إيلاف من لندن: قال الصليب الأحمر الدولي الأربعاء أنه في الوقت الذي يحتفي فيه العالم باليوم العالمي للمفقودين لا يزال عدد لا يحصى من العائلات في العراق تبحث عن أقربائها المفقودين وتنتظر الحصول على إجابات برغم مضي سنوات وعقود على اختفائهم.
ودعت اللجنة الدولية للصليب الأحمر في العراق جميع الأطراف المعنية الى تعزيز جهودها الرامية للتخفيف من معاناة العائلات "لأن الوقت لا يشفي الجروح ويمكن للإجابات فقط أن تساهم في مواساة العائلات".

هل هم مفقودين أم موتى؟
وأضاف الصليب الأحمر في بيان اليوم حصلت "إيلاف" على نصه أن هذه العائلات لا تعلم فيما إذا كان أحباؤها المفقودين لا يزالون على قيد الحياة أم في عداد الموتى وهي لا ترى نهاية لمعاناتها ولذلك فهي تمر بقدرٍ كبير من المعاناة على المستويين العاطفي والنفسي.
وأشارت الى أنه تُضاف إلى هذه المعاناة التحديات التي غالبًا ما تواجهها العائلات بسبب المصاعب المادية والاجتماعية لذلك فان لديها الحق في معرفة ما الذي حصل لأحبائها وهو حقٌ منصوص عليه في القانون الدولي الإنساني.

الأعداد الأكبر في العالم
وبين الصليب الاحمر ان عقودا من النزاعات المسلحة وفترات العنف المتتابعة في العراق قد خلفت أحد أكبر أعداد المفقودين في العالم إذ لا يزال مصير مئات الآلاف من الأشخاص مجهولًا وهنالك الكثير من العائلات التي تواصل البحث عنهم ويعيش الكثير منها في حيرة بسبب حالة عدم اليقين التي تحيط بمصير أقاربها المفقودين. وأوضح أن كل عائلة تضم مفقودًا لديها قصة تخبرنا بها فمثلا مازن، وهو فتى يبلغ من العمر 16 عامًا من الأقلية اليزيدية في سنجار يستذكر بألم قائلًا "كانت عائلتي سابقًا تتألف من ثمانية أخوة وأخت واحدة وفي عام 2015 إختفى أربعة من إخوتي ووالديّ وإبن أخي ولا أزال أفتقدهم كل يوم. لغاية الآن أبكي عندما أرى أطفالًا آخرين يقضون أوقاتًا جيدةً بصحبة والديهم."

ألم لا ينتهي
وقال أن "سنواتٌ مَضَت، والألم يلازم عائلات المفقودين ولكنها تظهر قدرًا عاليًا من التكيف مع هذا الوضع" فمثلاً آسيا، والتي تبلغ من العمر 47 عامًا من ناحية الصقلاوية، تمثل ذلك الأمل الذي لا ينتهي ففي عام 2016، إختفى أربعة من أخوتها وهذا ما ترك فراغًا كبيرًا في حياتها. واستدرك "لكن آسيا وجدت عزاءها، كما هو الحال مع نساءٍ آخريات عانين من خسارةٍ مماثلة، في برنامج المرافقة الذي تنفذه اللجنة الدولية للصليب الأحمر والذي يساعد العائلات على التكيف مع المصاعب العاطفية والاجتماعية ذات الصلة باختفاء أقربائها" وقد تحملت آسيا تدريجيًا دور المعيل لعائلتها واستطاعت لوحدها من تربية بقية أخوتها وأبناء أخوتها المفقودين وبذلك باتت مثالًا للقوة والإلهام في مجتمعها.

الاف الملفات للمختفين قسرا لم تحسم
وقال جان جيروم كازابيانكا، رئيس بعثة اللجنة الدولية للصليب الأحمر في العراق "إننا لا نحمل سوى الاحترام والتقدير للصلابة التي أظهرتها هذه العائلات ونحن ندرك حاجتها الماسة للحصول على إجابات".
واشار الى انه في النصف الأول من عام 2023، قدمت العائلات 994 طلبًا للبحث عن أقربائها المفقودين وقد جرى إيضاح مصير ومكان تواجد 171 شخصًا إلى جانب لم شمل 5 أشخاص مع عائلاتهم في خارج العراق ولدينا حاليًا 28,892 ملف فقدان لم يتم حسمه في العراق ومستمرون في دعم السلطات للمساعدة في انهاء معاناة العائلات على النحو الذي تستحقه".

