عينت الحكومة الباكستانية قائداً جديداً للجيش، منهية شهوراً من التكهنات بشأن من سيتولى ما يراه كثيرون أقوى منصب في البلاد.
ويحل اللواء عاصم منير، رئيس الاستخبارات السابق، بذلك مكان الجنرال قمر جاويد باجوا، الذي يتقاعد في 29 نوفمبر/تشرين الثاني.
ويعتبر الجنرال منير، أكبر جنرال في الجيش، حليفاً وثيقاً.
ويأتي التعيين في وقت غير مستقر بالنسبة لدولة يتمتع فيها الجيش دائماً بنفوذ كبير في السياسة والسياسة الخارجية.
ودخل رئيس الوزراء السابق عمران خان، الذي أطاح به خصومه في أبريل/نيسان، في خلاف مع الحكومة الجديدة والجيش بشأن تعيين قائد للجيش.
وتواجه باكستان أيضاً أزمة اقتصادية: الصادرات في انخفاض مستمر، في حين أن أسعار الغذاء آخذة في الارتفاع. كما أنها تحاول التعافي من الفيضانات المدمرة في وقت سابق من هذا العام.
عمران خان: من الرياضة وحياة الملاهي إلى ميدان السياسة في باكستان
طالبان تتهم باكستان بالسماح للمسيّرات الأمريكية بدخول أفغانستان عبر مجالها الجوي
عندما يتولى الجنرال منير منصبه في نهاية الشهر، سيوجه العلاقات المستقبلية مع الهند المنافسة المسلحة نووياً من جهة، وحكومة طالبان الجديدة في أفغانستان من جهة أخرى.
ويقول فهد حسين، المستشار الخاص لرئيس الوزراء "إنه ليس منصباً سياسياً، لكن إذا نظرت إلى المنصب، فقد كان لهذا المنصب دور سياسي".
ومنذ إنشاء باكستان قبل 75 عاماً، استولى الجيش على السلطة ثلاث مرات وحكم البلاد بشكل مباشر لما يقرب من أربعة عقود.
ويقول طلعت مسعود، وهو ملازم أول سابق في الجيش: "ديمقراطيتنا ضعيفة. لقد حاول الجيش دائماً استغلال ذلك".
وتم اختيار اسم الجنرال منير من قائمة من ستة مرشحين محتملين. والقرار النهائي بشأن من سيصبح قائد الجيش التالي، يعود عادة لرئيس الوزراء بمفرده.
لكن العملية غالباً ما تصبح صراعاً بين قائد الجيش المنتهية ولايته ورئيس الوزراء، حيث يحاول كلاهما الضغط من أجل شخص متعاطف مع مصالحهما.
وهذه المرة، كان الأمر أكثر صعوبة. طلب رئيس الوزراء الحالي شهباز شريف استشارة شقيقه الأكبر، رئيس الوزراء السابق نواز شريف، الذي يقال إنه يستعد لعودة سياسية.
وتحدث خصمهم السياسي، خان، علناً عن التعيين، قائلاً إن القيادة الحالية فاسدة ولا ينبغي السماح لها باتخاذ القرار.
ومن المُسلّم به على نطاق واسع، أن خان وصل إلى السلطة في انتخابات عام 2018، بمساعدة الجيش الباكستاني وأجهزة الاستخبارات، على الرغم من نفي رئيس الوزراء السابق والجيش ذلك.
ثم تم طرده من وظيفته في أبريل/نيسان من هذا العام بسبب خلاف مزعوم مع الجيش.
ومنذ ذلك الحين، أدان خان علناً الجيش ودوره الضخم في سياسة البلاد، واتهم أفراداً من الجيش بلعب دور في هجوم استهدفه في وقت سابق من هذا الشهر عندما أصيب في ساقه.
وتم إنكار هذه المزاعم، لكن خان بنى رواية بين مؤيديه الكثيرين، بأن الجيش ألحق الأذى به وبمن يدعمونه بشكل مباشر.
وأقر الجنرال باجوا، الذي خدم لفترتين مدة كل منهما ثلاث سنوات كقائد للجيش، هذا الأسبوع، بدور الجيش في السياسة على مدار السبعين عاماً الماضية.
وأشار الجنرال باجوا، متحدثاً في ذكرى من ماتوا أثناء أداء واجبهم، إلى أن ذلك سيتغير.
وقال: "لهذا السبب قرر الجيش بعد الكثير من التفكير عدم التدخل في أي شؤون سياسية"، مضيفاً: "يمكنني أن أؤكد لكم أننا سنلتزم بذلك بشدة وسنتابعه في المستقبل".
وردد قادة الجيش المنتهية ولايتهم آراء مماثلة في باكستان لكن دون جدوى.
ومن جهته، يقول فهد حسين إن الجيش، تحت قيادة الجنرال باجوا، أصبح أكثر انخراطاً في السياسة.
وأضاف: "الحكومة وأحزاب المعارضة لا يمكن أن تجلس في القاعة نفسها. ليس هناك ما يشير إلى أي حوار سياسي. لا يوجد أي تحرك لإيجاد حل سياسي".
وبالنظر إلى ذلك، يعتقد حسين أن الجيش سينتهي به الأمر إلى استعادة السيطرة على البلاد مرة أخرى.
وكان مسعود أكثر تفاؤلاً، حيث يعتقد أن هذه قد تكون اللحظة التي يمكن فيها لباكستان تحقيق توازن أفضل بين الحكم العسكري والمدني.
ويقول: "إنها فرصة عظيمة للزعيم القادم ليغير حقاً شخصية الجيش، بمعنى عدم التدخل في السياسة وقصر نفسه على الأمور المتعلقة بدوره (الرئيسي) فقط".
ويضيف: "لكن ذلك قد يكون مجرد تمنّي".
التعليقات