أيلاف من لندن: وسط معلومات عن وساطة عراقية في الحرب بين موسكو وكييف يجري وزير الخارجية الاوكراني الاثنين مباحثات في بغداد تتناول تطورات الحرب وعلاقات بلاده مع العراق.

وأعلن احمد الصحاف، المتحدث باسم وزارة الخارجية العراقية، ان وزير الخارجيَّة الأوكرانيّ ديميترو كوليبا سيصل إلى بغداد الإثنين لإجراء مباحثات تهدف إلى تعزيز علاقات بلاده مع العراق "والتشاور حول كيفيَّة التعامل مع مُختلِف القضايا، والتحدِّيات الإقليميَّة والدوليَّة"، كما قال في بيان صحافي الأحد تابعته "ايلاف".

وأشار البيان الى ان كوليبا سيلتقي خلال زيارته بغداد رئيس الوزراء محمد شياع السودانيّ ونائب رئيس الوزراء وزير الخارجيَّة فؤاد حسين، ومتوقع ان يشهد اللقاءان مباحثات تتعلق بتطورات الحرب الاوكرانية الروسية والمعلومات عن وساطة عراقية بين البلدين لوقفها.

حياد عراقي

في العاشر من أبريل الحالي، تلقى السوداني اتصالاً هاتفياً من الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي، ناقشا خلاله العلاقات بين بلديهما "وسبل تطويرها وتنميتها بالشكل الذي يخدم المصالح المشتركة".

وأكد السوداني خلال الاتصال بحسب مكتبه الاعلامي "أهمية الوصول إلى حلّ سلمي في أوكرانيا واتخاذ الحوار سبيلاً لإنهاء هذه الأزمة التي تسببت بالكثير من المآسي"، فيما قال زيلينسكي إن العراق "دولة محورية ومهمة"، وهو حريص على تطوير العلاقات مع العراق في جميع المجالات انطلاقاً من هذه الأهمية.

وكان حسين قد أكد خلال اجتماعه مع كوليبا في ميونيخ في 18 فبراير الماضي حرص بلاده على وقف اطلاق النار وانهاء الحرب واللجوء إلى التفاوض وحل الخلافات عبر الوسائل السلميَّة مع روسيا.

وشدد على أن العراق ضد سياسة الحروب بشكل دائم لما عاناه جرّاء إنعكاساتها. بدوره، أكد نظيره الأوكرانيّ أنَّ بلده يحرص على إنهاء هذه الحرب، مُشيرًا إلى نتائج اللقاءات التي تمّت مُوخرًا والجُهُود الدوليَّة في هذا الإطار. كما استعرض الجانبان العلاقات بين بلديهما وأكدا تعزيز التعاون المُشترَك في مُختلِف المجالات.

وسطة بغداد

اليوم، كشفت صحيفة "هيلنسكي سومات" الفنلندية ان السلطات الروسية والاوكرانية تبحثان الآن إقامة مفاوضات سلام مباشرة من خلال وساطة عراقية تعقد جلساتها في بغداد على غرار وسطاتها التي احتضنتها بين السعودية وايران وأسفرت مؤخرا عن اعادة العلاقات الدبلوماسية المقطوعة بينهما منذ عام 2016 .

وقالت الصحيفة في تقرير نقلته وكالة "بغداد اليوم" واطلعت عليه "ايلاف" إن "مصادر مطلعة من داخل الاتحاد الأوروبي اكدت ان الجانبين الاوكراني والروسي يحاولان العمل نحو سلام في أوروبا من خلال وساطة عراقية نظرا لحظي بغداد بعلاقات إيجابية بين الطرفين بالإضافة الى كونها من الدول التي امتنعت عن التصويت لادانة الغزو الروسي ولم تتخذ موقفا معاديا من أوكرانيا أيضا".

واشارت إلى "معلومات عن زيارة قام بها مسؤول روسي رفيع المستوى الى بغداد بشكل غير معلن مؤخرا قد تم خلالها الحديث عن عقد مباحثات سلام مع الجانب الاوكراني في بغداد"، مؤكدة ان الحكومة الأوكرانية تستعد الان لتنفيذ المرحلة الأولى من المفاوضات عبر ارسال وفد للتباحث مع الأجهزة الأمنية العراقية سبل تامين سلامة الوفود التي قد تشارك في مباحثات السلام في العاصمة بغداد".

