إيلاف من لندن: فيما يستعد برلمانيون عراقيون لتقديم مشروع قانون بتجريم المثلية، كشفت منظمة دولية الجمعة عن وجود جمعية مثلية في إقليم كردستان العراق معتبرة إغلاقها ضربة قمعية للمجتمع المدني.
وقالت منظمة "هيومن رايتس ووتش" الحقوقية الدولية إن محكمة في إقليم كردستان العراق وجّهت ضربة إلى المجتمع المدني المستقل في 31 مايو/أيار باصدارها أمر اغلاق منظمة "راسان" بتهمة "أنشطتها في مجال المثلية الجنسية .
واشارت المنظمة في تقرير لها تابعته "ايلاف" الى ان "راسان" هي المنظمة الحقوقية الوحيدة الداعمة لحقوق المثليين/ات، ومزدوجي/ات التوجه الجنسي وعابري/ات النوع الاجتماعي (مجتمع الميم) في إقليم كردستان العراق بالإضافة إلى عملها في مجال حقوق المرأة والعنف الأسري.

مديرة جمعية المثليين تعترض
وقال آدم كوغل نائب مديرة الشرق الأوسط في "هيومن رايتس ووتش" ان "إغلاق راسان ليس فقط هجوما على المجتمع المدني في كردستان فقط ولكنه أيضا تهديد مباشر لحياة ورفاه الأشخاص المستضعفين الذين تدعمهم المنظمة.. واعتبرت انه بإغلاق راسان فان "حكومة الاقليم توجه رسالة واضحة بأنها لا تحترم حرية تكوين الجمعيات".
ومن جانبها قالت تانيا كمال درويش المديرة التنفيذية لـ"راسان" لـ "هيومن رايتس ووتش" إن السبب المزعوم لإغلاق المنظمة ليس أنشطتها بل لأن القاضي اعترض على شعارها المُزيّن بألوان قوس قزح (شعار المثليين).
وأوضحت رايتس ووتش أن أمر المحكمة ينص على أن "لجنة الخبراء أكدت أن شعار المنظمة هو تعبير كامل عن أنشطتها في مجال المثلية الجنسية".
وقد استأنفت "راسان" الحكم لكنها غير قادرة على مواصلة العمل أثناء انتظار الاستئناف.

قمع!
وعدت رايتس ووتش إغلاق "راسان" جزء من نمط أوسع من قمع واستهداف السلطات الكردية المحلية لأفراد ونشطاء مجتمع الميم في السنوات الأخيرة" على حد قولها.
وقالت المنظمة انها سبق وأن وثقت استهداف أفراد مجتمع الميم على الانترنيت والعنف ضده على يد المجموعات المسلحة في العراق بما يشمل حكومة الإقليم.

دعوى قضائية
وقالت رايتس ووتش ان الإغلاق جاء نتيجة دعوى قضائية رفعها عمر الگوڵپی، عضو برلمان اقليم كردستان ضد "راسان" في شباط فبراير عام 2021 2021 متهما المنظمة بـ "الترويج للمثلية الجنسية" و"الانخراط في أنشطة تتحدى الأعراف الاجتماعية والتقاليد والأخلاق العامة".
وقدم الگوڵپی شكوى إلى برزان أكرم منطق رئيس دائرة المنظمات عير الحكومية" " في حكومة الإقليم وهي هيئة رسمية مسؤولة عن تسجيل جميع المنظمات غير الحكومية هناك وتنظيمها ومراقبتها.

توقبف 11 مثليا
واشارت الى انه بعد رفع الدعوى، أصدرت الشرطة المحلية مذكرات توقيف ضد 11 من نشطاء حقوق مجتمع الميم الذين هم إما موظفون حاليون أو سابقون في راسان بناء على المادة 401 من قانون العقوبات التي تجرم "العمل المخل بالحياء".
وقالت درويش مديرة راسان ان "دائرة المنظمات غير الحكومية تدعم شكوى النائب الگوڵپی ضدنا لكن هذا التصرف رجعي وكان ينبغي للوزارة أن تدعمنا لا أن تقف ضدنا".
وأضافت إن المحاكمة التي جرت العام الماضي ركزت على أنشطة راسان ولم تتطرق إلى شعار المجموعة .. وقالت "كانوا يسألون عن أنشطتنا، وقلنا لهم ما نفعله اننا نركز على حقوق الإنسان وأي شخص يأتي إلينا وهو يعاني من مشكلة نساعده دون أي تمييز".
ولم تكتشف راسان قضية الشعار إلا عندما نُشر قرار المحكمة وقالت درويش "لم نتوقع منهم أن يتخذوا أي إجراء ضدنا، لأننا لم نفعل شيئا غير قانونيفقد استخدموا الشعار ذريعةً لأنهم لم يجدوا أي شيء غير قانوني في أنشطتنا".

