إيلاف من لندن: رفضت الرئاسة العراقية اتهامات اميركية لها بضرب الحريات الدينية بعد سحبها لمرسوم رئاسي صادر عام 2013 يُعين الكاردينال لويس روفائيل ساكو بطريرك الكنيسة الكلدانية الكاثوليكية رئيسًا للكنيسة المسيحية في العراق.
وجاء الاحتاج الرئاسي العراقي بعد ان عبر المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية ماثيو ميلر الثلاثاء عن قلق الولايات المتحدة إزاء القرار الذي أصدره الرئيس العراقي عبد اللطيف رشيد مؤخرًا بسحب المرسوم الجمهوري الصادر عام 2013 والخاص بتعيين الكاردينال لويس روفائيل ساكو بطريرك الكنيسة الكلدانية في العراق والعالم رئيسا للكنيسة العراقية.
واعتبر ميلر أن القرار الرئاسي العراقي "ضربة للحرية الدينية"، وقال: "نحن قلقون للغاية وانخرطنا مباشرة مع الحكومة العراقية لتوضيح مخاوفنا".
أضاف في تصريحاته لقناة "الحرة" الاميركية بالعربية "إننا منزعجون من المضايقات التي تعرض لها الكاردينال ساكو ومن أنباء مغادرته بغداد ونتطلع إلى عودته الآمنة" مشيرًا إلى أن "المجتمع المسيحي العراقي هو جزء حيوي من هوية العراق وتاريخ التنوع والتسامح فيه".
وعبّر ميلر عن قلق بلاده إزاء تعرض ساكو "للهجوم من عدد من الجهات وخاصة من زعيم ميليشيا خاضع لعقوبات بموجب قانون ماغنتسكي" الاميركي في اشارة الى زعيم مليشيا بابليون المسيحية الموالية لإيران ضمن الحشد الشعبي ريان الكلداني.
الرئاسة العراقية تبرر موقفها
وقال المتحدث باسم رئاسة الجمهورية في بيان على الموقع الالكتروني للرئاسة مساء الاربعاء تابعته "ايلاف" أنه "عقب تصريحات ميلر على القرار الأخير بإلغاء المرسوم الجمهوري القاضي بسحب المرسوم الجمهوري رقم (147) لسنة 2013 الخاص بالكاردينال البطريرك لويس روفائيل ساكو، فان مكتب رئاسة جمهورية العراق يشعر بخيبة أمل إزاء الاتهامات الموجهة إلى الحكومة العراقية والرئاسة بشأن القرار المتخذ بإلغاء مرسوم رئاسي لا يتماشى مع دستور البلاد، لذلك ستستدعي رئاسة الجمهورية سفيرة الولايات المتحدة الأميركية في بغداد (ألينا رومانوسكي) بشأن هذه المسألة."
واشار الى أن "العراق عمل بشكلٍ دؤوب جنبا إلى جنب مع الولايات المتحدة منذ اعتماد الدستور العراقي في عام 2005 لبناء نظام قانوني فعال يُكفل حقوق جميع مواطني البلاد، وهو نظام يتم اتباعه والالتزام به في نهاية المطاف ولا يجوز لرئاسة الجمهورية اتخاذ إجراءات تتعارض مع الدستور العراقي حيث يتمثل الدور الأساسي لرئيس الجمهورية في حماية الدستور وما ينطوي عليه من الأطر القانونية."
واكد أن "سحب المرسوم الجمهوري ليس من شأنه المساس بالوضع الديني أو القانوني للكاردينال لويس ساكو فهو يحظى باحترام وتقدير رئاسة الجمهورية باعتباره بطريرك الكنيسة الكلدانية في العراق والعالم".
وبين المتحدث الرئاسي ان "السلطات القضائية والدستورية العراقية قد اوضحت منذ عام 2018 وبما لا يقبل اللبس أن رئيس الجمهورية ليس لديه أي سلطة في أي مسألة أو حالة لإصدار مراسيم رئاسية لأي رؤساء طوائف دينية وهذا ينطبق أيضا على الطوائف المسيحية و الإيزيدية والإسلامية وأي جماعات دينية أخرى في العراق".
وزاد قائلا انه "من الناحية الدستورية لايجوز لرئيس الجمهورية في العراق تعيين أو إقالة رئيس طائفة يتم اختياره من قبل أتباعه ولا يمكن للرئيس تفضيل أو إعطاء الأولوية لأي مجموعة على أخرى على الأقل لفرض زعيم طائفة واحدة على الآخرين، إذ تعد سابقة خطيرة إذا ما تدخل مكتب الرئيس في هذه الأمور".. مشددا على ان "الرئيس دأب على احترام مسيحيي العراق ودافع عن حقوقهم طوال حياته المهنية وهو يرفض رفضاً قاطعًا أي تهديدات أو تصريحات مسيئة للكنيسة أو ضد أي طائفة أخرى في العراق".
