إيلاف من لندن: فيما دعا الكاظمي القوى السياسية العراقية الثلاثاء الى منح خليفته السوداني حرية اختيار وزراء حكومته كاشفا عن تعرضه لثلاث محاولات اغتيال واستهدافاً لإفشال حكومته برغم انقاذها للاقتصاد من الانهيار.
وطالب رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي في كلمة خلال الاجتماع الأسبوعي لحكومته الى دعم رئيسي الجمهورية عبداللطيف رشيد ورئيس الوزراء المكلف محمد شياع السوداني.
كما دعا القوى السياسية لمنح رئيس الوزراء المكلف السوداني الحرية باختيار فريق عمله الوزاري وتسهيل مهمته منوهاً الى أن مهمته صعبة. وأكد ثقته بالحكومة الجديدة مشدداً على ضرورة أن تكون لها موازنة عامة سريعة للقيام بمهامها وواجباتها تجاه الشعب.

تحقيق هادئ
وعن قضية اختلاس 2.5 مليار دولار من الهيئة العامة للضرائب بوزارة المالية فقد أكد أن التحقيق يجري في القضية بهدوء منذ أشهر"إلا أن البعض أثارها للتغطية على الفاسدين" .. منوهاً الى أن الجميع قد حارب خطط تقدمت بها حكومته للمحاسبة الشاملة.
وأضاف أن حكومته تشكلت بوضع اقتصادي صعب جداً.. وقال "كنا على حافة انهيار اقتصادي حقيقي، وكانت تحديات وضع كورونا وانهيار أسعار النفط وكذلك الصراع الدولي الذي أراد البعض أن يحول العراق إلى حديقة خلفية للصراعات الدولية والإقليمية ولكن بالصبر والحكمة تمكنا من عبور تلك التحديات، موضحاً "وضعنا خطة إصلاح في الاقتصاد منذ اللحظة الأولى".

من الانهيار الى النمو
وأشار الكاظمي الى أن حكومته اسست لرؤية اقتصادية جديدة عن طريق الورقة البيضاء، ونجحت بأن تنقذ اقتصاد البلاد والانتقال به من مرحلة الانهيار إلى مرحلة النمو والآن سجل العراق حسب تقرير دولي صدر الشهر الجاري أسرع نمو بالشرق الأوسط وثاني دولة بالعالم بنسبة نمو تبلغ 9.3 بالمائة.

حكومة بدون موازنة
وأشار الكاظمي إلى أن "هناك من يشكك بحكومته ولم يرد لها أن تسجل النجاحات باسمها وشكك البعض بإصلاحاتها وبكل الإجراءات الصحيحة التي قامت بها".
وأوضح أن "هذه الحكومة عمرها سنتين ونصف، عملت لثمانية وعشرين شهراً ولم تستلم فقط ستة أشهر من الموازنة مع كل هذا نجحنا بعبور مرحلة مهمة".

احتياطي العملة الصعبة
وأكد أن "احتياطي البنك المركزي كان هابطاً لحظة استلامنا للحكومة، كان 49 مليار دولار اليوم لدينا احتياطي 85 مليار دولار، وكان لدينا احتياط الذهب قريب من 96 طناً، اليوم أصبح بحدود 134 طناً، هذه لم تأت اعتباطاً، البعض يقول من أسعار النفط وهذا ليس صحيحاً، فالكثير من دول العالم ارتفعت أسعار النفط لديها، لكن لم يسجل نمو لديها، وهذا يعود للورقة الإصلاحية التي طبقناها".
وأضاف أنه "منذ اللحظة الأولى كانت لدينا رؤية لإصلاح وزارة المالية، التي تبناها الوزير السابق، وقدمنا مجموعة من مشاريع الإصلاح، وكانت تجابه باعتراضات شديدة من قبل برلمانيين وكتل سياسية لمنع الإصلاح في وزارة المالية والبقاء على آليات تقليدية لا تلائم العصر".
وأشار الى أن "الوزير السابق قدم مشروع المحاسبة الشاملة التي تتطلب أتمتة وأساليب حديثة، لكن الجميع حاربها، ومع ذلك مضينا بالعمل بها، وهي تستغرق وقتاً".
وقال أن "المحاسبة الشاملة تساعدنا في إيقاف الهدر والحد من الفساد وإيقاف التلاعب في العديد من القضايا، كما حصل في موضوع الأمانات في هيئة الضرائب التي أعلنا عن كشفها وحاول البعض أن يحمي الفاسدين واللصوص وتحويل الاتهام إلى الحكومة".
وبين الكاظمي إن "هذا الموضوع لا يخص الحكومة بل دائرة من دوائر وزارة المالية، ومع كل هذا أنا أول من نبهت الوزير السابق عن هذه الظاهرة في عام 2021 ووجهته بالقيام بتحقيق وفي ضوء التحقيق أصدر أمراً بمنع صرف أي أمانات بالضرائب دون استحصال موافقة الوزير.

