إيلاف من لندن: اعتبر رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، الخميس، ان العراق والسعودية قادران على التأسيس لمحور إقليمي يكون مرتكزاً للاستقرار في المنطقة والعالم مؤكداً جديَّة البلدين في ذلك.
وكشف عن اتفاقه مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان على خريطة طريق لتطوير العلاقات الثنائية التي ستبدأ بزيارات وزارية، ثم انعقاد المجلس التنسيقي السعودي العراقي الاعلى لتنفيذ مشاريع على مدى 3 سنوات.
وأكَّد السوداني في حوار مع صحيفة "الشرق" الاوسط "السعودية الصادرة في لندن استمرارَ بغداد في أداء دورِها في استضافة الحوار السعودي – الإيراني، معلناً عن اجتماع قريب آملاً أن يرتفعَ مستوى اللقاءات الأمنية إلى المستوى الدبلوماسي.

العلاقة مع السعودية
ووصف السوداني علاقات العراق مع السعودية بأنها طيبة وتراكمية منذ الحكومات السابقة، والكل حريص على إدامة هذه العلاقة لسببٍ منطقيٍّ هو ثقل العراق والسعودية على المستوى الإسلامي والعربي والاقتصادي والجغرافي والمشتركات التي بينهما التي من الممكن بسهولة أن نكوّن محوراً سياسياً اقتصادياً مرتكزاً في المنطقة، وتؤسس لنظام إقليمي مستقر ويكون دعامة من دعامات الاستقرار في العالم.

حديث مع الأمير محمد بن سلمان
واشار السوداني الى انه كان له حديث مع سمو ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان خلال القمة العربية الصينية التي عقدت في الرياض في العاشر من كانون الاول ديسمبر الماضي "ووجدته متجاوباً كالعادة ومتقدماً لتحقيق هذا الهدف بكل وضوح ورغبة جادة ووضعنا جدول أعمال بيننا، لزيارات متبادلة وبيننا خط مفتوح في العلاقة الشخصية.

لاتدخل إيراني وأميركي في تشكيل الحكومة
ونفَى السوداني وجودَ أي تدخل إيراني أو أميركي في تشكيل حكومته التي بلغت 100 يوم مشددا على انها شُكِّلت بقرار عراقي 100%، وانه لم يخضع لأي تأثير أو تدخل بأي شكل، مباشر أو غير مباشر .

وعن طريقة تعامل العراق مع حليفيه الولايات المتحدة وإيران المتوترة علاقتهما، قال: "لا نريد أن يكون العراق ساحةً لتصفية الحسابات، ولسنا طرفاً في محور ضد الآخر بقدر ما يهمنا أن نقوّيَ علاقاتنا وفق قواعد المصالح المشتركة والاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشؤون الداخلية" .. رافعاً شعار "مصلحة العراق أولاً".

قدر العراق عربي
وأكَّد السوداني أنَّ دور العراق رياديٌّ في المنطقة مع أشقائه العرب وكذلك مع إيران.. قائلاً إنَّ "قَدَر العراق عربي وهذا هو الوضع الطبيعي له".. وشدَّد على ضرورة تفعيل اتفاقية الإطار الاستراتيجي» بين واشنطن وبغداد التي تنقل العلاقة بينهما إلى المجالات الاقتصادية والثقافية والاجتماعية والتعليمية ولا تبقى مقتصرةً على الجانب الأمني برغم أهميته".


السوداني مترئسا الاربعاء 8 فبراير 2023 اجتماع مجلس الامن الامن الوطني (مكتبه)

السلاح المنفلت
وأشارَ السوداني إلى بدءِ العمل على الإصلاح الأمني ومعالجة مشكلة السّلاح المتفلّت من خلال لجنةٍ برئاسته.. مؤكّداً أنَّ كلَّ القوى السياسية داخل ائتلاف إدارة الدولة وافقت على معالجة مشكلة السلاح المتفلّت وعلى ضرورة الإصلاح الأمني.
وشدد بالقول "لن يكونَ السلاح إلا ضمن إطار الأجهزة الأمنية المؤسَّسة بموجب قانون. لن يكونَ هناك سلاحٌ خارج هذه المؤسسة".

تهريب الدولار إلى ايران
وعمَّا يتردَّد عن مشكلة تهريب الدولارات من العراق إلى إيران وتركيا أوضح السوداني إنَّ تهريبَ العملة يحصل في كل دول العالم والعراق حاله حال الدول.. مشيراً إلى أنَّ دولاً كثيرة في المنطقة تتعرَّض عملتها الرسمية لانهيار وبالتأكيد يحتاجون إلى الدولار وهذا الأمر مستمر.
وأكد تورّط مصارفَ وشركاتِ صيرفة عراقية في هذا الأمر لكونها عمليات تحقق أرباحاً كبيرة .. وقال انه متفائل بإمكانية معالجة الأمر قائلا "بتقديري هي بوابة الإصلاح الاقتصادي والمالي والمصرفي في العراق".

