الامم المتحدة (الولايات المتحدة): شهدت جلسة طارئة عقدها مجلس الأمن الدولي الخميس لبحث تداعيات زيارة قام بها وزير إسرائيلي لباحة المسجد الأقصى بالقدس الشرقية المحتلة مواجهة حامية بين السفير الفلسطيني الذي اعتبر ما حصل "تجاوزاً للخط الأحمر" ونظيره الإسرائيلي الذي سخّف المسألة برمّتها.

والثلاثاء أجرى وزير الأمن القومي الإسرائيلي الجديد إيتمار بن غفير زيارة إلى باحة المسجد الأقصى، في خطوة اعتبرها الفلسطينيون "استفزازية" وأثارت موجة تنديد دولية واسعة، بما في ذلك من جانب الولايات المتحدة، الحليفة التاريخية لإسرائيل.

وبناء على طلب من الصين والإمارات العربية المتحدة، اجتمع مجلس الأمن بعد ظهر الخميس للبحث في هذه الزيارة التي يعتبرها الفلسطينيون "اقتحاماً" لباحة الحرم القدسي، أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين لدى المسلمين.

وبالإضافة إلى أعضاء المجلس الـ15، شارك السفراء الإسرائيلي والفلسطيني والأردني في هذه الجلسة العلنية التي استمرّت ساعتين وتخلّلتها نقاشات حامية للغاية.

وقبيل دخوله قاعة الاجتماع قال السفير الإسرائيلي جلعاد إردان للصحافيين "أنا فعلاً مصدوم حقاً. لماذا؟ لأنّه ليس هناك أيّ سبب على الإطلاق لعقد هذه الجلسة الطارئة اليوم. لا شيء. إنّ عقد جلسة لمجلس الأمن حول لا شيء هو أمر عبثيّ حقاً".

وكانت الدول العربية والإسلامية طالبت الأربعاء مجلس الأمن الدولي بأن يُصدر إدانة صريحة للزيارة التي قام بها الوزير الإسرائيلي واستغرقت 15 دقيقة.

مواجهة حادة

ونفى إردان أن تكون زيارة الوزير بن غفير "اقتحاماً للمسجد الأقصى" أو خروجاً عن "الوضع الراهن" التاريخي المتعلّق بالأماكن المقدّسة في القدس.

وشدّد السفير الإسرائيلي على أنّه "لكلّ يهودي الحقّ في زيارة جبل الهيكل"، التسمية اليهودية لباحة الحرم القدسي.

وأضاف "إنّ الادّعاء بأنّ زيارة قصيرة وشرعية تماماً يجب أن تؤدّي إلى جلسة طارئة لمجلس الأمن هو لأمر مثير للشفقة".

وعندما دخل السفير الإسرائيلي إلى قاعة مجلس الأمن عاد وكرّر خطابه نفسه.

وردّ المندوب الفلسطيني لدى الأمم المتّحدة السفير رياض منصور بشنّ هجوم عنيف على السفير الإسرائيلي والحكومة الإسرائيلية الجديدة "الاستعمارية والعنصرية"، من دون أن يوفّر في انتقاده مجلس الأمن نفسه الذي أصدر على مرّ العقود الماضية قرارات عديدة بشأن النزاع الإسرائيلي-الفلسطيني ظلّ كثير منها حبراً على ورق.

وقال منصور في خطاب مطوّل "أيّ خط أحمر ينبغي على إسرائيل أن تتجاوزه لكي يقول مجلس الأمن في النهاية +كفى+ ويتحرك تبعاً لذلك؟ متى ستتحركون؟".

وكان السفير الفلسطيني صرّح الأربعاء أمام الصحافيين في مقرّ المنظمة الأممّية بنيويورك وقد أحاط به عشرات السفراء العرب والمسلمين أنّه "من مسؤولية المجتمع الدولي أن يقرّر الحفاظ على الوضع الراهن التاريخي في القدس ومواقعها الإسلامية والمسيحية وحمايتها".

"استفزاز"

وفي الوضع الراهن، يمكن لغير المسلمين زيارة باحة الأقصى في أوقات محدّدة ولكن لا يمكنهم الصلاة فيها. ومع ذلك زادت في السنوات الأخيرة أعداد الزوّار من اليهود القوميين الذين يصلّون في كثير من الأحيان خلسة في المكان، في خطوة يعتبرها الفلسطينيون والكثير من دول الشرق الأوسط "استفزازاً".

وكان البيت الأبيض حذّر الثلاثاء الدولة العبرية من أنّ أيّ عمل أحادي في المواقع المقدّسة بالقدس الشرقية هو "غير مقبول".

والخميس قال الدبلوماسي الأميركي في الأمم المتّحدة روبرت وود إنّ الولايات المتّحدة "تحضّ كلاً من الإسرائيليين والفلسطينيين على اتّخاذ الخطوات اللازمة لاستعادة الهدوء، ومنع وقوع المزيد من الخسائر في الأرواح، والحفاظ على إمكانية حلّ الدولتين".

وردّاً على سؤال لوكالة فرانس برس لدى خروجه من قاعة مجلس الأمن في ختام الجلسة، رحّب السفير الفلسطيني بـ"إجماع (أعضاء مجلس الأمن) للدفاع عن الوضع القائم"، مشيراً في الوقت نفسه إلى أنّه لم يكن يعوّل على أيّ إجراء ملموس من جانب الأمم المتّحدة ضدّ إسرائيل.