تهديدات ضد محاربة الفساد
وشدد على أن "البعض يحاول أن يعرقل أي نجاح"، موضحاً أنه "منذ اليوم الأول أعلنا عن مشروع محاربة الفساد، حاربنا الفساد وتعرضنا لضغوط كبيرة وتهديدات وابتزاز، ورأينا أن الحكومة لم تحصل على رعاية برلمانية لأسباب معروفة وإنما معارضة لها مستمرة، بسبب تضرر مصالح البعض، أعلنا منذ اليوم الأول محاربة الفساد وسوف ننهي آخر يوم من عمر الحكومة بمحاربة الفساد".
وأشار الى أن "ما تم الإعلان عن موضوع الضرائب هو واحد من التحديات الكبيرة".. مؤكداً أن "التاريخ سينصف هذه الحكومة، وستبين ذلك التحقيقات التي يقوم بها القضاء بكل هدوء".

محاولات للتغطية على الفاسدين
ونوه الكاظمي إلى أن "القضاء شرع في التحقيقات منذ شهور وبكل هدوء، لكن البعض عرف أن المساءلة ستصل إليه، فحاول أن يثير ضجّة، ويستغل بعض الظروف لخلق الفوضى والتغطية على الفاسدين الحقيقيين وأسباب هذه المشكلة".
وأوضح أنه "عندما لم تنجح الوزارة منذ أكثر من 17 سنة، في إيجاد نظام إلكتروني يتكامل مع العصر وآليات الحساب الصحيحة، ولو كانت هذه الأنظمة موجودة لما وقعنا في هذه الإشكاليات، وقصّية الأمانات الضريبية عمرها طويل ولا علاقة لها بهذه الحكومة وهي قديمة، لكن مع كل هذا اتخذنا قراراً بموضوع المحاسبة الشاملة وتنفيذه، لكنه يحتاج إلى وقت لأنه يحتاج إلى إعادة هيكلة وترتيب بعض الإجراءات في الوزارة".

وخاطب الكاظمي الوزراء قائلاً "تذكرون عندما حدثت ضجة بشأن أتمتة الكمارك، أيضاً تسبب بمشكلة، وكانت هناك اعتراضات كثيرة من البعض، لكن وقعنا اتفاقيات مع الأمم المتحدة لإعادة أتمتة بعض المفاصل في وزارة المالية وهي تستغرق سنيناً طويلة، وكان من المفروض الشروع بها منذ عام 2003، وقد اعتمدتها جميع دول المنطقة".
وأشار إلى أن "الأنظمة الجمركية التي اقترحناها تتلاءم وتتكامل مع 90 دولة في العالم من ضمنها كل دول الجوار العراقي، لكن مع الأسف الشديد هناك من يحاول أن يبتز الحكومة ويخرج بخطابات شعبوية و ابتزازية هدفها التسقيط، ومنع أي إنجاز لهذه الحكومة".