الاتهامات الأميركية كاذبة
ونوه المتحدث الرئاسي العراقي الى ان "سحب المرسوم جاء لتصحيح وضع دستوري إذ صدر المرسوم رقم 147 لعام 2013 دون سند دستوري أو قانوني". وشدد على ان "ان الطائفة المسيحية سواء كانت كلدانية أو آشورية أو سريانية أو من الروم الأرثوذكس أو قبطية أرثوذكسية أو أرمينية ستظل دائما جزءًا لا يتجزأ من العراق".. واعتبر إن "اتهام رئاسة الجمهورية أو الحكومة العراقية بمهاجمة الحرية الدينية والإضرار بالطائفة المسيحية ليس كاذبًا بشكلٍ قاطع فحسب، بل إنه يضر أيضا بأسس هذه الدولة والخطوات الهائلة التي قطعتها في بناء مجتمع متسامح ومتساو."
وشدد على إن "مسيحيي العراق مكوّن محترم ويحظون بتقدير المجتمع العراقي كما يكفل الدستور حقوقهم".
ساكو يعترض ويندد بـ"مؤامرة قذرة"ضده
وقد اعترض الكاردينال ساكو بشدة على سحب المرسوم الرئاسي المتعلق به مشددًا على ان المرسوم الرئاسي الملغى يتيح له إدارة أملاك وأوقاف الكنيسة ثم غادر بغداد محتجًا وتوجه إلى أحد الأديرة في إقليم كردستان رفضا لسحب المرسوم.
وعشية القرار الجمهوري بعث لويس ساكو رسالة إلى رئيسي الجمهورية والحكومة العراقيين قال فيها ان "رئيس الجمهورية عبد اللطيف رشيد يحقق رغبة زعيم كتائب بابليون ريان الكلداني ولتكتمل هذه اللعبة القذرة عليه بتعيين إخوته وأقاربه والمقربين منه مسؤولين عن أوقاف الكنيسة".
وجاءت هذه التطورات لتؤدي الى تصاعد توتر داخلي بين المسيحيين أنفسهم وبالتحديد بين رئاسة الكنيسة وفصيل "بابليون" المسلح وهو ميليشيا مسيحية تعمل ضمن قوات الحشد الشعبي الموالية لإيران.
الفاتيكان يحتج
ومن جهتها عبرت سفارة الفاتيكان في العراق عقب لقاء الاثنين للرئيس العراقي عبد اللطيف رشيد مع القائم باعمال السفارة في العراق الأب تشارلز لوانغا سوونا عن الاسف لسحب الرئاسة المرسوم الخاص بساكو روفائيل.
وقالت السفارة في بيان تابعته "ايلاف" أن " السفارة الرسولية في العراق تأسف لسوء الفهم والتعامل غير اللائق فيما يتعلق بدور غبطة البطريراك مار لويس ساكو كوصي على ممتلكات الكنيسة الكلدانية بالإضافة إلى بعض التقارير المنحازة والمضللة حول هذه القضية والتي غالبًا ما تتجاهلها كشخصية دينية تحظى بتقدير كبير".
من هو المليشياوي ريان الكلداني؟
وبحسب تقرير لقناة الحرة تابعته "ايلاف" فقد أسس ريان الكلداني ميليشيا بابليون عام 2014 بهدفٍ معلن هو الدفاع عن القرى والبلدات المسيحية في محافظة نينوى الشمالية ضد تنظيم داعش الذي كان في ذلك الوقت يجتاح المحافظة ومحافظات عراقية أخرى.
ولد الكلداني عام 1989 وهو من زعماء الميليشيات الشباب والوحيد المسيحي الديانة لكن مجموعته انخرطت سريعًا بخروقات لحقوق الإنسان. وهو يخضع إلى عقوبات أميركية ضمن قانون ماغنتسكي منذ 2019 لقيامه بـ"انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان" وفقا لوزارة الخزانة الأميركية.
وبحسب الوزارة فإن مليشيا الكلداني قامت بنهب المنازل بشكلٍ منهجي في بلدة باطنايا الشمالية التي تكافح من أجل التعافي من حكم داعش الوحشي.. كما استولت على أراض زراعية وباعتها بشكل غير قانوني فيما اتهم السكان المحليون هذه المليشيا بتخويف النساء وابتزازهن ومضايقتهن.
وقد كان الكلداني مقربًا من أبو مهدي المهندس نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي العراقية الذي قُتِلَ بضربةٍ أميركية مطلع عام 2020 ويحتفظ بعلاقات جيدة مع قادة الحشد الآخرين الموالين لإيران.
التعليقات