اتفاق قريب بين بغداد وأربيل
وأكَّد رئيس الوزراء العراقي العمل على معالجة العلاقة بين بغداد وأربيل سواء كان فيما يتعلَّق بالعوائد النفطية أم بالأوضاع الأمنية على الحدود مع إيران والعراق من خلال اتفاق سيوقَّع قريباً في بغداد وبموافقة الجانب الكردي.
واشار الى ان تنظيم داعش لم يعد يشكّل أي مخاطر لأنَّه لم يعد ممسكاً بالأرض، والقوات العراقية تواصل مطاردةَ فلوله.

اتفاقية الاطار الاستراتيجي
واشار السوداني الى ان حكومته تطلب من واشنطن تفعيل اتفاقية الإطار الاستراتيجي الموقعة بين البلدين عام 2008 وهي التي تنقل العلاقة بين العراق والولايات المتحدة إلى المجالات الاقتصادية والثقافية والاجتماعية والتعليمية... هذا اتفاق واضح وأُقرّ من البرلمان العراقي في حينه، ويُفترض أن نفعّله، ويجب ألا تقتصر علاقتنا مع الولايات المتحدة فقط على الجانب الأمني رغم أهميته لكن في هذه المجالات، الولايات المتحدة شريك استراتيجي للعراق ومن الممكن أن نستفيد من شركاتها وخبراتها في النهوض بواقع اقتصادنا وكل المجالات.

علاقات بغداد مع واشنطن وطهران
وعن الكيفية التي يُفق فيها العراق بين النفوذ الإيراني والدور الأميركي
رأى السوداني ان "هذه واحدة من الإشكاليات التي تُطرح دائماً، ونحن نتعامل معها بالشكل التالي: أولاً إيران دولة جارة ونرتبط معها بمشتركات كثيرة، دينية وثقافية واجتماعية، وإيران وقفت مع العملية السياسية منذ البداية، وأيضاً وقفت معنا في الحرب على داعش وضمن هذا المجال، نحافظ على هذه العلاقة.
ونوه الى انه "بالتأكيد، هناك كثير من القوى السياسية العراقية، من مختلف مكونات الشعب العراقي، ترتبط أيضاً بعلاقات إيجابية مع الجانب الإيراني، كما هو الحال مع كثير من دول المنطقة، وهذا أيضاً شيء إيجابي، لكنْ ضمن إطار عدم التدخل في الشأن الداخلي، وعدم التدخل أو التأثير على القرار الوطني السيادي.
اما فيما يتعلق بالعلاقة مع الولايات المتحدة فقد بين السوداني ان هذه الدولة أسهمت في عملية التغيير بعد عام 2003 وكانت جزءاً من التحالف الدولي الذي ساعد العراق على دحر داعش واليوم أيضاً يُنظر إلى الولايات المتحدة كشريك نريد أن ننمّي العلاقات معه في باقي المجالات.
وأضاف انه يفهم انه هناك علاقة متوترة بين الولايات المتحدة وإيران، لكن بالتأكيد هذا لن يكون على حساب العراق وقال "لا نريد العراق أن يكونَ ساحة لتصفية الحسابات، ولسنا طرفاً في محور ضد الآخر بقدر ما يهمنا أن نقوّي علاقاتنا وفق قواعد المصالح المشتركة والاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشؤون الداخلية".

الحوار السعودي ـ الإيراني
وحول إمكانية البدء بجولة جديدة من الحوار السعودي – الإيراني في بغداد قريباً، رد السوداني بالقول"إن شاء الله. قريباً، سوف نحقق هذا اللقاء فمنذ بداية عمل الحكومة وبناءً على طلب الأشقاء في المملكة العربية السعودية وإيران نريد استمرارية هذه العلاقة ونحن نراها ضرورة، لأن وجهات النظر المتباينة في المنطقة كلما تقاربت انعكست استقراراً.
واوضح ان المباحثات أو الاتصالات مستمرة لترتيب اللقاءات، وهي موجودة أصلاً على بعض المستويات، ولكن نحن نريد أن يرتفع مستواها وهدفنا أن يرتفع مستوى اللقاءات من المسؤولين الأمنيين إلى العلاقات الدبلوماسية برعاية العراق.

التيار الصدري
وعما اذا كانت هناك حاليا هدنة مع التيار الصدري بزعامة مقتدى الصدر او تخوف من أن تتسبب المعاناة الاقتصادية في انتفاضة كالتي حدثت (الانتفاضة الشبابية)، ونزول التيار الصدري إلى الشارع، أجاب قائلاً: التيار الصدري تيار سياسي واسع له زعامة معروفة، وله دور فاعل في العملية السياسية، سواء أكان موجوداً في البرلمان والحكومة أم خارج البرلمان والحكومة.
وأكد احترامه لقراره التيار بالانسحاب من البرلمان.. مستدركا بالقول "يهمنا وجوده في العمل السياسي وأن يمارس دوره في النقد والتأشير إلى أي حالة سلبية ضمن الإطار القانوني والدستوري".
أما بخصوص الخشية من انتفاضة شبابية او من قبل التيار
الصدري، فأشار السوداني الى ان أيُّ فشل، في تنفيذ برنامج حكومته وفي تنفيذ أولوياتها التي التزمت بها أمام الشعب سيلقى رفضاً من كل مكونات الشعب العراقي وليس من هذا الطرف السياسي أو ذاك.