ملفات الفساد
وكشف أن "هناك أطرافاً عديدة حاولت أن تضغط، بصورة مباشرة أو غير مباشرة، أًلّا تقوم الوزارة بإجراءاتها، مع كل هذا فالحكومة التزمت سياسة الصمت تحاشياً لأي محاولة لإحباط الناس. سكتنا كي لا نصنع اليأس، وكونوا على ثقة بأننا لسنا قليلي المعرفة بما يحصل على الأرض، والدولة تعرف كل شيء، ولو كانت الدولة تريد أن تفتح الملفات فإنها ستتسبب بزلازل، والوضع العراقي لا يتحمل الزلازل، إنما بحاجة إلى البناء والصبر من أجل مستقبل العراقيين".
وأشار إلى أن "هناك من استغل سياسة الصمت التي تبنيناها منذ اللحظة الأولى، والعراق فيه مشاكل وتحديات كثيرة، ولجأنا مبكراً إلى سياسة الصبر والصمت، ولم نكن راغبين في تضخيم المشاكل أو الدخول في مناكفات سياسية في بيئة صار الفقر جزءاً منها وقلة توفير الخدمات والقصور في التعليم".

ثلاث محاولات اغتيال
وشدد بالقول "لم نرغب بالدخول في مناكفات وبالتالي نصنع اليأس عند الشعب، فآثرنا الصمت وندع عملنا هو الذي يبرز نفسه، ولم نرغب في إحباط عزيمة الشعب. وتحملت من أجل عيون الناس الكثير من الاتهامات والافتراءات وحتى محاولات الاغتيال، تعرضت لثلاث محاولات اغتيال ولم أطور الموضوع، رغم أن المحاولة الأخيرة شهدت ضغوطاً دولية لتدويلها، ورفضت حماية للعراق والعراقيين".
وقال أن "هناك من يحاول أن يشكك بأي خطوة تقدم عليها الحكومة لصالح العراقيين، مع كل هذا فإننا يجب أن نحمي كل من رفع راية محاربة الفساد، والناس تعرف أن هذه الحملة للتشويش تأتي لمحاولة حرف التحقيق أو التأثير عليه بتهم باطلة، والناس تعرف من هم الفاسدون، ويعرفون أن هناك حيتانا كبيرة وراء هذه العملية".
وأكد أنه "لا توجد حكومة تفشل أو تنجح لأن لديها ثروات"، معتبراً أن "الدولة الناجحة هي التي تستثمر في عقول الناس، ونرى أن الكثير من دول العالم لديها ثروات، ولكنها دول فاشلة. والكثير من دول العالم لا تمتلك ثروات، لكنها دول ناجحة. اليوم لدينا سنغافورة نموذجاً، وتايوان، دول صغيرة لكنها تمتلك رابع أو خامس احتياطي في العالم، وبعض الأحيان يضطرون إلى استيراد الأحجار، وتمكنوا من بناء دول تحولت إلى إيقونات".

العراق يمتلك الكثير
وبين أن "العراق يمتلك التأريخ والحضارة والثروات والجيل الشبابي والجغرافيا والثقافة، فكل مقومات النجاح لدينا، وما نحتاجه هو الأبوّة والصدق في التعاطي مع الملفات الخدمية".
وشكر الكاظمي "الوزراء الملتزمين بصيانة المال العام والذين التزموا بالتوجيهات، وكذلك محاولتهم لتقديم الخدمات بأصعب الظروف"، متسائلاً "لم تمر على العراق حكومة تبقى لسنتين من غير موازنة، كيف واصلنا العمل إذن؟ وكيف نجحنا مع الحرمان من المال؟".
وزاد "لقد منعنا الاقتصاد من الانهيار، وبنينا نوعاً من النمو الاقتصادي في عالم يشهد تراجعاً كبيراً وتحديات كبيرة لجميع دول العالم".
وأشار إلى "حصول العراق على المركز الثاني في النمو الاقتصادي واليوم وزّعنا عليكم إنجازات الحكومة، في العام الماضي وزعنا الجزء الأول، واليوم ننهي هذا العام من عمر الحكومة مع تقديم التقرير للأداء الحكومي، ونسبة الإنجاز فيه هي نسبة عالية".