دعم عمليات البحث
وأضاف أنه منذ عام 1991، كانت اللجنة الدولية للصليب الأحمر في الطليعة في مساعدة الأشخاص المفقودين وعائلاتهم في العراق من خلال أنشطتها والدعم المقدم الى الأطراف المعنية في مختلف المجالات وبما يساعد العائلات في عمليات البحث التي تجريها.
وأوضح أن اللجنة الدولية للصليب الأحمر تتبنى نهجًا متعدد الإختصاصات في تلبية احتياجات العائلات والذي يتضمن أوجه الدعم النفسي والنفسي-الاجتماعي والمادي والإداري كما تتعاون اللجنة كذلك مع السلطات العراقية في تعزيز الدور الذي تلعبه الجهات التحقيقية ودائرة الطب العدلي، وبما يسهل تحديد هوية الأشخاص المتوفين وإسترداد رفاتهم بينما يتم تحسين قدرات ادارة البيانات من أجل التعامل بشكل فاعل مع هذه القضية الملحة.

إيضاح مصير المختفين
وأوضحت اللجنة الدولية للصليب الأحمر في العراق أنها في عام 2022 قد تلقت 1,477 طلبًا من ذوي المفقودين للبحث عنهم وإيجادهم وقد ساعدتهم في إيضاح مصير 678 شخصًا من خلال دعم السلطات في عمليات البحث ومن خلال الأنشطة التي ننفذها مثل تبادل الرسائل المكتوبة بين المحتجزين وعائلاتهم.
وفي النصف الأول من عام 2023، قدمت العائلات 994 طلبًا للمساعدة في إيجاد ذويها المفقودين وقد جرى إيضاح مصير 171 شخصًا ولم شمل 5 أشخاص مع عائلاتهم في خارج العراق.
وتؤكد اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنها تدعم السلطات في عمليات البحث عن الأشخاص الذين فقدوا جراء الحرب العراقية – الإيرانية (1980-1988) وحرب الخليج عام 1991.
وأشارت اللجنة الى أنها في عام 2022 قد ساعدت في استعادة 236 مجموعة من الرفات البشرية من العراق وجرى تسليمها الى إيران و45 مجموعة من الرفات البشرية تم تسليمها الى العراق وفي النصف الأول من عام 2023، تسلمت إيران 71 مجموعة من الرفات البشرية وجرى تسليم 4 مجموعات من الرفات البشرية الى العراق.

تجاهل الضحايا السنة
وقد انتقدت مصادر عراقية تقرير الصليب الأحمر الدولي لتجاهله وعدم إشارته الى ضحايا المليشيات الموالية لإيران التي مارست خلال الاقتتال الطائفي في البلاد عامي 2007 و2008 مذابح ضد السنة من أبناء البلاد تكررت خلال عمليات المواجهة مع تنظيم داعش حيث كانت المناطق السنية في شمال وغرب البلاد ضحية ممارسات وحشسة ضدهم من خلال عمليات قتل وتغييب الالاف منهم.
ومع وجود ما يصل إلى مليون شخص يقدر أنهم كانوا ضحايا للاختفاء، بما في ذلك الاختفاء القسري على مدى العقود الخمسة الماضية، واستمرار الأزمة اليوم بذات الوتيرة فقد حثت لجنة الأمم المتحدة المعنية بحالات الاحتفاء القسري في تشرين الثاني/نوفمبر عام 2022 السلطات العراقية على وضع الأسس فوراً لمنع هذه الجريمة البشعة والقضاء عليها وإصلاحها.
وشددت على ضرورة أبعاد الاختفاء القسري في العراق بكافة أنواعه ونطاقه وعلى تدخل عاجل ومتضافر من جانب الدولة الطرف والبلدان المجاورة لها والمجتمع الدولي ككل.