إيلاف من بيروت: يُنظر إلى احتضان السعودية للدبلوماسية الصينية مع إيران على أنه ازدراء يبديه ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان للرئيس الأميركي جو بايدن.

مع ذلك، قد تساعد الصفقة في نهاية المطاف استراتيجية الولايات المتحدة في الشرق الأوسط. ففي حين يرى الخبراء خطر حدوث مزيد من الضرر لعلاقات واشنطن مع الرياض، وربما تمنح الصفقة بكين دفعة في الشرق الأوسط، فإن هذه المخاوف تخفف من اعتماد المنطقة على القوة العسكرية الأميركية.

قال هو فونغ هونغ، أستاذ الاقتصاد السياسي في كلية جونز هوبكنز للدراسات الدولية المتقدمة: "أعتقد أن إدارة بايدن في وضع سيء للغاية".

حذر مستمر

مع ذلك، يظل الخبراء والمسؤولون الأميركيون حذرين بشأن مدى النفوذ الذي تمارسه الصين في المنطقة، حيث تشكل العلاقات العسكرية العميقة للمملكة العربية السعودية مع الولايات المتحدة حصنًا قويًا ضد القوى الخارجية، كما أن المغامرة العسكرية الإيرانية والأزمات الداخلية تجعلها شريكًا دبلوماسيًا لا يمكن التنبؤ به.

في غضون ذلك، يقلل البيت الأبيض من أهمية أي حديث عن علاقات متوترة مع المملكة العربية السعودية، قائلاً إن الرياض كانت على اتصال وثيق بواشنطن بشأن المحادثات مع بكين وطهران، بالنظر إلى أن لا اتصال دبلوماسي مباشر بين الولايات المتحدة وإيران. وقال جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للصحفيين، الاثنين: "هذا شيء إيجابي بقدر ما يروج لما تروج له الولايات المتحدة في المنطقة، وهو خفض التصعيد وتقليل التوترات. وقيام دول أخرى مثل الصين بالترويج لخفض التصعيد لا يتعارض بشكل أساسي مع المصالح الأميركية. بصراحة، إنه، بطريقة ما، تجديف في نفس الاتجاه".

في الواقع، تلقت العلاقات الأميركية - السعودية دفعة الثلاثاء عندما أعلنت الرياض أنها ستشتري 121 طائرة بوينغ لشركة طيرانها الجديدة، وهي خطوة رحب بها البيت الأبيض.

أغلبية مفقودة

قال ديفيد أوتاوي، زميل الشرق الأوسط في مركز ويلسون، إن احتضان السعودية للدبلوماسية الصينية مع إيران يتمحور إلى حد كبير حول وقف الأعمال العدائية في اليمن. أضاف: "القضية الأكثر إلحاحًا للسعوديين هي الخروج من اليمن، والولايات المتحدة ليست في وضع يمكنها من مساعدة الإيرانيين أو الضغط عليهم، وبالتالي الضغط على الحوثيين للتوصل إلى اتفاق. ومن المفارقات أن ينجح الصينيون الآن في المساعدة على إنهاء تلك الحرب بنوع من الحلول التفاوضية. هذا يساعد أيضًا العلاقات الأميركية – السعودية لأن إدارة بايدن لم تعد تملك الأغلبية في الكونغرس الذي يطالب بتقييد مبيعات الأسلحة إلى السعودية".

مع ذلك، مرجح أن ينتهز الجمهوريون انتقاد بايدن لدفع الرياض إلى الاقتراب من بكين، قائلين إن الديمقراطيين أبعدوا شريكًا خليجيًا رئيسيًا وخسروا معركة أخرى في المنافسة العالمية ضد الحزب الشيوعي الصيني وعرضوا فرص إقامة علاقات بين السعودية وإسرائيل للخطر.

قال بيتر كراوس، الأستاذ المشارك في العلوم السياسية في كلية بوسطن وباحث تابع لمعهد ماساتشوستس لبرنامج دراسات أمن التكنولوجيا، إنه ينظر إلى الصفقة على أنها "ازدراء تكتيكي" من المملكة العربية السعودية لإدارة بايدن. أضاف: "الرياض تذكّر إدارة بايدن بأنها ليست اللاعب الوحيد في المدينة، لكنني لا أعتقد أن هذا ازدراء استراتيجي لأنني أعتقد أن السعوديين ما زالوا بحاجة إلى الأميركيين أكثر من أي قوة كبرى أخرى في المنطقة". في المقابل، حذر بريان كاتوليس، نائب رئيس السياسة في معهد الشرق الأوسط، مما وصفه بالصخب الذي تثيره واشنطن بشأن الصفقة السعودية - الإيرانية. قال: "المملكة العربية السعودية تريد الحفاظ على العلاقة الوثيقة التي تربطها بالولايات المتحدة، لكن السعوديين يرون السياسة الأميركية على حقيقتها".

نبأ إيجابي

قال اللفتنانت جنرال أليكسوس جرينكيويتش، قائد القوات الجوية المركزية الأميركية، والتي يغطي الشرق الأوسط: "النبأ الإيجابي للغاية، يمكنني أن أذكره، هو أن الاضطرابات في العلاقات على المستوى السياسي لا تصل أبدًا إلى المستوى العسكري". مضيفًا أن على الولايات المتحدة أن تراقب دول الخليج التي تشتري أسلحة من الصين أو روسيا، مع الاعتراف بأن الولايات المتحدة تتمتع بميزة في جودة المواد والتدريب والدعم، "لكن النفوذ الذي يحصل عليه الصينيون من مشاريع البنية التحتية، وما إلى ذلك، يمكن أن يكون محبطًا".

يقول العديد من الخبراء إنه لم يتضح بعد إذا كانت السعودية وإيران ستفيان بالالتزامات التي تم التعهد بها في بيانها الثلاثي الموقع مع الصين. وبحسب بيان ثلاثي موقع بين مسؤولين من الرياض وطهران وبكين، إن الخطوات الملموسة الأولى هي أن تعيد السعودية وإيران فتح سفارتيهما وتبادل السفراء في غضون شهرين. قال أوتاوي: "إنني مشكك للغاية، إلى أي مدى ستذهب هذه المحاولة - للسعودية وإيران لتحسين علاقاتهما. فتاريخ هذه العلاقة عدائي، تخللته فترات هدنة قصيرة حفلت بجهود لتحسين العلاقات، ولم تنجح".

أعدت "إيلاف" هذا التقرير عن مقالة كتبها براد دريس ولورا كيلي نشرها موقع "ذا هيل" الأميركي