لم نصنع جيوشاً الكترونية
ولفت إلى أن "البعض يشكو من أننا لم نسوّق الإنجازات، أقول نعم: لدينا خلل في التسويق لأننا لم نعتمد على المال الفاسد لصناعة جيوش إلكترونية، وأنا لا أومن بها، وأؤمن أن في السياسة يجب أن يكون هناك حد أدنى من صفات الفرسان والقيم الأخلاقية، لأننا نعمل من أجل الشعب، وليس من أجل أجندات حزبية أو مذهبية أو إثنية".
وختم رئيس الوزراء العراقي كلمته بالقول "أننا حققنا الكثير مما نفتخر به كحكومة وكوزراء، وعلينا ألّا نلتفت إلى الأصوات النشاز التي تحاول أن تبتز تحت عناوين الحرص على المال العام بينما هي أكثر الأطراف تورّطاً بالهدر في الأموال".. موضحاً "أننا أتممنا ما علينا، على والوزراء تهيئة كل الملفات أمام الوزراء الجدد، لكي نعمل وفق كل ما نستطيع من جهد".
ودعا وزراء حكومته بالقول "هيئوا أنفسكم والملفات فيما يخص تسليم زملائكم الوزراء القادمين، كل وزارة بوزارتها".. وقدم الشكر الى جميع من دعم حكومته .. مؤكداً بالقول أن "رهاننا وأملنا بالشعب العراقي أن يتفاعل وأن يتبنى الأمل بمستقبل أفضل من الحاضر".

قضية الاختلاس
ومن جهته قال المتحدث باسم مجلس الوزراء وزير الثقافة حسن ناظم خلال مؤتمر صحافي مع وزيري النفط إحسان عبد الجبار والمالية وكالة
بعد انتهاء اجتماع الحكومة أن هذه الحكومة عملت زهاء عامين بلا موازنات وشرعت بالعمل منذ اليوم الأول لإعادة التوازن في اقتصاد البلد وأطلقت الورقة البيضاء للإصلاح الاقتصادي والعراق الآن يمتلك 134 طناً من الذهب و85 مليار دولار من الاحتياطي النقدي".


وزراء النفط والثقافة والمالية خلال مؤتمرهم الصحافي الثلاثاء 18 أكتوبر 2022 (اعلام رئاسة الحكومة)

وأضاف أن "الحكومة هي من كشفت قضية الفساد في هيئة الضرائب وهي بعهدة القضاء حالياً وأيضاً ما تم تخصيصه من المبالغ لمكتب رئيس الوزراء بموجب قانون الدعم الطارئ لم يصرف مُطلقاً وهو لا يتعلق بأثاث المكتب كما يشاع بل بتعويضات الشهداء والجرحى وتأمين الحدود العراقية".
ومن جهته أكد وزير النفط إحسان عبد الجبار أن "التقرير الذي رفعته الحكومة أبان توليه المسؤولية وزيراً للمالية وكالةً بشان خيانة الأمانة باختلاس 2.5 مليار دولار هو الأول منذ 17 عاماً وتضمن 400 صفحة وتم إرساله إلى القضاء". وأضاف أنه "تم إعفاء مدير عام الضرائب وملاكات أخرى على خلفية قضية الأمانات الضريبية".
أما وزير المالية وكالةً هيام نعمت محمود فقالت أن "الوزارة مستمرة بالتعاون مع الجهات القضائية في قضية الأمانات الضريبية وأبوابها مفتوحة أمام الجهات المعنية بهذا الموضوع وعلى اتم الاستعداد لتلبية أية متطلبات لكشف الحقائق".
وفي وقت سابق اليوم أعلن ائتلاف ادارة الدولة العراقي الذي يضم قوى شيعية وسنية وكردية عن عقد جلسة للبرلمان السبت المقبل للتصويت على تشكيلة الحكومة الجديدة.
ويواجه السوداني معضلات كبيرة في مهمته وعليه التصدي لتحديات عدة يتقدمها الفساد والمليشيات والسلاح المنقلت والاعتداءات الايرانية والتركية والتصدي الى بقايا تنظيم داعش اضافة الى توفير فرص عمل والخدمات الأساسية وحل مشاكل الكهرباء والمياه مع ايران وتركيا اضافة الى التصدي لمشكلة تقلب المناخ.