إيلاف من بيروت: الرواية الرسمية الإيرانية لغارة "أصفهان: واضحة إلى حد ما. اخترقت ثلاث مسيرات المجال الجوي الإيراني في محاولة لمهاجمة "منشأة"، لكن أنظمة الدفاع الجوي الإيرانية أسقطت إحداها بينما تم اللاستحواذ على المسيرتين الأخريين بواسطة "الفخاخ الدفاعية". وكانت النتيجة ضررًا طفيفًا لحق بسقف "المنشأة". لكن محاولات إيران للتقليل من شأن الضربة يجب ألا تحجب تداعياتها الكبيرة المحتملة.

لم تعلن أي جهة مسؤوليتها عن الهجوم حتى الآن. هناك فرصة معقولة بأن أحدًا لن يفعل ذلك علنًا. لكن تقارير إعلامية متعددة تسلط الضوء على هجمات إسرائيلية سابقة مشتبه بها على إيران، وهو انعكاس لحرب الظل الطويلة بين البلدين، وتقارير أخرى تحدد صراحة إسرائيل مسؤولة عن الغارة.

البرنامج كان الهدف

محتمل تمامًا أن "المنشأة" - التي ربما تكون مصنع ذخيرة تابع لوزارة الدفاع الإيرانية - لم تكن هي الهدف. بجانبها، يوجد مركز أبحاث الفضاء الإيراني، وهي وكالة تعاونت سابقًا مع برنامج الصواريخ البالستية في البلاد، وتخضع لعقوبات فرضتها الولايات المتحدة. أفاد الصحفي الإسرائيلي باراك رافيد الأحد بأن "البرنامج الصاروخي" الإيراني كان الهدف، ووفقًا لمصدر، "تم استهداف أربع مناطق مختلفة في المبنى بدقة، وتم تحقيق الهدف من الغارة".

وقع الهجوم في الوقت نفسه تقريبًا الذي قال فيه التلفزيون الإيراني إن حريقًا اندلع في مصفاة نفط في تبريز، على بعد 300 ميل شمال غرب طهران. وهز زلزال بقوة 5.9 درجة مقاطعة أذربيجان الغربية في أقصى شمال غرب البلاد. وزعم تقرير واحد على الأقل أن منشأة تبريز ربما تعرضت لهجوم بالمسيّرات. ومع ظهور المزيد من التفاصيل عن الهجوم، المجهول الأكبر هو كيف تنظر إيران إلى تأثير هذا الحادث وكيف سترد.

في محاولة للبدء في تحديد ذلك، هناك ثلاثة مؤشرات تستحق المشاهدة.

المؤشر الأول: هل ستغير الهجمات الخطط الإيرانية المتعلقة بمنشآتها العسكرية؟

هذا من بين أصعب التقييمات بالنسبة لوكالات الاستخبارات المختلفة. لكن، تمامًا كما فعلت إيران مع برنامجها النووي، فإن قرارها بتعزيز منشآت الإنتاج والتخزين العسكري على الفور، أو زيادة الوتيرة أو الحجم أو تغيير موقع تلك التي يجري بناؤها حاليًا، من شأنه أن يشير إلى أن الغارة عدلت تفكير قادة الدفاع الإيرانيين. قد تعتقد طهران الآن أن المرافق الحالية غير كافية ومعرضة لخطر الهجمات المستقبلية.

المؤشر الثاني: على الرغم من التصريحات الإعلامية الرسمية الإيرانية، هل تسبب الهجوم في الواقع في دمار مادي يؤثر في تطوير أو إنتاج أو تخزين الذخيرة أو الصواريخ البالستية في البلاد؟

واضح أن تصريح رافيد بأن مهمة المسيرات قد تحققت يتعارض مع ادعاء إيران بحد أدنى من الضرر. أيهما صحيح؟ سيكون صعبًا التأكد من ذلك من دون تفاصيل إضافية عن الهدف المحدد. لكن الانخفاض الواضح في تطوير أو إنتاج أو نقل المعدات العسكرية المهمة من قبل إيران سيكون مؤشرًا على أن الهجمات كان لها تأثير أكبر مما تسمح به إيران. على العكس من ذلك، إذا سارت الأمور كالمعتاد، فقد يشير ذلك إلى أن الهجمات لم تكن ناجحة في النهاية كما كانت إسرائيل تأمل في تدمير أو تعطيل أي أهداف نهائية.

بالطبع، المؤشرات المحتملة المتعلقة بكل من التخطيط الإيراني والتدمير المادي لا تستبعد إمكانية بديلة. قد لا تتعلق الغارة بالقضاء على المنشآت الإيرانية في أصفهان، بل باختبار القدرة على استخدام المسيرات ضد هدف ما، وردات فعل إيران على هذا الهجوم. جدير بالذكر أن الانفجار في أصفهان كان صغيرًا نسبيًا. إذا كان هذا في الواقع اختبارًا إسرائيليًا، فيجب أن نتوقع أنه في مرحلة ما في المستقبل - بضعة أشهر أو بضع سنوات - ستنظم إسرائيل عملية ذات خصائص متشابهة لكن في مدينة مختلفة وضد نوع مختلف من الأهداف.

المؤشر الثالث: هل تتخذ إيران خطوات تشير إلى أنها تخطط للثأر؟

بينما تعتبر إيران الرد على الهجمات أمرًا ضروريًا لاستعادة مبادرة الردع، فإنها تشتهر بالصبر. ونتيجة لذلك، لا يمكن، بشكل افتراضي، قراءة عدم وجود استجابة فورية على أنها تنظر إلى الحادث على أنه غير ذي أهمية. قبل أسابيع قليلة، وعد الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي مرة أخرى علنًا بالانتقام لمقتل قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإسلامي قاسم سليماني. لكن في حين أن لإيران مسيّرات فتاكة، فلا ينبغي أن نتوقع أن يبدو ردها مشابهًا تمامًا للهجوم نفسه الذي أودى بحياة سليماني.

هناك طرق أخرى للاستجابة. تحسنت قدرات إيران الإلكترونية بشكل كبير، ويسلط هجومها الإلكتروني في عام 2020 على نظام المياه الإسرائيلي الضوء على بديل محتمل. وبغض النظر عن الأسلوب، فإن إيران تتعهد بوقت وجهد كبير في تطوير هجماتها. وبالتالي، إذا بذلت طهران الطاقة للتقدم ردًا على هذا الحادث، فإنها تشير أيضًا إلى أن إيران تعتبر هجوم المسيرات أكثر ضررًا.

الحقيقة هي أنه سابق لأوانه أن نقول كيف تنظر إيران إلى هذا الهجوم، أو ما الذي صُمم من أجله بالضبط. لكن، في حين أن الأمر سيستغرق بعض الصبر، فإن البحث عن المؤشرات المذكورة أعلاه سيبدأ في المساعدة في الإجابة عن هذه الأسئلة.

أعدت "إيلاف" هذا التقرير عن مقالة كتبها جوناثان بانيكوف ونشرها موقع "المجلس الأطلنطي"