء لعوائلهم حقوق واشرفت على إرسال الجرحى الى خارج البلاد للعلاج.
وشهدت ولاية الكاظمي حملة شعواء ضد حيتان الفساد من اصحاب الدولة العميقة الذين هيمنوا على ثروات البلاد وأعاقوا تحقيق اي منجزات لصالح الشعب العراقي من خلال قوتهم في البرلمان التي ساعدتهم على إعاقة اعداد وتشريع موازنة للبلاد ما كبل يد الحكومة السابقة و منع تنفيذ خططها الإصلاحية لحساب أجنداتهم السياسية.