إيلاف من لندن: شكت أربيل لواشنطن الجمعة مما قالت أنه تعمد بغداد تقويض العلاقات معها لأهداف سياسية مؤكدة قلقها من وقف إرسال الحكومة المركزية مرتبات موظفي الإقليم.
جاء ذلك خلال اتصال هاتفي أجراه مع رئيس حكومة إقليم كردستان العراقي مسرور بارزاني منسق البيت الأبيض الأميركي لشؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بريت ماكغورك.

حل المشاكل بين بغداد وأربيل
وسلط ماكغورك خلال الاتصال الهاتفي الضوء على زيارته الأخيرة إلى بغداد وأربيل منتصف الشهر الحالي والمباحثات التي أجراها مع السلطت فيهما والمتعلقة بالخطوات المستقبلية لحل المشاكل بين الحكومتين الاتحادية في بغداد والإقليمية في أربيل إزاء ملف الموازنة والقضايا الأخرى العالقة.
وأكد المسؤول الأميركي على أهمية رص الصفوف بين الأطراف الكردستانية وتحسين العلاقات بين الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الك ردستاني كما قال بيان صحافي لحكومة الإقليم على موقعها الالكتروني تابعته "إيلاف" الجمعة.
كما جرت خلال المكالمة مناقشة الحكم الأخير الصادر عن المحكمة الاتحادية العراقية العليا الذي أصدرته الأربعاء الماضي بوقف إرسال المبالغ المالية التي كان من المقرر أن ترسله الحكومة الاتحادية إلى إقليم كردستان لدفع مرتبات موظفيه والبالغة 200 مليار دينار (حوالى 135 مليون دولار).
ومن جانبه أعرب رئيس حكومة الاقليم عن قلقه من صدور القرار الذي قال انه "يهدف إلى تعكير الأجواء الإيجابية وتقويض مساعي تطوير العلاقات بين أربيل وبغداد إذ تقف خلفه غاية سياسية".
وأكد منسق البيت الأبيض دعم بلاده للإصلاحات التي تنفذها حكومة الاقليم وخاصة في وزارة البيشمركة والنهوض بقطاع الطاقة وتعزيز البنية التحتية الاقتصادية والجهود المبذولة لمكافحة التغيّر المناخي.
وقد اتفق الجانبان على ضرورة تذليل جميع العقبات أمام تنمية قطاع الطاقة وزيادة استثمارات الشركات الأميركية في إقليم كردستان كما اتفقا على البقاء في اتصال دائم.

مرتبات موظفي الاقليم
يشار الى أن المحكمة الاتحادية العليا في العراق قد أصدرت الأربعاء الماضي حكماً يقضي بإلغاء جميع القرارات الخاصة بتحويل الأموال من قبل الحكومة في بغداد إلى إقليم كردستان معتبرة هذا الإجراء مخالف للقانون بناء على دعوى أقامها النائب عن الإطار التنسيقي للقوى الشيعية مصطفى جبار سند مؤكدة أن قرارها بات ملزماً لجميع السلطات.
وأوقف الحكم تحويل الأموال إلى إقليم كردستان لتمويل الرواتب الشهرية للموظفين والعاملين في القطاع العام هناك مع إلغاء جميع القرارات السابقة الصادرة بذلك معتبرة انها تخالف الدستور.
وكانت حكومة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي السابقة ترسل على شكل دفعات مرتبات موظفي الإقليم تبلغ الواحدة منها 200 مليار دينار (حوالى 135 مليون دولار) في كل دفعة على أن تستقطع لاحقاً من واردات نفط الاقليم الذي يسلم ربع مليون برميل منه يومياً الى وزارة النفط العراقية لتسويقه الى الخارج لكن هذا الاتفاق لم ينفذ بعد ولم يسلم الإقليم هذه الكميات من النفط وهو ما اعتبرته المحكمة مخالفة قانونية ارتكبتها الحكومة الاتحادية.

غضب كردي
وقد أثار حكم المحكمة الاتحادية هذا غضب السلطات في إقليم كردستان بشكل حذرت معه من أن الحكم سيقود الى انهيار تحالف ادارة الدولة الثلاثي الذي شكل الحكومة الحالية.
ووصف رئيس إقليم كردستان العراق نيجيرفان بارزاني قرار المحكمة بغير العادل منوهًا الى انه يستهدف العملية السياسية والاتفاق السياسي الذي تشكلت بموجبه الحكومة العراقية الجديدة في إشارة الى تحالف إدارة الدولة الذي يضم القوى السياسية الشيعية والسنية والكردية الكبرى الممثلة في البرلمان والتي منحت الثقة للحكومة الحالية برئاسة محمد شياع السوداني في 27 تشرين الأول/ أكتوبر عام 2022 .
ودعا المحكمة الى عدم التحول إلى وسيلة لتخريب الفرصة والأجواء الإيجابية التي تهيأت لحل مشاكل البلد وخصوصاً المشاكل بين أربيل وبغداد وأن لا تعرّض الاستقرار السياسي في العراق للخطر.
أما زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود بارزاني فقد وصف قرار المحكمة الاتحادية بأنه غير عادل مشدداً على أن "تأمين بعض الحقوق المالية لإقليم كردستان هو حق مشروع".. متهماً المحكمة الاتحادية بأنها باتت سبباً لتعقيد الخلافات وقال "يبدو أنها تنفذ أجندة مشبوهة وتحل محل محكمة الثورة في النظام السابق".
ومن جانبها اعتبرت حكومة الاقليم قرار المحكمة تجديد لمعاداتها لحقوق مواطني إلاقليم ومستحقاتهم المالية الدستورية "وبما يمثل تأكيد على المضي بسياستها الجائرة والعدائية تجاه الإقليم".
وعدت قرار المحكمة ليس ضد إقليم كردستان فحسب بل ضد الحكومة العراقية الجديدة والأطراف التي شكّلتها والتي دعتها الى اتخاذ موقف واضح وصريح تجاه ما قالت انها "القرارات والسلوك العدائي الذي تنتهجه المحكمة الاتحادية".
يذكر أن هناك عدة ملفات شائكة تعيق اتفاقات نهائية بين بغداد وأربيل تتعلق بموازنة البلاد العامة وكميات النفط الواجب على الإقليم تسليمها الى الحكومة الاتحادية وقانون النفط والغاز للإقليم والذي تطلب المحكمة الاتحادية تشريعه عاجلاً إضافة الى تطبيع الأوضاع في المناطق المختلطة والاستفتاء على مصير محافظة كركوك الشمالية التي يقطنها مواطنون تركمان وأكراد وعرب.