جمعية المثليين تعمل في السليمانية منذ عقدين
وبينت هيومن رايتس ووتش ان منظمة راسان التي تعمل في مدينة السليمانية في الإقليم منذ قرابة العقدين واجهت تهديدات متزايدة وانتقاما رسميا بسبب نشاطها وعملها برغم انها تقدم دعما قانونيا، ونفسيا، واجتماعيا للنساء وأفراد مجتمع الميم، وتعمل على التوعية بحقوق مجتمع الميم وتجمع البيانات ذات الصلة بأفراد مجتمع الميم والعنف القائم على النوع الاجتماعي.
وأوضحت انه في أيلول سبتمبر عام 2022 قدم أعضاء برلمان إقليم كردستان "مشروع قانون حظر الدعوة إلى المثلية الجنسية" الذي من شأنه أن يعاقب أي فرد أو جماعة تدافع عن حقوق مجتمع الميم اذا أنه بموجب مشروع القانون فإن الحكم الغامض ضد "الدعوة إلى المثلية الجنسية" سيكون جريمة يُعاقَب عليها بالسَّجن حتى عام وغرامة تصل إلى خمسة ملايين دينار (3,430 دولار أميركي).. فيما ينص مشروع القانون أيضا على تعليق تراخيص شركات الإعلام ومنظمات المجتمع المدني التي "تدعو إلى المثلية الجنسية" لمدة تصل إلى شهر.
ونوهت هيومن رايتس ووتش الى انه "يبدو أن الزخم لاعتماد مشروع القانون قد توقف ولكن في سياق الاستهداف المتكرر لأفراد مجتمع الميم، يخشى نشطاء حقوق مجتمع الميم المحليون من إمكانية إعادة إحيائه وتمريره بسرعة وفق أهواء السلطات المحلية".
واعتبر كوغل انه "بملاحقة راسان تخذل السلطات فعليا النشطاء الذين يعملون على حماية أفراد المجتمع الأكثر ضعفا والذين يجب ألا يخشوا الانتقام بسبب تحدّثهم عن الانتهاكات".

دعوة لحرية نشاط المثليين
وطالب حكومة إقليم كردستان باتخاذ خطوات فورية لضمان السماح لمنظمات مثل راسان بالعمل بحرية والتوقف عن مضايقة المدافعين عن مجتمع الميم واستهدافهم" على حسب قوله.
يشار الى ان منظمة راسان الكردية غير حكومية وقد تأسست عام 2004 في محافظة السليمانية باقليم كردستان العراق وتعمل منذ حوالي عقدين على "حقوق" مجتمع الميم من خلال التركيز على الندوات وورش العمل والدورات التدريبية وخطط العمل حول الهوية الجنسية مما جعلها أول منظمة مسجلة في العراق للعمل من أجل مجتمع الميم.

مشروع قانون للبرلمان العراقي لتجريم المثلية
وتأتي هذه التطورات حول الموقف من المثلية فيما يستعد نواب في البرلمان لتقديم مشروع قانون الى رئاسة مجلس النواب يقضي بتجريم المثلية في البلاد.

شعار المثليين تم منعه في العديد من الدول خاصة الاسلامية منها (تويتر)

وقال مصدر في اللجنة البرلمانية القانونية ان حملة لجمع تواقيع من أجل تشريع قانون يحظر "المثلية" في البلاد تجري حاليا حيث تتهم قوى برلمانية الولايات المتحدة بدعم المثلية في العراق تحت مسميات "برامج ثقافية وتنفق "ملايين الدولارات في مخطط لضرب مرتكزات المجتمع العراقي".
وكانت منظمة "هيومن رايتس ووتش" قد أصدرت العام الماضي تقريراً يتهم جماعات مسلحة في العراق بـ"اختطاف واغتصاب وتعذيب وقتل متحولين ومتحولات ومثليين ومثليات ومزدوجي الميول الجنسية مع الإفلات من العقاب وفشل الحكومة العراقية في محاسبة الجناة".
وأتهم التقرير الشرطة وقوات الأمن العراقية بـ"التواطؤ في كثير من الأحيان لمضاعفة أعمال العنف ضد مجتمع الميم وباعتقال أفراد بسبب مظهرهم".