المصادر التي أستندت اليها الصحيفة في معلوماتها اكدت ان أحد الشروط المطروحة للتفاوض الآن بين الجانبين والتي تم التوصل اليها هو استقدام "قوات عربية وصينية" للعمل كقوات حفظ سلام دولية تنتشر على حدود البلدين لضمان تنفيذ اتفاقية اطلاق النيران في حال التوصل اليها خلال الأيام المقبلة.

وأوضحت المصادر أن "أطرافًا دولية، منها المانيا، الولايات المتحدة، فرنسا وبعض دول الاتحاد الأوروبي على علم حاليا بمساعي الوساطة بين أوكرانيا وروسيا من خلال العراق والاجتماعات ’السرية‘ التي تعقد حاليا مع الجانب العراقي تمهيدا لأطلقها قريبا"، بحسب وصفها.

يشار الى ان دول الاتحاد الأوروبي تتخوف حاليا من تصاعد حدة الصراع في أوروبا، مع "تدهور قدرة أوكرانيا على صد الهجوم الروسي" واستعدادات موسكو لشن عمليات عسكرية خلال الربيع، يتوقع ان تؤدي الى انهاء الحرب لصالح موسكو بحسب معلومات كشفت عنها وثائق مسربة من وزارة الدفاع الاميركية مطلع الشهر الحالي.

علاقات العراق مع روسيا وأوكرانيا

يذكر ان روسيا تمتلك حاليا استثمارات كبيرة في مجال الطاقة في العراق بلغت نحو 14 مليار دولار. وتعود جذور العلاقات بين العراق وروسيا الاتحادية الى بدء العلاقات الدبلوماسية بين الاتحاد السوفياتي السابق والعراق في 9 سبتمبر 1944، ثم انقطعت في يناير 1955 بمبادرة من الحكومة العراقية.

استؤنفت العلاقات الدبلوماسية بين بغداد وموسكو في 19 يوليو 1958 بعد 5 ايام من اسقاط النظام الملكي واعلان الجمهورية في العراق الذي اعترفت حكومته الجديدة بالاتحاد السوفياتي.

حاليا، للعراق سفارة في موسكو ولروسيا سفارة في بغداد وقنصليتين في أربيل الشمالية والبصرة الجنوبية.

أما العلاقات الدبلوماسية بين العراق وأوكرانيا فتمتد أكثر من 30 عاما شهدت تعاونا عسكريا واقتصاديا وثقافيا وتعليميا بين الجانبين. تطورت هذه العلاقات بعد عام 2003 نحو الأفضل إثر سقوط النظام السابق الذي كان حليفا للاتحاد السوفياتي الذي انفصلت عنه أوكرانيا بعد انهياره في عام 1991.

ورغم أن العراق أصبح لديه تمثيل دبلوماسي في العاصمة الأوكرانية كييف في ديسمبر 1992، فإن هذا التمثيل كان غير مقيم في أوكرانيا. لكن هذه العلاقات شهدت تطورا ملحوظا منذ عام 2000 عندما فتحت أوكرانيا سفارتها في بغداد وأعقب ذلك فتح العراق سفارته في كييف في عام 2002، وبدأت مرحلة جديدة من العلاقات الثنائية بين الجانبين انعكست عبر توقيع الجانبين العديد من مذكرات التفاهم في شتى المجالات.

شاركت كييف بحوالي 1650 عسكريا ضمن التحالف الدولي الذي احتل العراق في عام 2003 أنيطت بهم عملية الحفاظ على الاستقرار وحفظ الأمن في محافظة واسط شرق العراق.

وكانت أوكرانيا ضمن الدول التي وردت السلاح للعراق بعد عام 2003 وأبرز الصفقات بين الجانبين كانت صفقة المدرعات والمعدات وقطع غيار طائرات وذخائر موجهة وقعت في عام 2009 وبلغت قيمتها مليارين ونصف المليار دولار، والتي شابتها شبهات من الفساد حيث أخرجت من الخدمة في وقت لاحق.

ووقع العراق خلال السنوات الاخيرة عدة اتفاقيات مع أوكرانيا منها فتح خط للطيران بين بغداد وكييف، وهناك رحلات سياحية عراقية ـ أوكرانية.. فيما تصدر كييف المنتجات الزراعية ومنها الحنطة واللحوم إلى العراق.